بقلم : إقبال بركة
تتواتر أخبار كثيرة حول تناقص عدد قراء الصحف فى مصر منذ عدة سنوات، وهو أمر مفهوم على مستوى العالم وبخاصة مع العدد الثابت للأميين، فالشخص الأمى لا يستطيع قراءة الصحف ولا لافتات الشوارع، أو الوصفات الطبية التى يكتبها له طبيب، ولن يحصل على فرصة عمل مجزى، ولا يمكنه أن يساعد أولاده فى إنجاز واجباتهم المدرسية، وإذا كان قد فاته الالتحاق بمدرسة فالسعى وراء لقمة العيش ومتاعب الحياة لن يتيحا له الوقت ولا الفرصة لتحسين مهارات القراءة لديه.
كانت القراءة الهواية الأولى لجيل الخمسينيات، وهوايتى التى بدأتها وأنا فى فكيت « مرحلة الدراسة الابتدائية، فما أن حتى بدأت أقلد والدى فى مطالعة » الخط الصحف، كنت أقرأ أى صحيفة بصرف النظر عن تاريخ صدورها، حتى لو تعثرت بها فى الشارع أو وجدتها تغلف سلعة ما.. ومن عشق القراءة انتقلت إلى الاطلاع فى الصحف أو الكتب أو المجلدات التى كان أبى يحتفظ بها، ولن أنسى ذلك الكتاب صغير الحجم ذى الغلاف الملون الذى تتصدره صورة من الذى كان ،» كتابى « التراث العالمى، سلسلة يصدره شهريا المترجم الأستاذ حلمى مراد من 1952 حتى أواخر الستينيات، عثرت على تلك السلسلة مدفونة فى تجويف كنبة بلدى فى غرفة المعيشة مع كتب ومجلدات أخرى، وكانت بمثابة مغارة على بابا المليئة بالذهب والماس والياقوت من روائع الكتب الخالدة مدام « و » مرتفعات وذرنج « و » د زيفاجو « مثل ..» الحرب والسلام « و » جين اير « و » بوفارى إلخ، كنت فى بداية عمر الصبا والشباب، وكم من ساعات أمضيتها فى قراءة كتب تلك السلسلة الرائعة! لذلك أتمنى أن يحظى بمتعة القراءة كل إنسان فى العالم، إن الدولة تبذل حاليا مجهودات كبيرة لحل مشكلة الأمية، وكل مجهوداتها ستذهب سدى مع التزايد المطرد لعدد المواليد ما لم تحل مشكلة الأمية نهائيا، فلماذا لا نستفيد من تجربة الهند؟ وقد قرأت مؤخرا أن الحكومة الهندية استطاعت أن تمحو أمية نحو 400 مليون أُمي من مواطنيها، علما بأن اللغات الرسمية الهندية يبلغ عددها 22 لغة، الطريقة بسيطة جدا ويمكن البدء بها فورا فهى غير مكلفة ولا تتعارض مع جهود محو الأمية الحالية، فى عام 2002 بدأ تنفيذ التجربة فى التليفزيون الوطنى الهندى فى برامج أسبوعية مدتها 30 دقيقة تذيع الأغانى الهندية الشهيرة لمطربين مشهورين، فيسمع المشاهد أغانيه المفضلة ويشاهد فى نفس الوقت كلماتها وباللغة التى تغنى بها، وهكذا تعلم منها الأميون الذين يتابعون البرنامج بشغف، بعض تلك البرامج كانت تبث 10 مرات أسبوعيا، وقد يتم بث الحلقة الواحدة مرتين أحيانا، مما يتيح للمشاهد الفرصة لمشاهدة الأفلام التى عرضت كلمات أغانيها على الشاشة 30 مرة فى الأسبوع، وهذا التكرار بالطبع يساعد فى تعلم الكلمات، وأظهرت نتائج الدراسة أن القارئ المبتدئ الذى يشاهد الأغانى المصحوبة بعرض الكلمات نصف الساعة أسبوعيا سيتمكن من قراءة الصحف فى غضون 3 إلى 5 سنوات، وقد زاد عدد قراء الصحف من بين مشاهدى تلك البرامج من 34 فى المائة إلى نحو 70 فى المائة، هذه فكرة أطرحها.
ساحة النقاش