قال الله تعالى آمراً نبيه : قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ .. والمتأمل للنصوص التي جاءت آمرة بالصدقة مرغبة فيها يدرك ما لها من الفضل العظيم وأفضل الصدقات ما كان خفيا لأنه أقرب إلى الإخلاص .

يحدث كثيرا أن يقوم المتسولون بإحراج الناس لأخذ أموالهم وهناك من يقمن بحث صديقاتهن أو جاراتهن على الصدقة دون إرادتهن أو بإحراجهن ، مثلا يقمن بعمل أطباق من الحلويات وعلى كل الحاضرات شراء الطبق كاملا بمبلغ معين إجباري، ويقلن إن ما يؤخذ منك من مال حتى دون رغبتك واقتناعك تؤجرين عليه. فهل هذا صحيح؟ مع العلم أن بعض الزميلات تضطر للشراء مكرهات وبعدم رضا. فهل هذا العمل يندرج تحت مقولة ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام ؟ الرجاء توضيح ذلك وجزاكم الله خيرا.

شيماء فاروق صالح - موظفة

- يوضح د .نصر فريد واصل - مفتى الجمهورية الأسبق - أن ذلك يندرج فعلا تحت هذه المقولة الصحيحة، فقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في أيام التشريق فقال: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه.. ألا لا تظلموا ألا لا تظلموا ألا لا تظلموا؛ إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه.

و قال الفقهاء في الصدقة إذا طلبت من المتصدق وفهم من حاله أنه أعطاها حياء وخجلا أو عن غير طيّب النفس، فأنها لا تحل للمتصدق عليه. .لأن من أخذ شيئا على سبيل الحياء من غير رضا من أحد الناس فهو بذلك لا يملك هذا الشئ، وعللوه بأن فيه إكراها بسيف الحياء، فهو كالإكراه بالسيف الحسي.

وقالوا في موضع آخر: أن الهدايا التى تؤخذ بسبب الخوف أو الحياء لها حكم الغصب.

وجاء في الموسوعة الفقهية: من أنواع السحت ما أخذ بالحياء وليس عن طيب نفس، كمن يطلب من غيره مالا فى وجود عدد من الناس فيدفع إليه الشخص بباعث الحياء والقهر. . ولا يحل له التصرف فيما أخذه.

ويزيد الأمر سوءا إن حصل ذلك من مال الزوج بغير رضاه فإنه لا يجوز للمرأة أن تعطي شيئاً من مال زوجها لأحد إلا بإذنه، ولو كان ذلك على وجه الصدقة، وينبغي أن يكون التعاون على الصدقة وأنواع البر بالترغيب فيها والحث عليها وليس بهذه الطريقة فإن الغاية الحسنة لا تبرر الوسيلة السيئة، والقاعدة أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فمعنى أن الوسائل لها أحكام المقاصد هو: أن المقصد إذا كان سيئا فإن الوسيلة تكون ممنوعة، والمقاصد إذا كانت حسنة فلا يجوز أن يتم الوصول إليها إلا بوسائل مباحة، والذي يوصل إلى الحرام يكون حراما مثله، فبيع العنب مباح في الأصل لكن عندما يعلم أن المشتري إنما يريده ليعصره خمرا فإن بيعه له يحرم، وكذا الحال في بيع السلاح فإنه مباح في الأصل، ولكن لا يجوز أن يباع لمن يستخدمه في قطع الطريق، وهكذا...... وقال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.

وأما القاعدة التي تقول: إن الغاية تبرر الوسيلة، بحيث إن المقصد إذا كان حسنا فلا مانع من الوصول إليه ولو بطرق محرمة، فهذا أبعد ما يكون عن الصواب، وهي قاعدة تنافي الإسلام في الصميم وفي المنهج.

