نهى عبد العزيز
إن الواجـــب الوطني والمسئولية
تحتم علينا أن نسرع الخطى في تمكين المرأة، والحفاظ على حقوقها ووضعها في المكانة التي تليق بقيمتها وقدراتها وتضحياتها على مدار التاريخ ،التزاماً بالدستور المصري الذي يعبر عن إرادة الشعب المصري والذي رسخ قيم العدالة والمساواة، وإعمالاً لما جاء به من مبادئ تكافؤ الفرص، وما كفله للمرأة مـن حقـوق، واتساقاً مع رؤية مصر 2030، واستراتيجيتها للتنمية المستدامة التي تسعى لبناء مجتمع عادل، يضمن الحقوق والفرص المتساوية لأبنائه وبناتـه من أجل أعلى درجات الاندماج الاجتماعي لكافة الفئات، وإيماناً من الدولة المصرية، بأن الاستقرار والتقدم لن يتحققا إلا من خلال ضمان مشاركة فاعلة للمرأة في كافة أوجه العمل الوطني، وفي إطار إعلان عام 2017 عاماً للمرأة فإننى قررت تكليف الحكومة وكافة أجهزة الدولة والمجلس القومي للمرأة، باعتبار استراتيجية تمكين المرأة 2030 هي وثيقة العمل للأعوام القادمة لتفعيل الخطط والبرامج والمشروعات المتضمنة في هذه الاستراتيجية.
هكذا جاءت كلمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الاحتفال بالمرأة المصرية عام 2017، لتشهد المرأة إنطلاقا جديدا نحو تحقيق المزيد من حقوقها من خلال استراتيجية وطنية تعنى بتمكينها على كافة المحافل كما نتعرف على هذا تفصيليا.
ارتكزت رؤية الاستراتيجية على أن تصبح المرأة المصرية فاعلة رئيسية في تحقيق التنمية المستدامة بحلول عام 2030 في وطن يضمن لها كافة حقوقها التي كفلها الدستور، ويحقق لها حماية كاملة ويكفل لها - دون أي تمييز - الفرص الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تمكنها من الارتقاء بقدراتها وتحقيق ذاتها، ومن ثَم القيام بدورها في إعلاء شأن الوطن.
ويتطلب تحقيق رؤية وأهداف الاستراتيجية العمل على أربعة محاور «التمكين السياسي وتعزيز الأدوار القيادية للمرأة - التمكين الاقتصادي - التمكين الاجتماعي - الحماية»، وتعكس تلك المحاور الأهداف التفصيلية لرؤية مصر 2030 المتعلقة بتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وكذلك أهداف التنمية المستدامة، كما راعت محاور استراتيجية المرأة تغطية كل أهداف التنمية المستدامة سواء الهدف الخامس الخاص بالمساواة بين الجنسين أو تلك التي تضم غايات تتعلق بوضع المرأة.
التمكين السياسي
استندت الاستراتيجية إلى المادة الـ «11» من الدستور والتى نصت على أن «تعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً في المجالس النيابية »، وتتمثل أهداف هذا المحور فى تحفيز المشاركة السياسية للمرأة بكافة أشكالها بما فى ذلك التمثيل النيابى على المستويين الوطنى والمحلى، ومنع التمييز ضد المرأة فى تقلد المناصب القيادية فى المؤسسات التنفيذية والقضائية وتهيئة النساء للنجاح فى هذه المناصب.
وحددت الاستراتيجية عدد من التدخلات للوصول لهذا بينها تعزيز دور المرأة كناخبة، وزيادة تمثيلها في المجالس النيابية المنتخبة، ووضع برامج لمساندة المرشحات لمجلس النواب بصورة تساعدهن على كسب ثقة الناخبين؛ ومساندة النائبات في ممارسة أعمالهن البرلمانية، بجانب زيادة فرص توليها لمناصب قيادية في الهيئات القضائية ووضع المعايير لاختيار المرشحين لتولي تلك المناصب تتجنب التمييز ضد المرأة وتضع الأولوية للكفاءة؛ وتدريب القاضيات بصورة مكثفة لمساندتهن في تولي المناصب القضائية العليا، بالإضافة إلى زيادة تقلدها للمناصب القيادية في الأجهزة التنفيذية، مع التخطيط للتوسع فى تولى المرأة لمنصبي المحافظ ونائبه من خلال وضع برامج متكاملة للقيادات النسائية الشابة لإعدادهن لتولي المنصب وتدريبهن على القيام بمهامه، واستكمال وحدات تكافؤ الفرص في الوزارات والهيئات العامة وقطاع الأعمال والمحليات، ودعوة الهيئات القضائية والقطاع الخاص لإنشاء مثل هذه الوحدات.
المحور الاقتصادي
يهدف هذا المحور إلى معالجة العوامل المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة المصرية بشكل جذري وتنمية قدراتها لتوسيع خيارات العمل أمامها وزيادة مشاركتها فى قوة العمل وتحقيق تكافؤ الفرص فى توظيف النساء فى كافة القطاعات بما فى ذلك الخاص وريادة الأعمال.
وكان تطوير سياسات الاستثمار الاقتصادي ونظم الإدارة والتمويل فى مقدمة محددات الاستراتيجية لتحقيق التمكين الاقتصادى للمرأة بالإضافة إلى تطوير سياسات لضمان التزام القطاع الخاص بتمثيل مناسب للمرأة في مجالس إدارات الشركات؛ والاهتمام بتنوع القطاعات الاقتصادية المتوطنة بالمحافظات، وتفعيل السياسات والإجراءات التي تشجع النساء على إقامة مشروعاتهن الخاصة؛ والتوسع في خدمات تنمية الأعمال الموجهة للمرأة، وتوفير الخدمات المالية لمبادرات تشجيع الادخار والإقراض الجماعي للنساء؛ وتطوير الخدمات المالية المصرفية وغير المصرفية الموجهة للمرأة وتعريف النساء بها وتسهيل حصولهن عليها.
كما حددت الاستراتيجية ضرورة حماية حقوق المرأة العاملة وتقديم الخدمات المساندة، وتفعيل القوانين التي تحمي المرأة العاملة وتضمن حقوقها فيما يتعلق بساعات العمل والإجازات والمساواة مع الذكور في الأجر لاسيما في القطاع الخاص؛ وتوفير الخدمات المساعدة للمرأة العاملة وفقاً للمادة 11 من الدستور، مثل توفير خدمات رعاية الأطفال (وقت لرضاعة الأطفال والحضانات) وتحقيق الحماية لها داخل وخارج بيئة العمل.
المحور الاجتماعي
استهدفت الاستراتيجية فى هذا المحور تهيئة الفرص لمشاركة اجتماعية أكبر للمرأة وتوسيع قدراتها على الاختيار ومنع الممارسات التى تكرس التمييز ضد المرأة أو التى تضر بها سواء فى المجال العام أو داخل الأسرة، والمساندة القانونية وتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية ومساندة نوعية لبعض الفئات الخاصة.
أما عن التدخلات التى حددتها الاستراتيجية لتنفيذ هذا المحور فتمثلت فى إنشاء شبكة من مكاتب تقديم الاستشارات والخدمات القانونية، وتفعيل دور مكاتب الشكاوى التابعة للمجلس القومي للمرأة لتصبح قناة اللجوء الأولى للمرأة لحل مشكلاتها، بالإضافة إلى تطوير نظم للحوافز الاجتماعية لتشجيع السيدات لتنظيم الإنجاب مع المباعدة بين الولادات حفاظاً على الأم والطفل؛ بالإضافة إلى خدمة المرأة المسنة وتطوير الخدمات الصحية المقدمة لها وتوفير البيئة الملائمة لحياتها، إلى جانب تعزيز الخدمات للسجينات من خلال تقديم الرعاية الصحية اللازمة للسجينات، خاصةً كبار السن منهن؛ تسهيل إجراءات رؤية السجينات لأبنائهن خاصةً لمن لديهن أبناء أقل من 15 سنة، إلى جانب العمل علىمواجهة مشكلة الغارمات.
محور الحماية
هدفت الاستراتيجية فى هذا المحور القضاء على الظواهر السلبية التى تهدد حياة المرأة وسلامتها وكرامتها وتحول بينها وبين المشاركة الفعالة فى كافة المجالات بما فى ذلك كافة أشكال العنف ضدها، وحمايتها من الأخطار البيئية التى قد تؤثر بالسلب عليها من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية.
وحددت الاستراتيجية عدد من التدخلات من أجل حماية المرأة من بينها الحد من التحرش من خلال تفعيل القوانين الرادعة ضد التحرش بالمرأة والذي يمتهن كرامتها؛ ونشر قوات الشرطة النسائية التي تعمل على رصد ومنع حالات التحرش بصورة أكبر في مناطق التجمعات، وتعزيز استخدام المرأة التي تتعرض لهذا التجاوز لحقها القانوني في ملاحقة المتحرشين وزيادة الدعم المقدم لها في أقسام الشرطة؛ وتعزيز التنقل الآمن للمرأة، وتعزيز حقوق المرأة والأسرة فى قوانين الأحوال الشخصية من خلال تعديل قوانين الأحوال الشخصية بما يحفظ حقوق المرأة ويضمن المصلحة الفضلى للأسرة، وتطوير كافة محاكم الأسرة بما يتناسب واحتياجات المرأة وخاصةً ذوات الإعاقة، وإنشاء آلية وطنية للتنفيذ الفوري لأحكام النفقات الخاصة بالمرأة ومن في حضانتها، والتوسع في إنشاء مكاتب المساعدة القانونية للمرأة الملحقة بمحاكم الأسرة، من أجل ضمان مساندة فعالة لحصول المرأة والأسرة على حقوق ما بعد الطلاق.
وكل هذه المحاور تحققت بالفعل على أرض الواقع ومازال المزيد منها والمزيد من المكتسبات تحصل عليها المرأة على أرض الواقع.
ساحة النقاش