<!--<!-- <!--

إبراهيم و ... إمام ..

أكبرهما إبراهيم ..

لم يرزق والديها إلا بهما ..

كانا كالشمس والقمر ..

لا غنى عن ضوء النهار .. ولا ماسات ضوء القمر مساء .

«الولدان» .. إبراهيم يملك ملامح رجل .. بمعنى أن فيه جاذبية مشعة .. تعويضا عن الوسامة .. إمام نحيف رقيق، له ملامح .. تتمناها أية جميلة لتدخل بها مسابقة جمال !

الوالد صاحب مصانع وشركات .. مرح فيه حيوية ونشاط الشباب، وزوجته رقيقة .. رقة قوة النسيم والبحر العظيم.

«الطفولة» فى صباهما .. حدث ما عكر صفو الأم .. بالنسبة لمن؟ لإمام .. كيف؟ .. كان يردد دائما وفى استحياء وصوت خفيض .. أنه يريد اللهو بعروسة! .. أول الأمر كذبت الأم سمعها، وطلبت منه أن يعيد ما قاله .. فردد فى استحياء وخوف - أريد اللهو بعروسة !

«النمو» مرت السنوات أثبتتها صور وذكريات .

طالت قامة الولدين .

أصبحا مثل النخلتين اللتين تحرسان قصر الأسرة .

«ذكريات الوالدين» قالت الأم للوالد وفى عينيها حسرة - أظنك يا زوجى العزيز لم تنس أن إبراهيم اختار البندقية والسيارة اللعبة التى كان يجيد انتشال امعاءها ليتفحصها ويتبين حقيقة صنعها !

تنهد الأب - كيف ننسى موقف الشغالة حينما عثرت - عن طريق الصدفة - على إمام وهو يعبث بعروسة قماش رخيصة الثمن .. كذبت الشغالة عينيها ثم صرخت واستنجدت بنا قائلة - عروسة ابنتى ضاعت من فترة .. وأخيرا وجدتها عند سيدى إمام !

«حوار الوالدين» قال الأب لزوجته والولدان فى الخارج - ما رأيك فى تصرفات إمام سواء فى طفولته أو الآن؟!

قال ذلك وهو يتأملها .. مليحة لكن وراء الملاحة جبروت مستتر .. لم تمنح إمام أية أنواع من الحنان والرعاية .. وكل همها.. هو إبراهيم الذكى .. صاحب الحيوية .. الذى يملأ مجلسه بالجاذبية لكل من يرافقه .. اضطر أن يرد عليها .. وكان يملك - عكسها - أعصابا قوية وقدرة فائقة على التحكم فى مشاعره .. استهل قوله .. كأنما فضل حرب المباغتة عما عداها .

- هل تحبين إمام ؟!

جحظت عيناها .. ودون تفكير ردت - أليس ابنى ؟!

- كل تصرفاتك تنبئ عن أنك امرأة أبيه !

تنمرت وهاجمته - كيف تتهمنى هذا الاتهام الشائن ؟!

- تصرفاتك عكس قولك ..

ومازال متماسكا .. علقت - تدليلك لإمام أفسده !

- تخيلى لو نحن - معا - أمسكنا له العصا .. ترى ما الذى سيحل به ؟

- الكلام معك .. غير مجد.

«من الأقوى من الأخوين؟» إبراهيم انتهزها فرصة .. بعد سماعه حوار بين والديه .. وانتحى بإمام فى خلوة وسأله.

- لم سرقت دمية ابنة الشغالة ؟!

بكل ثبات رد إمام - لأننى طلبت شراءها .. ولم يلبى لى أحد مطلبى ..

- أعيد سؤالى .. لم اخترت العروسة .. وهى من طباع البنات ؟

بثبات متكرر قال إمام - لأننى أميل إلى البنت .

«الوالد أحس بأن إمام يحتاج لعطفه بالذات، فالأم تلومه دائما، والأخ يكيد له ويسخر منه، فى عيد ميلاد إمام، أخذه الأب فى حضنه وسأله - ألا تحب الدراسة ؟!

تململ إمام فى الإجابة - أحبها وأخشاها !

- لم ؟

- إبراهيم يقول لى دائما وكذلك أمى .. لا فائدة منك فى أن تنجح .. إذن لاداعى للمذاكرة !!

صعق الأب وربت على كتف إمام - من الآن سأتولى رعايتك فى المذاكرة .. ولا تلجأ لأحد غيرى !

«مرت السنوات» مرت السنوات أثبتتها صور وذكريات، طالت قامة الولدين .. أصبحا مثل النخلتين اللتين تحرسان بيت الأسرة. اختار إبراهيم كلية الهندسة .. برع فيها .. وسرعان ما التحق بأحد مصانع أبيه .. وكان بالنسبة إليه الذراع الأيمن . رغم الحاح الوالدين أن يلتحق إمام بكلية الطب .. إلا أنه مع إصراره القوى، التحق بكلية الفنون الجميلة .

«الحب بالنسبة للأخوين» فايزة ابنة العم، كانت متوسطة الجمال، لكنها تملك جاذبية أنثوية واضحة، قال إبراهيم فى نفسه أنا شاب غيور لا أفضل المرأة صارخة الجمال لكن فايزة تروق لى !

«موقف فايزة وإمام» عشقت فايزة إمام .. لجماله الفتان ورقة طبعه، حيث أنها تميل للصخب والشقاوة .. كتمت حبها فى صمت، إلا أن إبراهيم أحس بميولها مما دفعه للغضب الدفين بالنسبة إليها .

«تحولات سلوكية لإمام» أصبحت تصرفات إمام غير عادية بالنسبة للأهل . كان أبوه يراقبه عن كثب ويحاول حمايته من مشاكسة أخيه وأمه، لكن تصرفات إمام غير العادية، أرغمت الأب أن يحاوره - واضح أن فايزة تميل إليك .. و..

انتاب إمام غضب وقاطعه بعد اعتذاره - إبراهيم يحبها .. هل تنقصنى عداوته لأنافسه فى حب فايزة ؟!

- لا أعرف أن إبراهيم يحبها أو يميل إليها ..

- إذن .. فاسأله .. هل لديك أسئلة أخرى ؟!

أغمض الوالد عينيه ثم همس .. تصرفاتك شاذة وتزداد يوما بعد يوم .. افتح لى صدرك وصارحنى !

«مجهود الأب» بذل المليونير عبدالرحمن مجهودا مكثفا فى الآونة الأخيرة ، مما عجل بانهياره صحيا . وقف بجانبه إمام الذى نصحه بأن يرتاح فى البيت .. ليستعيد نشاطه وحيويته .. ثم إن إمام واجه أخاه قائلا له - لاحظت أنك لا تلقى بالا لصحة أبينا .. رمقه إبراهيم بسخرية - لولاى لتهدمت مصانعنا ! .. دعنى أنوب عن الوالد فى العمل أم تراك أيها الفنان ستقوم بدور فعال فى المصانع؟!

«تصرفات إمام» سمح إمام لنفسه أن يطيل شعره وأن يعطى للموسيقى كل همه، بعد أن اطمأن على صحة أبيه مما دفع الأم لتأنيبه بعنف !

«نصيحة خالصة» .. أشار أحد أطباء العائلة على الأب، أن يبعث بإمام إلى مصحة .. إما فى «جنيف» أو باريس لفحصه .. مما أثار حيرة الأب - لم يا صديقى وموضع ثقتى؟!

تأمله الطبيب - لتصرفاته الشاذة !

- أنت أيضا لاحظت ذلـك؟

- لاحظت وتيقنت بعين الطبيب والصديق المخلص .

«سفريات إمام» تلقى إمام نصيحة الوالد والطبيب بلهفة - عكس ما كان يظن الوالد - وتأهب للسفر إلى «جنيف» .

«المفاجأة غير المتوقعة» الوالد عبدالرحمن يكاد يكون الوحيد، الذى كان على اتصال دائم بإمام حتى أتاه التقرير العجيب .. إمام خنثى جمع بين الذكورة والأنوثة، والهرمونات الأنثوية زائدة مما دفعه لتصرفات الإناث رغما عنه .

«العملية الجراحية» كان لابد من إجراء عملية جراحية لتحويل جنس إمام من ذكر إلى أنثى لكن ما حدث .. هو استنكار الأسرة على ما حدث، مما دفع الأم والأخ على اعتبار أن ما حدث .. عار على العائلة بأكملها !

«موقف الأب» لم يتحمل الوالد الصدمة .. فمات حسرة على ما حدث، لكن كانت هناك قضية هامة جدا .. كان بطلها الأخوين !

«الصراع القاتل» .. أى إنسان لا يظهر حقيقة موقفه وجوهره إلا فى محن .. ومحن غير عادية فلما سمع إمام الشهير «بأمينة» بخبر وفاة أبيه بعث للمحامى يرجوه بتحويل (250 ألف جنيه) وخصمها من نصيبه فى الميراث. وهكذا تمت العملية بنجاح تام وأصبح أنثى كاملة الأعضاء !

عادت أمينة إلى وطنها الحبيب .. قبل ذلك .. عملت فى التجارة وأصبحت مشهورة فى مجال «البيزنيس» .. كان لابد لها أن تضع أول لبنة فى حياتها الجديدة وهى تقترب من سن الثلاثين، وتملك أنوثة كاملة طاغية، لكن للتحول الرهيب الذى أصبحت عليه اختارت أن تلبس قبعة أنيقة غالية .. لتخفى معالم وجهها ، ونظارة سميكة قاتمة حتى لايعرفها أحد من أبناء وطنها.

«الفتوى الدينية» بالنسبة لنزعة أمينة الدينية، وتقربها إلى الله، وخوفها من موقف أخيها - بعد وفاة أمها - وإرضاء لضميرها الحى ، اختارت أن تستفتى دار الافتاء فى أحقيتها فى نصف تركة أبيها ، خاصة حيث كانت رجلا وقت وفاة الأب والعبرة - كما سمعت وقرأت - تؤخذ لحظة وفاة الأب الموّرث الذى مات وهو يعلم أن لديه ولدين !

«تحولها النفسى» استردت أمينة ثقتها بنفسها ورنت إلى السماء، ثم أغمضت عينيها، ولاحت فى رفق رؤياها سماء مصر الصافية وهمست .. الآن عرفت حقيقة مولدى، وأن القدر أمدنى بنزعة دينية خالصة، أخذ بيدى .. كمن كنت على وشك الغرق .. ثم لاحت لها وسط خضم المياه المتلاطمة لوح خشب يرقص على المياه بألحان ملائكية ولم تجد غيره ليحفزها !

كانت تعلم تماما أن أمومتها لن تكون كاملة بعد إجراء العملية، رمقت قطة فى ركن وهى ترضع أبناءها . اغرورقت عيناها بالدموع، وعولت على أمر .. بعد أن تتأكد من قرار المحكمة .

 

المصدر: هدى جاد - مجلة حواء
  • Currently 77/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
26 تصويتات / 1193 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,690,105

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز