بقلم : إقبال بركة

حرمت كورونا خلال العامين الماضيين معظم أطفال العالم من الذهاب لمدارسهم، ولن أنسى أول مدرسة التحقت بها، مدرسة "سان جورج" الفرنسية بشارع حمدى بالظاهر، كنت فى الرابعة من عمرى عندما خطوت خطوتى الأولى داخل المدرسة مع نيللى رفلة، جارتنا، فى نفس عمرى، كنا نقطن فى الدور العلوى لعمارة ضخمة من عمارات الأوقاف، وكانت عائلة نيللى تقطن فى الشقة المواجهة لشقتنا، لم نكن، أنا و نيللى، نفترق، كما كانت أمى وأمها، تانت بيللا، ترتبطان بصداقة وطيدة، كانت مدرسة" سان جورج" على بعد نصف كيلو من بيتنا، وكان "عم مصطفى" بواب العمارة يصطحبنى وجارتنا نيللى للمدرسة يوميا تنفيذا لاتفاق بينه وبين والدينا، قبل المدرسة كانت حياتنا، نيللى وأنا، معا، فما أن نصحوا، وبعد أن نتناول الإفطار حتى نسرع للطرقة التى تفصل بين الشقتين، طرقة فسيحة من الرخام الأبيض الفاخر يتوسطها شباك ضخم يطل على منور العمارة، ونظل نلعب عليها حتى يستدعونا لتناول الغداء، ثم نعود مرة أخرى لملعبنا الأثير فى الطرقة، ونفس الأمر كان يحدث بين شقيقينا محمد وتونى، إلا أنهما اختارا اللعب على سطوح البيت مع بقية صبيان العمارة، وهكذا خلت "الطرقة" للبنات، وعندما أرادت العائلتان أن يتخلصا من دوشتنا والصراخ الذى يصاحب لعبنا ومشاجراتنا، ألحقونا بأقرب مدرسة للبيت، "سان جورج"، وأذكر أن المدرسة كانت تتيح لنا حصة للنوم، وذلك بعد أن نصاب بالإجهاد جراء الصياح خلف "المدموازيل" بالكلمات والأغانى الفرنسية التى تلقنها لنا: فريرو جاكو دورمي فو سونى لا ماتينو، دين دان دو! بعد عام واحد افترقت عن نيللى، ولسبب لم أعرفه نقلنى والدى من "مدرسة سان جورج" والحقنى بمدرسة "المحبة القبطية" المواجهة لبيتنا، ثم نقلنى إلى "مدرسة السكاكينى الابتدائية" الخاصة،  قيل لى فيما بعد أن أحد المدرسين نصح والدى بإلحاقى بمدرسة ابتدائية عربية، بدلا من إضاعة سنوات في الحضانة الأجنبية، كانت مدرسة السكاكينى تقع في قصر كبير تحوطه حديقة بها عدة أشجار من التوت، وأهم شيء أن أختى التى تكبرنى بسبع سنوات كانت تدرس فى تلك المدرسة، ولأنني كنت متعلقة بأختى هذه فقد سعدت كثيرا بصحبتها فى المدرسة، ولكن.. بعد عام واحد تركت أختى المدرسة لتلتحق بالمدرسة الثانوية وعدت إلى "عم مصطفى" مرة أخرى، ورب ضارة نافعة، فقد خرجنا ذات يوم مبكرا من المدرسة، وبدلا من الانتظار في "الحوش" قادتنى قدماى إلى المبنى المجاور للمدرسة الذى كان مكتبة عامة كنت أتوق لاكتشافها، وفى هذه المكتبة بدأت علاقتى بالقراءة، وعشقى للأدب اللذين لازماني طوال حياتى.

المصدر: بقلم : إقبال بركة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 617 مشاهدة
نشرت فى 7 أكتوبر 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,804,707

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز