إشراف: إيمان عبدالرحمن - سمر عيد - أميرة إسماعيل - نهى عبدالعزيز - جلال الغندور- أمانى ربيع - هدى إسماعيل
يمر الإنسان بعلاقات كثيرة عاطفية أوصداقة تستنزف عمره ووقتهدون أن يدريليكتشف بعد مرور الوقت أنها أضرته أكثر مما نفعته،وفي عيد الحب نناقشمدى صحة علاقاتنا مع الآخر، نقيمها ونرىجدواها لتظهر العديد من الأسئلة،كيف نتخلص من العلاقات السامة خاصة العاطفية منها؟ ومتى يمكن أن نمنح الطرف الآخر فرصة أخرى كي يصحح مساره؟ ومتى نقول لمن يستنزفونها عاطفيا ارحلوا عفوا لقد نفذ رصيدكم؟
تساؤلات عديدة طرحتها "حواء" على د. داليا محفوظ ، الكاتبة وخبيرة التنمية البشرية والعلاقات الأسريةفى هذا الحوار.
بداية في عيد الحب كيف تعرف حواء الحب الحقيقي من المزيف وتقرأ مسار أية علاقة عاطفية؟
الحب الحقيقي هو تلك المشاعر الجميلة التي يشعر بها الشخص من انجذاب واهتمام للطرف الآخر دون سبب معين أو مصلحة مادية، والحب مهم للجميع رجالا ونساء،شبابا وشيوخا،والإنسان بلا حب يشعر أنه لا قيمة له في الوجود،والحب الحقيقي هو الذي يقوم على مبدأ الأخذ والعطاء،فلا نجد طرفا في العلاقة العاطفية الحقيقية يعطي فقط وآخر يأخذ،بينما يظهر الحب المزيف جليا لمن يريد أن يراه من خلال أنانية طرف دون الآخر،وحب الامتلاك والسيطرة وقهر وإجبار طرف على تنفيذ أوامر وطلبات الآخر،وفي الحقيقة هناك علاقات سامة كثيرة في حياتنا فعلى حواء أن تتخلص منها،فسيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال: "اعتزل ما يُؤذيك، وعليك بالخليل الصالح وقلّما تجده، وشاور في أمرك الذين يخافون الله"، ولم يقل اصبر على ما يؤذيك،ويمكن لحواء أن تقرأ مسار هذه العلاقة من خلال تصرفات الطرف الآخر معها،فالذي يحب شخص لايسعى لتدميره ولا يقف أمام طموحاته،ولا يقهره فالشخص الذي يحبني بصدق ببساطة هو الذي لن يدخر وسعا لعمل كل ما يجعلني سعيدة.
هل لعبت النظرة الاجتماعية للفتاة غير المتزوجة أو المرأة المطلقة أو الأرمل دورا في جعل حواء تتحمل علاقات سامة كي تتزوج أو تبقي على زواج غير ناجح؟
النظرة الاجتماعية في العالم العربي للمرأة غير المتزوجة نظرة غير منصفة،ومن الخطأ الكبير أن أربط سعادتي بطرف آخر أو بزواج،ومن الواجب أن أسعد أنا نفسي وأن أحبها وأحترمها وأحقق ذاتي حتى أجد فعلا شخصا يحبني بصدق،وعلى حواء ألا تقدم تنازلات حتى تتزوج سواء كانت تتعلق بمستقبلها وعملها وطموحاتها أو كانت تتعلق بكرامتها الإنسانية،كمن تتقبل الإهانة والضرب وتقليل الطرف الآخر من شأنها حتى ترتبط أو تتزوج.
كيف نربي أبناءنا وبناتنا على اختيار العلاقة العاطفية الجيدة الصحيحة وألا يستنفزوا عاطفيا؟
هناك شباب وفتيات كثر يقعون ضحايا علاقات عاطفية خاطئة بناء على استعجالهم لخوض تجربة الحب في حد ذاتها،فمن الممكن ألا تحب الفتاة فعلا هذا الشخص لكنها تود أن تعيش تلك المشاعر لأن الحب يمنح الإنسان ثقة بنفسه ويجعله يشعر بالسعادة،لكن علينا أن نعلم الفتيات والشباب أن صورة فتى الأحلام أو فتاة الأحلام عادة لا تكون متطابقة مع الأشخاص العاديين الذين نقابلهم في الحياة،وأن علاقة الحب لابد أن تكون تبادلية،والإنسان البخيل عاطفيا وماديا أو الذي يحب نفسه بطريقة مبالغ فيها تصل إلى درجة الأنانية لا يصلح للحب ولا الارتباط.
كيف نقيم علاقة عاطفية متوازنة؟
هناك ثلاث قواعد أساسية للحب وهي الاحترام والصدق والثقة،فالاحترام من أكبر رابط بين الطرفين فقد تتعرض علاقة الحب لهزات عنيفة يمكن أن تدمرها لكن إذا فقدت علاقة الحب الاحترام فإنه لا يمكن إنعاشها مرة أخرى لأن الأمر لن يتعلق بالحب بل بالكرامة،والصدق مهم جدا لأن المصارحة والمعاتبة بطريقة لطيفة ولفت نظر الطرف الآخر أن بعض تصرفاته لاتعجبني تجعله يعرف مايضايقني وما يجعلني سعيدة، كما أن الثقة مهمة جدا فلا توجد علاقة حب بلا ثقة فإذا لم أثق بالطرف الآخر فلن تنجح العلاقة.
هل يوجد دلائل على علاقة الحب المتوازنة؟
العلاقات المتوازنة هي التي لايوجد بها طرف يود أن يسيطر على الطرف الآخر ويصادر تفكيره ويجعله تابعا له في كل شيء،وهي العلاقة التي تعطي فرصة ومساحة شخصية للطرف الآخر كي يعبر عن نفسه وأحاسيسه وغضبه ومخاوفه،إنها ببساطة كالمرآة التي أتعرف من خلالها على مميزاتي وعيوبي،ويكون للطرف الآخر حق قبول هذه العيوب أو رفضها لأن الكذب في العلاقة العاطفية عمره قصير جدا وسينكشف كل شيء بعد الزواج.
ما الذي يمكن أن يتوهمه الشخص في العلاقات العاطفية، وكيف يمكن أن تؤثر هذه الأوهام عليه؟
سراب العلاقات العاطفية يمكن أن يقودنا إلى الخراب وتدمير العلاقة برمتها حتى بعد الزواج ،ومن بين هذه الأوهام تخيل طرف أنه يمكن أن يغير في شخصية وطبيعة وسلوك الطرف الآخر بعد الزواج،لأن طباع الشخص لا تخرج من شخصيته إلا بخروج روحه من جسده، وكذلك ارتفاع سقف التوقعاتفى الشريك فبعض الفتيات عندما يخبرها خطيبها أنه سيشتري لها هدية تتوقع أن هذه الهدية ستكون سيارة أو مجوهرات غاليةوإذا خذلها تنشب الخلافات.
وما علامات العلاقات العاطفية السامة؟
هناك سمات واضحة وظاهرة للعلاقات السامة التي لن تكتمل بأية حال من الأحوال،ومن أشهر العلاقات السامة ابتزاز طرف للآخر عاطفيا واستغلال نقاط ضعفه لتحقيق مكاسب مادية، كعدم السماح له بالتحدث بحرية والتعبير عما بداخله، وإلقاء كافة المسئوليات الحياتية عليه، والقهر وعدم الاحترام والكذب المتكرر، والغيرة من نجاحه في عمله أو علاقاته الاجتماعية، وشعور طرف بالخوف وعدم الأمان من الطرف الآخر، والسعي لهدم كيان الشخص الآخر وذوبان شخصيته في شخصيتي،بالإضافة إلى النقد اللاذع المدمر الذي من شأنه أن ينقص من الطرف الآخر ولا يصلحه، وإشعاره أنه كمية مهملة وأن وجوده في حياتي كعدمه.
وما العلاقات التي تستحق أن نمنحها فرصة أخرى؟
هي العلاقة التي تنشأ من زواج وسيكون هناك أطفال متضررين من الانفصال،أو التي سيترتب عليها تدمير لي أو لأبنائي سواء ماديا أو معنويا،لكن على حواء ألا تظل تحارب كثيرا من أجل إنجاح علاقات تستهلك طاقتها العصبية والنفسية والمادية لأن نتيجة هذه الحرب قد تكون صعبة الاحتمالفيما بعد،وقد تصدر من النساء ردات فعل قد تصل إلى حد الجرائم في بعض الأحيان نتيجة الصبر على علاقات سامة لفترة طويلة.
ساحة النقاش