ابتسام أشرف

يبدأ التوتر مع موسم الامتحانات، والطلاب يهموا في البحث عن طرق المذاكرة المثالية، وغالبًا ما يلجئون إلى أساليب تبدو فعالة لكنها في الواقع قد تكون مضللة أو مضرة نفسيًا وجسديًا، وفي هذا التحقيق نستعرض أبرز الأخطاء التي يقع فيها الطلاب خلال فترة الامتحانات، مدعومة بآراء طالبة وطالبات وخبراء في الطب النفسي والتربية.

فى البداية تقول نرمين السيد، طالبة بكلية الآداب: إن المذاكرة مع صديقاتى كانت في البداية حماسية لكننى لاحظت تراجع تركيزى، كنا نضيع الوقت في تبادل القصص أو محاولة شرح المفاهيم لبعضنا، لذا عدت إلى المذاكرة بمفردى واستعدت تركيزى وتحسن تحصيلى الدراسى.

ويرى أحمد طه، طالب بكلية التجارة أن المذاكرة الجماعية مفيدة فقط في بعض المواد، لكنه يحذر: "لو المذاكرة مع ناس مش بنفس مستواك أو مش ملتزمين، بتضيع وقتك بدل ما تذاكر".

وتحذر هبة مصطفى، طالبة بالصف الثالث الثانوي من عادة "الانتقاء"، حيث يختار البعض فصولًا بعينها يظنون أنها الأهم ويهملون الباقي، وتقول: ذاكرت زميلتى نصف المنهج معتقدة أن الامتحان لن يأتى من المقرر كاملا وكانت النتيجة أنها ندمت على عدم مذاكرتها.

ويوافقها الرأي سعيد حمدي، طالب بالفرقة الثانية بكلية الهندسة ويقول: في بداية سنوات الجامعة كنت ألجأ لتلك الحيل، لكننى سرعان ما تفاجأت في لجنة الامتحان أن ما تركته دون مذاكرة هو محل الامتحان.

السهر .. نتائج عكسية

السهر عادة شهيرة في موسم الامتحانات، لكن آثاره النفسية والجسدية لا تُغتفر، وهذا ما تعترف به فاطمة الزهراء عبدالجليل، طالبة بكلية الحقوق وتقول: كان من عادتى فترة الامتحانات السهر حتى الـ 5 فجرا، وهو ما كان يصيبنى بالإرهاق وعدم القدرة على التركيز، لذا أحاول الآن الاستيقاظ مبكرا حتى لا أضطر إلى السهر ليلا فهو مرهق ذهنيا وجسديا.

ويوافقها الرأي محمد أيمن، محاسب ويؤكد من خلال تجربته فى المرحلة الجامعية أن السهر يفقد الطالب التركيز ويقول: حين التزمت بالنوم مبكرا والاستيقاظ مبكرا شعرت بصفاء ذهنى وتضاعف قدرتى على التركيز واستيعاب المعلومات.

الملخصات السريعة

انتشرت ظاهرة الاعتماد على "الكبسولات" أو الملخصات المختصرة على مواقع التواصل لكن الطلاب أنفسهم بدأوا يشكون من اعتمادهم الزائد عليها، تقول سارة علي، طالبة بالصف الثاني الثانوي: اعتمدت على الملخصات فى مذاكرتى وأهملت الكتاب المدرسى، لذا عندما واجهت سؤالا مباشر من واقع الكتاب المدرسي لم أتمكن من الإجابة عليه.

وترى مي مدحت، طالبة بكلية الإعلام أن الملخصات مفيدة لمراجعة ليلة الامتحان وليس للمذاكرة لأنها سطحية لا تغطي تفاصيل المنهج بالكامل.

السهر يزيد التوتر

يوضح د. جمال فرويز، استشاري الطب النفسي أن السهر خلال فترة الامتحانات يرهق الجهاز العصبي ويؤثر على القدرة الإدراكية للطالب، ويؤكد أن من يسهر لأوقات متأخرة يعاني نقص التركيز وسرعة النسيان، كما أن الحرمان من النوم يزيد من إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول ما يؤثر سلبًا على الأداء داخل اللجنة، كذلك فإن المذاكرة الجماعية قد تسبب ضغطًا نفسيًا إذا شعر الطالب أنه أقل من زملائه، وهو ما ينعكس سلبًا على ثقته بنفسه.

ويحذر د. فرويز من ظاهرة المقارنات المفرطة بين الطلاب خلال أيام الامتحانات، مؤكدًا أنها تؤدي إلى ضغط نفسي خطير، وعندما ينشغل الطالب بمقارنة درجاته أو عدد ساعات مذاكرتها بزملائه يتحول الأمر من اجتهاد صحي إلى قلق مرضي، وقد يصاب بالاكتئاب أو اضطرابات في الأكل والنوم، لذا يرى بضرورة أن يذاكر كل طالب بنفسه لأن قدراته تختلف عن غيره، مشددا على أن الامتحان ليس مقياسًا للذكاء بل هو مرحلة يجب تجاوزها بتوازن وثقة.

خطة واقعية

تؤكد د. مايسة فاضل، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة حلوان أن الخطأ الأكبر الذي يقع فيه الطلاب هو غياب خطة واضحة للمذاكرة، كما أن المذاكرة العشوائية دون جدول زمني ترهق الدماغ وتقلل من الفاعلية، وكذلك الاعتماد على التوقعات أو الملخصات قد يعطي إحساسًا زائفًا بالاستعداد، وتنصح أن يبدأ الطلاب مبكرا فى وضع جدول زمنى لساعات المذاكرة وتقسيم الوقت وتنظيمه بحيث يشمل اليوم بأكمله، مع الحرص على نيل قسط وافر من النوم لأنه ضروري لتثبيت المعلومات، لافتة إلى أن أفضل طريقة للمراجعة هي أن يشرح الطالب ما فهمه لنفسه بصوت مرتفع ليقيس مدى استيعابه للمعلومة.

وترى فاضل أن الاستعداد للامتحانات لا يعني فقط حفظ المعلومات، بل يشمل أيضًا إدارة الوقت، والنوم الكافي، وتناول الطعام الصحي، وتجنب السهر، وأخذ الوقت الكافي في مراجعة كل جزء من المنهج دون استثناء.

كما تنصح د. مايسة الطلاب باستخدام أساليب ذكية أثناء المذاكرة، منها ربط المعلومات بمواقف حياتية أو أمثلة واقعية، خاصة في المواد النظرية، عندما تربط الطالبة معلومة بتاريخ معين أو تجربة شخصية أو حتى موقف كوميدي، فإن قدرتها على التذكر تزداد بشكل كبير، وهذه الطريقة تُنشط الذاكرة البصرية والسمعية في نفس الوقت، وتُعد أكثر فاعلية من الحفظ النظري.