سكينة السادات 

يا بنت بلدى أربكتنى وأحزنتنى دموعها المنهمرة كالسيل الهادر، وكلماتها التى توجع القلب! أبسطها قولها: أصاب بالشلل والانهيار عندما ينصحنى أحد معاداة أعز الناس إلى قلبى.. ولكن وبعد أن جربت كل الحيل واستعنت بكل من له رأى وكلمة فى عائلتى بلا حدود لمدة ست سنوات والآن أدرى ماذا أفعل؟

واستطرد قالت قارئتى حنان 42سنة: حكايتى تبدأ بأننى من أسرة متوسطة الحال, أبى -رحمة الله عليه-  كان موظفا حكوميا وأمى ربة بيت متوسطة التعليم تقرأ الصحف اليومية وتعلق على الأحداث وتناقش أبى فى السياسة ومجريات الأمور, وكان من الذائع عنها أنها طاهية ماهرة وربة بيت لا نظير لها فى تربية أولادها الثلاثة, فضلا عن مهاراتها فى النظافة وإضفاء المظهر الراقى على بيتنا البسيط المستور! وأخى الكبير محمود يكبرنى بخمسة أعوام وجئت أنا بعده ثم جاءت أختنا الصغيرة إيمان, وبفضل الله سبحانه وتعالى استطاع والدى أن ينفق علينا حتى أكملنا نحن الثلاثة تعليمنا الجامعى, فتخرج أخى الكبير محمود مهندسا, وتخرجت أنا فى كلية الآداب وعملت مدرسة بمدرسة إعدادية, أما أختى إيمان فقد تخرجت فى كلية التجارة وسوف أحكى لك الأحداث بالتسلسل الذى جرت به.

واستطردت السيدة حنان.. سارت بنا الحياة كأحلى ما تكون فى ظل أب محترم وأم محترمة يكرسان حياتهما لأولادهما, وعندما سافر أبى فى إعارة إلى دولة خليجية شقيقة عاد بعد ست سنوات بثروة اشترى بها قطعة أرض مبانى وخمسة أفدنة, وأشرف هو وأمى على بناء عمارة صغيرة خصص فيها ثلاث شقق لأولاده والباقى قام بتأخيره بإيجارات مناسبة فقد كان البناء آية فى الجمال والموقع فى حى المهندسين الراقى, اعتبرنا الناس من الموسرين, أما علاقتنا كإخوة فقد كانت مضرب الأمثال! أخي محمود المهندس آية فى الطيبة والخلق الكريم, فكان وهو طالب بالجامعة يوخر من مصروفه ويشترى لى أنا وأختى كل ما نريده من كماليات, وكان هو الذى يصحبنا إلى الطبيب إذا مرضنا وكان حنانه وطيبته تفوق الحد حتى أننا كنا نعتبره والدنا الثانى وكان حبه نادرا لأمنا  فقد كان هو الذى يعطيها الدواء بنفسه ويقوم بالإشراف على صحتها وراقها بنفسه ونفس الشىء مع أبى الذى أوكل إليه بالإشراف على أملاكه التى اقتناها بعد عودته من الإعارة ومنها العمارة التى كانت كلها تحت اسم أبى حتى وفاته رغم تخصيصه الشقق الثلاث لأولاده, وكانت هناك أرض زراعية حوالى خمسة فدادين فى قريتنا بمحافظة الشرقية كان أخى محمود الطيب المحترم يقدم بكل العمل بالإضافة إلى عمله بشركة المقاولات الكبيرة التى التحق بالعمل فيها, وكان يدير كل شىء بنزاهة وحكمة ويأخذ رأى أبى وأمى قبل أن يتصرف فى أى أمر من الأمور حتى كانت الفاجعة الكبيرة بوفاة أمنا فجأة بسكتة دماغية إثر ارتفاع فى ضغط الدم, وبعدها بشهر واحد مات أبي حزنا عليها, وقبل وفاة أبى وأمى كنت قد تم زواجى من مدرس زميل لى بالمدرسة التى كنت أعمل بها, وكان ولا يزال نعم الزوج أدبا وخلقا, وأنجبنا طفلين وكنا قد اجتمعنا أنا وزوجى على نبذ إعطاء الدروس الخصوصية وبناء أسرتنا بمجهودنا الخاص واعتبار فلوس الدروس الخصوصية فلوس حرام وابتزاز لخلق الله دون وجه حق, وقام أخى محمود أكرمه الله بتجهيزى من الألف للياء وفعل نفس الشىء مع أختى إيمان, وكان ينفق  راتبه مع إيراد الأرض والعمارة لتجهيزنا وشراء كل ما يلزمنا وإبقاء بيت الأسرة مفتوحا كما كان فى حياة أبى وأمى, وسافرت أختى مع زوجها للعمل والإقامة فى الخارج وظل أخى محمود يرفض الزواج حتى يوفر لنا كل متطلباتنا لكننا أصررنا وجلسنا معه وطلبنا منه أن يكمل نصف دينه وألا يرم نفسه أكثر من ذلك وعليه تكوين أسرة, وفعلا بحثت له خالتى عن عروس مناسبة واهتدت إلى فتاة من أسرة مضاهية لأسرتنا ولم يعارض أحد بل فرحنا لأخى كثيرا, ولكن كانت المفاجأة الأليمة بعد زواجه بعدة شهور! الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية.

المصدر: سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 922 مشاهدة
نشرت فى 22 مايو 2023 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,593,636

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز