<!--<!-- <!--
يعد الفنان الفرنسى كلود مونيه أحد كبار فنانى المناظر الطبيعية.. فى القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.. وهو الرائد الأول للمدرسة التأثيرية .. عاش مع الشمس وأسرارها وانعكاساتها على صورة الحياة .. ومن هنا تابع الأبحاث والنظريات العلمية التى كشف عنها اسحق نيوتن وأكد فيها أن الضوء يشكل الحقيقة.. وكانت لوحته «تأثير ضوء الشمس» العلاقة الأولى التى أبدعها وتمثل انطلاق شرارة ثورة الفن الحديث .. وهى التى قادها مع زملائه من الفنانين التأثيريين الكبار : رينوارو مانيه وسيسلى وبيسارو .
مجند بالجزائر
ولد مونيه بفرنسا بإحدى ضواحى باريس فى عام 1840 وبدأ شغفه بالرسم من البداية وهو تلميذ صغير بالمدرسة وتأكدت موهبته بالتدريج .. فتابع دروسه الفنية فى مدرسة الفنون الجميلة .. وصادق رينواروسيسلى .. وفى عام 1860 التحق بالجيش الفرنسى لتأدية الخدمة العسكرية وارسل الى الجزائر .. هناك جاءت على هواة الألوان المتوهجة وصحو الطبيعة وقوتها التعبيرية وجمالها .. بتلك البلد التى تنتمى لسحر الشرق الفنان وكان لها وقع شديد على نفسه ومشاعره واحاسيسه .. وامتلأ بها وتأملها بعينه وقلمه وريشته.. ولكن بعد شهور اصيب بمرض التيفود .. فما كان من السلطات الفرنسية الا أن سرحته.. فغادر الجزائر ليواصل رحلته مع الفن .. والتحق بمرسم الفنان مارك جيريل .. لكنه كان لا يختلف عن غيره من الاكاديميين فى اتخاذ التماثيل الاغريقية نماذج يجب على الطلبة أن ينسجوا على منوالها .. غير أنه كان فى الوقت نفسه يقدم الموديلات الحية لتلاميذه ولكن بشرط أن يصححوا الطبيعة وفقا للمقاييس الكلاسيكية وعندما قامت الحرب بين روسيا وفرنسا.. هرب إلى لندن التى كان قد سبق إليها بيسارو .. وهناك عكف على رسم الحدائق الطبيعية فى الحدائق .. وتأثر بأعمال الفنان الانجليزى تيرنر .
وقد تميزت رسوم ولوحات مونيه ، باقتناص روح الطبيعة .. التى كانت تتمثل فى الشمس والأشجار والزروع والمياه والصخور .. مع الشخصيات التى تحمل وجوها وضاءة بملامح النبل والجمال الهادىء .. مثل نرى فى لوحته لامرأة بالشمسية «صاحبة العظمة» .. كما صور المراكب الشراعية وحركة الحياة على البحر والزهور والسماء الممتدة بزرقة نقية حالمة تعكس لصفاء الطبيعة وصفاء حياة البشر التى تتوحد مع المرح والانطلاق كما فى لوحته الغذاء على العشب والتى تختلف عن لوحة ادوارد مانيه بنفس الاسم فالأولى تحتوى على عشرة أشخاص مابين جالس وواقف يفترشون الأرض مع وجبة الغداء .. أما الثانية فتتكون من أربعة شخوص امرأة بين رجلين وفى الخلفية امرأة أخرى .
وقد استهوته اشجار النخيل التى قال عنها «يالها من أشجار باسقة متوهجة .. ستقودنى إلى الجحيم» .
هو والتأثيرية
وقد صور الشمس فى أعماله حتى قال عنها لصديقه الفنان رينوار «مازلت أصارع وأطارد الشمس فى رحلة مضنية وممتعة فى الوقت نفسه فالمرء يحتاج إلى الذهب والاحجار الكريمة لرسمها».
وكانت لوحته التى أطلق عليها : «تأثير .. ضوء الشمس» وشارك بها عام 1872 فى أول معرض للتأثيريين .. وعند زيارة آخر النقاد .. وعن زيارة احد النقاد .. وعند مطالعته لعنوات اللوحة أطلق على مجموعة الفنانين المشاركين التأثيريين أصحاب المدرسة التأثيرية والتى اطلقت ثورة الفن الحديث فى الثلث الأخير من القرن التاسع عشر.. واعتمدت على اللمسات القصيرة .. وتحويل العناصر والاشكال فى الطبيعة إلى قطع من الضوء تتلاشى فيها الخطوط .. ولا يبقى منها سوى اللمسات الضوئية وهنا انتقل الفن من المنهج الاكاديمى الذى يعتمد على الامعان فى التفاصيل .. ودقة التصوير الكلاسيكى .. وكا مونيه يستحضر معه 16 لوحة ويقف أمام كاتدرائية رواند يرسم واجهتها فى لحظات عديدة تتغير فيها زوايا الضوء .. من لوحة إلى لوحة أخرى بدءا من الشروق إلى تعامد الشمس .. وحتى الغروب.. كما رسم كوبرى لندن بالطريقة نفسها.. وقد كان لمونيه مركبا يجوب به نهر السين مصورا الطبيعة وعذوبتها ولحظات انطباع الشمس عليها . وقد تحولت لمسة مونيه فى النهاية الى شكل من أشكال الاختزال يقترب من التجريد .. فقد كان يصور روح الطبيعة بعيدا عن التفاصيل المملة .. وكانت رحلة مونيه رحلة عريقة صاخبة بسحر الفن .. ورحل عن عالمنا عام 1926 بعد آن أصيب بالتهاب رئوى .. عن عمر 86 عاما .. بعد أن غنى بريشته للحياة.. الناس والطبيعة فى مئات اللوحات.
ساحة النقاش