كتبت : سكينة السادات

كتبت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئتى السيدة نعيمة  54 سنة المدير العام بإحدى الشركات المصرية الكبرى التى قالت: إنها كانت مثالا للمرأة المحظوظة فقد نشأت فى بيت مليء بالحب والنجاح والهدوء وكان والدها ذا مركز مهم فى الدولة، ووالدتها ربة بيت ماهرة وهادئة وبشوشة ومبتسمة دائما، وأخواها تخرجا فى الجامعة وتزوجا زيجات ناجحة.

هكذا كانت هى التى تخرجت أيضا فى الجامعة وتزوجت من رجل طيب فى مركز مرموق وأثثا بيتهما على الحب والتفانى والمثالية ولم يكن يؤرقها سوى أنها بعد أن أنجبت ابنتها الوحيدة محاولة أن تجيء لها بأخ أو أخت لكن الأطباء فى مصر والخارج أكدوا لها استحالة الحمل والولادة مرة أخرى، وأكدوا لها أن إنجابها لطفلتها الوحيدة كان عبارة عن معجزة طبية، وقالت: أنجبت نعيمة وحمدت الله سبحانه وتعالى على ما رزقنا وشكرته لأنه لم يحرمني الأمومة، وكانت الابنة خير ابنة فقد نجحت بتفوق فى كل مراحل الدراسة والتحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لأنها رغبت فى أن تكون سفيرة لبلادها، وفعلا اجتازت امتحانات وزارة الخارجية وتفوقت وعينت بديوان الوزارة تحت التمرين وفى فترة التدريب رآها دبلوماسى شاب يعمل سكرتيرا أولا فى إحدى السفارات وأحبها وخطبها وتزوجا وكانت فرحة لا تعادلها فرحة، وأكملت ابنتى تدريبها وسافرت مع زوجها للعمل فى الخارج وكان أسعد خبر جاءنى منها أنها حامل، فقد خشيت أن أكون قد أورثتها )الرحم الطفيلى(، وكان يوم مولد ابنها الذى شهدته قمة فرحتى وسعادتى، ولما كان الدبلوماسيون يقضون أربعة سنوات فى الخارج وأربعة فى مصر فقد عانت ابنتى مع زوجها لقضاء فترة عملها فى مصر ومعهما الابن الصغير وإلى هنا كانت الأمور فى غاية الروعة حتى بدأت الكوارث ولما كانت الكوارث لا تأتى فرادى فقد توالت علينا المصائب، أستغفر الله العظيم فنحن راضون بما يرضيك يا رب!

lll

واستطردت السيدة نعيمة.. فى يوم أغبر يا سيدتى رن جرس التليفون فى البيت وكان يوم جمعة وجاء صوت ابنتى باكيا.. الحقينى يا ماما.. محمود زوجى أصيب فى حادث سيارة وهو فى الطريق إلى المسجد وهو الآن فى المستشفى! لا أدرى كيف ارتديت ملابسى ونزلت أنا وزوجى فى حالة هلع إلى المستشفى، وهناك قابلنا الطبيب وقال لنا البقاء لله الإصابة كانت فى الرأس والأمر لله، كانت مصيبة كبيرة ولا أستطيع أن أصف لك حال ابنتى التى كانت شبه تائهة لا تعى ما حدث فى شبه ذهول تنادى على زوجها وابنها، وكان عزاء كبيرا فقد جاء الوزير بنفسه ليعزى فى أحد موظفيه المحترمين وواسى ابنتى التى كانت فى حالة لا وعى، وقال كل الناس لابد أن تعرض على طبيب نفسانى، وفعلا قال إنها صدمة شديدة بالطبع وسوف تفيق منها، وأخذت ابنتى إلى بيتى وأخذت إجازة من عملى أنا وزوجى ولم تكن المشكلة فى ابنتى فقط فقد كانت فى ابنها الصغير الذى كان لا يأكل أو يشرب إلا من يد أمه كما تعود، وحاولنا أنا وجده أن نعوده علينا لكنه رفض بشدة مصمما على أن يقول )عاوز ماما بس(، والابنة المسكينة فى حالة بائسة وأنا وأبيها لا نعرف ماذا نفعل مع الطفل وسنه الآن أربع سنوات وعدة شهور ودموعى لا تكف عن الانهيار؟ واتضرع إلى ربى أن يرفع غضبه ومقته عنا وأن يهدى حفيدى، ولا أعرف ماذا أفعل له وقد أعيتنا الحيل مع الطفل الذى لايكف عن البكاء طالبا أمه التى ما زالت تعانى من صدمة وفاة زوجها المفاجئ وفى حالة انهيار عصبى كامل، ماذا أفعل يا سيدتى؟ لقد سلمت أمرى إلى الله وأخاف على الولد الصغير أن يصاب هو الآخر بحالة نفسية ولا أدرى ماذا أفعل؟

lll

يا سيدة عزيزة أولا، البقاء لله ولكل منا أجل مكتوب باليوم والساعة والدقيقة.. رأيى أن تخرجى بالحفيد إلى الحدائق والأماكن الجميلة ويكون معك غداء لك ولجده وغداء له وتأكلون أمامه وتحاولون أن تتعرفوا على أنواع اللعب التى يحبها وإن شاء الله يكون ذلك أمرا مؤقتا حتى يدخل الحضارنة ويندمج مع الأطفال الذين فى مثل عمره ومنهم يتعلم اللغة العربية ويصبح طبيعيا بإذن الله.

المصدر: كتبت : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 352 مشاهدة
نشرت فى 23 ديسمبر 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,926,072

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز