هايدى زكى
الزواج رحلة حياة، وحلم بالاستقرار والسعادة الزوجية، وحياة كاملة مليئة بالتفاصيل، والمودة والرحمة هما المفتاح لاستمرارها، ورحلة تحتاج إلى وعي وإصرار على نجاح العلاقة من الطرفين ومواجهة الخلافات وضعوط الحياة والمعيشة باحترام وتقدير، ومع المبادرات مثل مودة، وحكمة الخبراء من الأهل أو المتخصصين يمكن للشباب أن يدخلوا هذه الرحلة وهم أكثر استعدادا لمواجهة تحدياتها.
التقت "حواء" د. عزة فتحى، أستاذ مناهج علم الاجتماع بجامعة عين شمس للوصول والتعرف أكثر عن كيفية مواجهة الخلافات الأسرية ومفاتيح الاستقرار الأسري.
فى البداية كيف تنظرين إلى الخلافات الأسرية داخل المجتمع المصري؟
الخلافات الأسرية أمر طبيعي في كل بيت لأنها انعكاس لاختلاف الطباع والتربية والظروف لكن الخطورة ليست في الخلاف نفسه، بل في طريقة التعامل معه إذا تم التعامل مع الخلاف بالحوار والهدوء يتحول إلى وسيلة لفهم الطرف الآخر، أما إذا ترك دون حلول يتطور إلى مشكلات تهدد استقرار الأسر.
برأيك ما الأسباب الأكثر شيوعاً لهذه الخلافات؟
هناك أسباب اقتصادية مثل ضغوط المعيشة وارتفاع الأسعار، وأسباب اجتماعية مثل تدخل الأهل والأقارب، وأسباب نفسية مرتبطة بعدم القدرة على التعبير عن المشاعر أو غياب لغة الحوار، كذلك غياب التكافؤ قبل الزواج يلعب دوراً كبيرا بجانب الغيرة والشك من أحد الأطراف.
هل من الطبيعي أن تكون هناك خلافات بين أي زوجين؟
الخلافات الزوجية ظاهرة صحية إذا تم التعامل معها بشكل صحى ومفيد والتعرف منها على الأخطاء وما يغضب الطرف الآخر، لأنها تكشف الفروق بين الطرفين وتساعد على التفاهم، فالمشكلة ليست في وجود الخلاف لكن كيف يتصرف الطرفان إذا حدثت مشكلة، فهناك من يتحول إلى شخص آخر وهنا تظهر الكثير من الحقائق وتزداد المشكلات.
هل من الأفضل مناقشة المشكلة فور حدوثها أم الانتظار حتى تهدأ الأمور؟
الحوار وقت الغضب لا ينجح، لأنه غالبا يخرج بكلمات قاسية واتهامات، لكن التأجيل الطويل أيضا خطر لأنه يؤدي إلى تراكم المشكلات.
في حال حدوث مشكلة داخل الأسرة، ما الخطوات الأولى لحلها؟
أولا الأفضل أن يختار الزوجان وقتا هادئا ومناسبا للطرفين للحديث والحوار، ويكون هناك استعداد للاستماع، وبعض الأزواج يتفقون على جلسة أسبوعية أو نصف شهرية للحوار، وهذا حل عملي لتجنب المفاجآت بالإضافة إلى الهدوء وعدم الانفعال، والاستماع للطرف الآخر حتى النهاية دون مقاطعة، والبحث عن أرضية مشتركة وحلول وسط واختيار الوقت المناسب لعرض المشكلة والحديث فيها.
ومتى يمكن أن نقول إن الخلاف أصبح مشكلة حقيقية لا يمكن السكوت عنها ويجب القلق منها؟
عندما تتكرر بنفس الشكل، أو تؤثر على الصحة النفسية، أو تمتد لتضر الأبناء، هنا لابد من المواجهة، لكن بهدوء، بعيدًا عن لحظة الغضب.
ولمن نلجأ عندما تفشل محاولات الحل بين الزوجين؟
أولًا لأخصائى أسري أو معالج نفسي، لأنه يمتلك أدوات علمية تساعد على إعادة التوازن، فإذا لم يتوفر يمكن اللجوء إلى طرف عائلي حكيم ومحايد يحافظ على الخصوصية، وأحيانًا يلجأ البعض لمرشد ديني وهذا يمنح راحة ودعمًا معنويا، المهم أن نبتعد عن الفضوليين أو الأصدقاء الذين قد يزيدون المشكلة بدلا من حلها.
ما الأسس الصحيحة لاختيار شريك الحياة؟
الزواج ليس قرارا عاطفيا فقط لكن هناك أسس يجب مراعاتها أولها؛ التوافق الفكري والثقافي حتى تكون هناك لغة مشتركة، والتقارب الاجتماعي لتجنب فجوات كبيرة في أسلوب الحياة، والاستعداد النفسي لتحمل المسئولية، بالإضافة إلى الاحترام المتبادل لأنه العمود الفقري للعلاقة.
بعض الشباب يظنون أن الحب وحده يكفي لنجاح الزواج.. هل هذا صحيح؟
الحب مهم لكنه غير كافٍ، فالحب من دون احترام متبادل وقدرة على مواجهة الظروف ودعم نفسي بين الطرفين قد يتحول إلى عبء.
بعد الزواج، كيف يتدرب الزوجان على المودة والرحمة؟
بالتفاصيل اليومية؛ كلمة شكر، نظرة تقدير، مشاركة في الأعباء وبالاعتذار عند الخطأ، فالاعتذار لا ينقص من قيمة الشخص وهذه الأشياء الصغيرة هي التي تصنع السعادة الكبيرة.
أطلقت الدولة مؤخرا مبادرة مودة لتأهيل المقبلين على الزواج فهل حققت هذه المبادرة أهدافها؟
مبادرة مودة رائعة لأنها تقدّم تدريبًا عمليًا على مهارات الحياة الزوجية؛ كيف نختار، كيف نتفاهم، كيف ندير الخلافات، هي تعلم الشباب أن المودة والرحمة ليست شعارات بل أفعال ومهارات، وأتمنى أن تعمم في الجامعات ومراكز الشباب لحماية الأسرة المصرية.
ماذا تقولين للشباب والفتيات وهم على أعتاب الزواج؟
لا تبحثوا عن الكمال، ابحثوا عن شريك قادر أن يشارككم المسئولية، الزواج ليس شهر عسل فقط ولابد للطرفين التحلي بالصبر والقدرة على الحوار، لأن الحياة مليئة بالتحديات، والحب يحتاج لعناية دائمة، وأن المودة والرحمة هما سر البيوت التي تصمد أمام العواصف.
وما النصيحة الذهبية التي توجهينها للزوجين؟
أن يتذكر كل طرف أن الخلاف لا يعني نهاية العلاقة، وأن الهدف من أي نقاش ليس الانتصار على الطرف الآخر بل الوصول إلى حل يرضي الاثنين، والأهم أن تكون هناك مساحة من التسامح، فالحياة بلا تسامح لا تطاق، والخلافات جزء من الحياة الزوجية، وتؤكد أن الزواج الناجح ليس الذي يخلو من الخلافات بل الذي يعرف كيف يتجاوزها، ولكنها ليست النهاية، فبالحب والحوار والوعي يمكن لأي بيت أن يتحول إلى واحة أمان، والزواج شراكة ومسئولية، والنجاح فيه يحتاج إلى عقل يدير وقلب يحتضن.
ساحة النقاش