سماح موسى
على الرغم مما تأصله الأمثال الشعبية التى تؤيد كثرة الأبناء فى ثقافتنا وعاداتنا المصرية إلا أن العلم الحديث يؤكد آثارها السلبية على صحة المرأة العضوية والنفسية وهو ما يكشفه أطباء النساء والتوليد والعظام وأساتذة علم النفس فى هذا التحقيق.
في البداية يقول د. عمرو عباسي، استشاري النساء والتوليد والحقن المجهري بالمركز القومي للبحوث: تتعرض المرأة التي تنجب أكثر من طفل لمخاطر صحية كثيرة خاصة إذا زاد عدد الأطفال عن ثلاثة، حيث يزيد الحمل المتكرر احتمالية إصابتها بالأنيميا ما يجعلها تشعر بالضعف وقصر النفس والعصبية وتساقط الشعر وشحوب الجلد، فضلا عن سقوط الرحم والتهابات عنقه، وقد يصل الأمر إلى الإصابة بنزيف رحمى وتسمم الحمل وحمي النفاس، كما أن هناك علاقة طردية بين زيادة معدلات الحمل والولادة ووفيات الأمهات، بالإضافة إلى التأثير السلبي على صحة الطفل وتنشئته خاصة إذا كانت تعيش المرأة حياة اقتصادية صعبة تجعلها غير مهتمة بغذائها وأبنائها، أما عن مخاطر كثرة الإنجاب على الجنين فيسبب مشاكل في المشيمة قد تؤثر على نموه وصحته وولادته بوزن منخفض، أو حدوث ولادة مبكرة والتى تشكل خطرا على المولود بسبب عدم اكتمال نمو رئتيه ما يعرضه لصعوبات التنفس واحتياجه لدخول حضانة.
ويضيف: لا يقتصر إصابة الأم بأمراض عضوية أو نفسية بل قد يتوارثها أبناؤها، لذا نحتاج إلى المزيد من التوعية بمخاطر كثرة الإنجاب من خلال إطلاق حملات توعوية توضح مخاطر الحمل المتكرر، وما يسببه كثرة الإنجاب من فقر وفجوة في العلاقة الزوجية.
ويقول د. أسامة عزمي، أستاذ الصحة الإنجابية بالمركز القومي للبحوث: على الرغم من أن الأطفال نعمة من الله وزينة الحياة الدنيا لكن كثرة عددهم لها ضرر كبير على المرأة والأسرة ككل، فالمرأة التي تنجب أكثر من ثلاثة أطفال تكون عرضة للإصابة بأمراض عدة أهمها ارتفاع سكر الدم "سكر الحمل" والذى يتسبب فى تضخم حجم الجنين داخل رحم الأم ما يؤدي أحيانا إلى وفاته داخل الرحم، وزيادة نسبة الولادة القيصرية المبكرة وما يتبعها من مخاطر كصعوبة تنفس الأم أثناء الولادة القيصرية والتصاق الأمعاء بجدار الرحم الخارجي، والمشيمة بالكامل داخل الرحم بمكان الجرح السابق والذى قد تتطلب استئصال الرحم نتيجة حدوث نزيف بعد الولادة، بالإضافة إلى تعرضها لنقص الأملاح والكالسيوم.
ويؤكد د. عزمي أن كثرة الإنجاب تعرض السيدة بعد تجاوزها سن الخمسين للإصابة بأمراض السكر وضغط الدم والزهايمر بسبب ارتفاع مستوى الهرمونات وقصور القلب، بجانب الإصابة بأمراض الشريان التاجي والسكتة الدماغية وسرطان عنق الرحم والانزلاق الغضروفي.
إضعاف المناعة
أما د. جمال فرويز، استشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية العسكرية فيقول: تتمثل المخاطر النفسية لكثرة الإنجاب فى سوء الحالة المزاجية للمرأة والتى تنتج عن الآلام المصاحبة للحمل والولادة وتضاعف المسئوليات الأسرية عليها الأمر الذى يتسبب فى إضعاف مناعتها وجعلها عرضى للإصابة بالأمراض الفيروسية والمعدية، إلى جانب أن تربية أكثر من طفل يصيبها بإجهاد عصبي زائد، لذا أنصح المرأة بالاكتفاء بطفلين أو ثلاثة كحد أقصى، وأن تحافظ على صحتها وتراعي تغذيتها.
ويتابع: تؤثر المناعة العاطفية النفسية سلبا على عمر الانسان، فالاكتئاب بسبب كثرة الحمل والضغط النفسي يقلل من مناعة المرأة بنسبة 80% عن غيرها، حيث تسبب بعض العوامل الداخلية كالإجهاد في إضعاف الجهاز المناعي فإثارة الجهاز العصبي اللاإرادي بشكل متكرر استجابة للضغوط المزمنة تضعف من قدرات جهاز المناعة.
مخاطر صحية
تتفق د. سارة فوزي سلام، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة مع الآراء السابقة وتضيف: يمثل كثرة الإنجاب عبئا على صحة كل من الأم والجنين، حيث يفقدان العديد من العناصر الغذائية أهمها الحديد والكالسيوم ما يزيد احتمالية تعرضها للإصابة بالكثير من الأمراض كالسكر البولي واختلال تجلط الدم ومشاكل الانسداد التجلطي، بالإضافة إلى الضعف العام وارتفاع نسبة الإصابة بهبوط الرحم وتوسع المهبل ما يسبب في صعوبة التبول وآلام شديدة أثناء العلاقة الزوجية، أما عن مخاطر كثرة الإنجاب على الجنين فيسبب مشاكل في المشيمة والتى تؤثر على نمو وصحة الجنين ويزيد من احتمالية حدوث ولادة مبكرة.
وتتابع: أثناء الحمل تفقد المرأة الكثير من الدم ومخزون الحديد والكالسيوم، بالإضافة إلى وجود تأثيرات هرمونية على صحتها الجسدية والنفسية، وإذا لم تباعد بين الحمل والآخر يحدث عدة أضرار لها بجانب إهمال الطفل وعدم إعطائه حقه من الرعاية النفسية وإشعاره بالحنان وحرمانه من الرضاعة الطبيعية التي تقوي مناعته فيكون عرضة للإصابة بالكثير من الأمراض، بجانب احتمالية إصابته بالأنيميا.
مشكلات العظام
أما عن أمراض العظام المصاحبة لكثرة الإنجاب فتتحدث عنها د. سلوى عبدالنبي زكي، طبيبة روماتيزم قائلة: على الرغم من أن المرأة تتمتع ببنية سليمة وتمارس رياضة قبل الحمل إلا أنه لن تستعيد كامل صحتها بعده رغم محاولاتها المتكررة من ممارسة رياضة واتباع نظام صحي للمحافظة على شكلها الخارجي، وقد تصل لمرحلة مرضية شكلا لكن تكوينيا تفقد مع كل حمل وولادة جزءا من البنية الصحيحة لجسدها، حيث يحدث تغييرا في شكل الجسم ليواكب شكل جنينها والذى يفقد معه الجسم مركز جاذبيته، بالإضافة إلى تعرض الأم لآلام كثيرة في عظامها، ففي الحمل الأول تعاني من شد عضل نتيجة تغيير مركز جاذبية الجسم، ومع تكرار الحمل يتحول شد العضلات إلى خشونة الظهر "الديسك" وهشاشة العظام نتيجة فقد نسبة كبيرة من الكالسيوم المخزون الرئيسي للعظام.
ساحة النقاش