بقلم : ابراهيم شارود
هى نور الهدى محمد سلطان الشعراوي، ولدت سنة ( 1879- 1947) ولها دور مهم في مجال حقوق المرأة ومؤسسة الاتحاد النسوي المصري،وتنتمي إلى الجيل الأولالذي ضم أيضا شخصيات بارزة أخرى في تلك الفترة مثل: نبوية موسى, وعديلة نبراوي وغيرهما.
والدها هو محمد سلطان باشا الذي أصبح لاحقًا رئيسًا لمجلس النواب المصري الأول في عهد الخديوي توفيق، أما والدتها "إقبال هانم" فكانت من أصول شركسية، نشأت هدى مع أخيها عمر في منزل والدها في القاهرة،وتلقت تعليمها في سن مبكرة، وتوفي والدها بالنمسا وكان مسافرا إليها للعلاج, وكانت تبلغ من العمر 5 سنوات آنذاك.
ونظراً لانتماء أسرتها للطبقة العليا فقد تلقت هدى خلال نشأتها دروسًا منزلية على يد معلمين كإضافة ثانوية لوجود شقيق ذكر، كما كان بإمكانها حضور دروس في اللغة العربية والتركية والفرنسية والخط والبيانو، وحفظت القرآن في سن التاسعة وهو إنجاز غير مسبوق لفتاة، ومنذ مرحلة التفرقة الجنسية.
عاشت هدى مع والدتها إقبال هانم التي كانت شابة صغيرة السن وضرتها حسيبة تحت وصاية ابن عمتها علي شعراوي والذي أصبح الواصي الشرعي والوكيل على أملاك أبيها المتوفي، وهى فى سن الثانية عشر رتبت خطبتها لابن عمتها والواصي عليها علي شعراوي الذي يكبرها بما يقارب الأربعين عاما، وقد كانت فكرة الزواج منه تقلقها بعمق خاصة بسبب دوره المزيف كوالي أو أخ أكبر وكونه متزوجا ولديه ثلاثة أبناء ما دعاوالدتهاإلىاشتراط أن ينص عقد الزواج على كونه أحادياً, أي ألا يكون زوج ابنتها متزوجاً من أخرى وإلا يعتبر العقد لاغياً تلقائيا، وقد غيرت لقبها بعد الزواج من هدى سلطان إلى هدى "شعراوي" تقليدا للغرب، لكن بعد عام تبين أنه قد عاد لزوجته السابقة فانفصلت عنه هدى في عمر الرابعة عشر بعد.
أتاح انفصالها الفرصة لها لاستكمال دراستها للفرنسية وتوسيع دائرة أصدقائها ومعارفها المحدودة،حيث التقت هدى بثلاث نساء كان لهن تأثير كبير في حياتها هن عديلة نبراوي, وهي صديقة مصرية كانت تصاحبها في النزهات، وعطية سقاف, تركية من أقرباء والدتها، وأوجيني لو بران, سيدة فرنسية تكبرها سنًا ومتزوجة رجل من الأثرياء عين لاحقاً رئيساً للوزراء, وقد أصبحت لو بران صديقة لهدى ومرشدة وأم بديلة وقوة نسوية في حياتها.
استردت شعراوي حياتها الزوجية عام 1900 في عمر الثانية والعشرين تحت ضغط من أسرتها ورزقت هدى بابنتها بثينة وابنها محمد ووهبت لهما حياتها لعدة سنوات بعد المعاناة التي قاستها إثر وفاة والدتها وشقيقها، وصلت حياة هدى شعراوي إلى نقطة تحول حيث واصلت اهتماماتها الخارجيةونجحت وغيرها من النساء المصريات من الطبقتين العليا والوسطى في أن يصبحهن رائدات في تأسيس الجمعيات الخيرية والخدمة العامة لمساعدة المحتاجين من النساء والأطفال.
قامت هدى برحلتها الاستشفائية بأوروبا بعد زواجها وانبهارها بالمرأة الإنجليزية والفرنسية في تلك الفترة للحصول على امتيازات للمرأة الأوروبية, وهناك تعرفت على بعض الشخصيات المؤثرة التي كانت تطالب بتحرير المرأة, وعند عودتها أنشأت شعراوي مجلتها التى طالبت خلالها بتحرر المرأة ونشرت وصديقتاها آراءهن النسوية في كتب ومقالات في الصحف الرائدة.
في سن الأربعين قررت شعراوي كسر التقاليد وتحدثت لإحياء ذكرى الأيقونة النسوية ملك حفني ناصف (باحثة البادية) التي توفت فجأة وذلك خلال حدث كان بمثابة تأبين نسوي,وأسس زعماء الحركة الوطنية الوفد المصري للمطالبة بالاستقلال،وعندما تم ترحيل سعد زغلول ونفيه عملت شعراوي بجانب زوجها الذي عين نائباً لرئيس الوفد في الكفاح الوطني من خلال حشد شبكة النساء والمساعدة في تنظيم أكبر مظاهرة نسائية مناهضة لبريطانيا والتى تمخضت عنها ثور 1919.
تم تأسيس الاتحاد النسائي المصري وانتخبت هدى شعراوي رئيسة له إلا أن الحركة واجهت انتكاسة عندما تجاهل الدستور المصري الصادر عقب الاستقلال دور النساء في الكفاح من أجل التحرير وقصر ممارسة الحقوق السياسية على الرجال المصريين, وقد عبرت شعراوي عن خيبة الأمل التي شعرت بها هي وباقي النساء جراء الوعود التي قطعها الرجال الوفديون خلال الكفاح من أجل التحرر ولم يوفوا بها أدى ذلك إلى انطلاق الاتحاد النسائي المصري في مرحلة جديدة للمطالبة باسترداد الحقوق الضائعة للمرأة المصرية.
وعملت شعراوي على الجمع بين نساء الحركة النسوية والتأكيد على المشاركة السياسية للمرأة والتضامن بين الرجال والنساء في الدفاع عن القضية الفلسطينية.
ساحة النقاش