زوجى والصلاة

أنا متزوجة من ثلاث سنوات ولدي طفلة ، سافرت إلى أمريكا للدراسة ، تزوجت وحرصت أن يكون زوجى ذا خلق ودين ، لكن بعدة عدة أشهر من الزواج ، اكتشفت بأن زوجي متهاون كثيرا في أمر الصلاة ، رغم أنه محترم في التعامل معي وخلوق، فلربما ترك الصلاة عدة أيام أو أسابيع، حاولت نصحه كثيرا، كان يستجيب لي في البداية ، ولكن بعد فترة قال لي بأنني عندما أذكره بالصلاة فإنه يصلي فقط لأجلي لا لأجل الله ، وأن هذا لا يجوز، لذا طلب مني ألا أنصحه ، وتارة يقول بأنني أنا السبب في تركه للصلاة، وأن أسلوبي في النصح غير مناسب معه ، ومرات يقول بأنه يصلي لكنني لا أراه، رغم أنه يكون جالسا معي ويؤذن للصلاة ويخرج وقتها ويؤذن للأخرى وهو في مجلسه لم يغادره، وفي مواقف يقول لي بأنه يتمنى أن يواظب على الصلاة لكن هناك ما يمنعه. علما بأنه تأتيه أيام يواظب على جميع الفروض في المسجد ثم ما يلبث حتى ينتكس.... هل يجوز بقائي معه وهو لا يصلي أو متهاون بالصلاة...؟ علما بأنه ربما من المستحيل رجوعي لأهلي حيث إنه بيني وبين والدي الكثير من المشاكل، كما أنني لن أستطيع أن أربي ابنتي تربية صحية في بيت والدي حيث به الكثير من المشاكل والتعقيدات.

فماذا أفعل ؟ كما أود أن أعلم متى نطلق على الشخص بأنه "تارك للصلاة" ؟ عندما يتركها مثلا يوما أو أسبوعا أم ماذا ؟

رضوى . م . م _ زوجة حائرة

- يؤكد د. عبد الله النجار _ عضو مجمع البحوث الإسلامية _ أنه لا شك أن الصلاة أمرها عظيم في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، ومن لا يعترف بوجوبها فهو كافر بإجماع أهل العلم، وإن أقر بوجوبها وتركها كسلا أو تهاونا فليس بكافر عند جمهور أهل العلم.

وبناء على ذلك فإن زوجك على معصية كبيرة بما هو عليه من ترك هذه الفريضة العظيمة، ولا شك أن قوله إنه يصلي من أجلك لا من أجل الله من أشنع المنكر وأفظع القول، فهذا دليل على استخفافه بأمر الصلاة وضعف ايمانه، ونقول لهذا الزوج: لم لا تصلي؟ ألا تخاف من الله؟ ألا تخشى الموت؟.

أما تعلم أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح ونجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر" .وماذا يكون جوابك لربك حين يسألك عن الصلاة؟

ألا تعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أمته يوم القيامة بالغرة والتحجيل من أثر الوضوء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء" رواه البخاري ومسلم و(الغرة): بياض الوجه، و(التحجيل): بياض في اليدين والرجلين.

وتارك الصلاة إنما تطلق على من يتركها تركا مطلقا، أما من يصلي أحيانا ويترك الصلاة أحيانا فلا يسمي تاركا للصلاة ولا يحكم بكفره على القول الراجح . وقد نقل ابن القيم رحمه الله إجماع المسلمين على أن تارك الصلاة الواحدة حتى يخرج وقتها شر من الزاني والسارق وشارب الخمر وقاتل النفس، وهذا نص كلامه رحمه الله في أول كتاب الصلاة: لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدا من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة ، فأي مسلم يرضى لنفسه بهذه المنزلة المتردية، وقد نقل المحقق ابن القيم عن الإمام أحمد كلاما نفيسا ننقله عنه هنا للفائدة، قال رحمه الله: فكل مستخف بالصلاة مستهين بها فهو مستخف بالإسلام مستهين به وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة، فاعرف نفسك يا عبدالله واحذر أن تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك.

وبناء على ما تقدم فاجتهدي في نصح زوجك بحكمة ورفق، وبإمكانك أن تسلطي عليه بعض أهل الفضل والعلم لينصحوه ويبينوا له خطورة حالته.

 

 

المصدر: أمل مبروك - مجلة حواء
  • Currently 67/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
23 تصويتات / 4714 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,863,069

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز