بداية ضاحكة
    ورغم أن صلب الموضوع مشكلة و رغم أن الجو كان يسوده الطوتر بين الطرفين الا أن ضيف الشرف – و هو طبيب فسى – استطاع أن يضفى على الجو روح المرح و الفكاهة،و أن يخلق جوا من المودة و الصداقة،و كان ذلك عندما قال:
    -أريد أن أسمع من كل حماة تعليقا قالته بحسن نية لزوجة ابنها و اكتشفت أن هذا التعلق أغضبها..و أريد أيضا أن أسمع من ايه زوجة أين تفسرا للمعانى التى يمكن أن تستنتجها من تعليق الحماه.

    و على الفور قامت أحدى الحموات،و تدعى (ليانا نورى) و قالت:
    -رأيت زوجة أبنى تستعد للخروج،و لم يكن هناك ما يستدعى خروجها فسألتها عما اذا كانت ذاهبة للكوافير فغضبت.

    و قامت أحدى الزوجات و تدعى (ماريا كاتانو) و قالت:
    - ان هذا الكلام يعنى أن ظزوجة الابن تنفق نقود زوجها فى كلام فارغ..و انها لا تفكر الا فى نفسها.

    و اغرق الطرفان فى الضحك ثم هدأت الضحكة،و قامت حماة أخرى تدعى (نبلا توفيق) لتقول:
    -رأيت زوجة ابنى ترتدى فستانا جديدا و علقت لها يا سلام.. الفستان ائع هل فصلته ايضا هذا العام.

    و اندفعت احدى زوجات الابن لتقول:
    -هل تعرفون معنى ذلك؟..
    معناه أن الدنيا مليئة بالبنات الطيبات، كل واحدة منهن تحب بيتها و شغل البيت.. فلماذا لم يخبر ابنى عمر هذه الزوجة التى تضيع وقتها على الفستان؟!

    و من جديد أغرقت القاعة فى الضحك، بينما وقفت حماة ثالثة تدعى ميراللا الدينى.. لتقول:
    -كنت فى زيارة ابنى بعد غيبة طويلة فلاحظت أنه أصبح نحيفا هزيلا فالتفت الى زوجة ابنى و قلت لها ملحوظتى و أضفت أنك أيضا مسكينة.. أنك تعملين ولا وقت عندك للطهو أرجو أن تنتهزى فرصة فراغ،و تأتى مع زوجك الغداء فى بيتنا. اننى سوف أكون سعيدة.. هذا ما قلته فماذا يمكن أن يحمل من المعانى السيئة؟

    و فى هذه المرة اندفعت أكثر من زوجة ابن تريد أن تترجم المعانى المستمرة فى حديث الحماة. و أخيرا سمح رئيس الجلسة لاحداهن بالحديث، فقالت:
    -أن هذا الكلام يصل الى أدنى على النحو التالى.. عندما كان أبنى فى بيتنا كانت صحته – جيدة و لكنه أصبح الان هزيلا.. لماذا؟ لان الست الهانم متمسكة بالعمل خارج البيت باسم حقوق المرأة و استقلالها؟

    و كان الذى أثار الضحك فى هذه الاجابة  أن زوجة الابن حرصت على تقليد أيه سيدة مسنة فى حديثها

الزوجات يتحدثن
    و من خلال هذه البداية الضاحكة التى أضفت روح المرح على اللقاء بين الحموات و زوجات الابن بدأ كل طرف يعرض وجهة نظره،و كانت الزوجات من اللائى تحدثن فى البداية قالت احداهن: ان حماتى تبدو فى الظاهر لطيفة و رقيقة،و لكنها لا تلبث أن تعاكسنى من وقت لاخر..و هذه المعاكسات تكون صغيرة و خفيفة تتمثل فى كلمة بسيطة أو حركة خفيفة،و لذلك فأنا لا أستطيع أن أشكو منها.

    أنها تشعرنى دائما بأنى غريبة عنهم دخيلة عليهم و على عقليتهم و تفكيرهم و حبا لهم. ويضايقنى أيضا أنها تتصرف مع زوجى و كأنها أشد منى حرصا عليه و على راحته،و يزعجنى أن زوجى يغير أسلوب معاملته لى أثناء وجودها و كأنه يحتمى بأمه غريزيا و يستدير عطفها

    و قالت زوجة أخرى: أن حياتى الزوجية عمرها اليوم عشرون عاما.ولا أكون مبالغة اذا قلت أن (الشئ الوحيد الذى عكر صفو حياتى هو حماتى، و هى أرملة،و لذلك فقد لازمتنا طوال حياتنا الزوجية...

    و على فكرة، اننى أشارك زوجى فى عمله.و قد استطعنا بذلك أن نوفر لاسرتنا مستوى ماديا معقولا،و لكن حماتى و هى تعلم أنى مشغولة طوال اليوم فى العمل لا تكف عن توجيه اللوم لى بالنسبة لاعمال البيت،و هذا لا يمكن أن يمر دون أن أشعر بالغيظ و الضيق ،و بخاصة أن حماتى لها ابنة متزوجة،و هى تتساهل معها الى أقصى درجة.. فلماذا لا تحبنى مثل ابنتها؟

و وقفت زوجة ثالثة لتقول:
    لقد تزوجت منذ 25سنة ،و قد فهمت منذ الوهلة الاولى أن حماتى ستكون عقبة فى سبيل سعادتى فهى تأخذ على أنى متحررة أكثر من اللازم، كذلك فأن زوجى لم يكن (يستلطف) والدتى،و هكذا وجدت نفسى فى موقف حرج.و رغم ذلك قررت أن أعمل و أنتصر على هذه الاوضاع،و كان شعارى هو (كثير من الاخلاص و قليل من الكذب!)

     و كان أقصر طريق الى قلب حماتى هو أن أبحث عن زوج لابنتها العانس،و بالفعل نجحت فى ذلك،و فتحت أمام نفسى أبواب التفاهم مع حماتى. كذلك قررت أن أبادر فأسألها النصيحة قل أن تتبرع بها،و كنت أنفذ توجيهاتها رغم عدم اقتناعى بها، فالمهم أن تسير أمور البيت،و مع ذلك فأن حماتى كانت توجه الى بعض الكلمات الجارحة من وقت لاخر،و لم أكن أملك الا التظاهر بأنى لم أسمع شيئا!

    أما أمى، فقد كنت أنقل لها عكس ما يقوله زوجى عنها. كنت أقول لها أنه يحبها و يقدرها و كنت أقول لزوجى عكس ما تقوله أمى عنه!

    و كنت امتدح حماتى أمام زوجى و أتحدث بفخر عن زوجى أمام حماتى،و أعلن دائما أنها كانت موفقة فى تربيته.

    ستقولون عنى أنى منافقة و كذابة،و لكن ما الضرر فى ذلك اذا كنت قد استطعت أن أحقق السعادة لكل هؤلاء الناس؟

الحماة أيضا تعانى
    تلك هى صور من مشاكل الزوجات.و كان على الحموات أن يتحدثن بعد ذلك ،و يعرضن وجهات نظرهن.و من خلال تلك الاراء تبين أيضا أن الحماة تعانى من مشاكل نفسية

    قالت أحدى الحموات: لماذا تكرهنى زوجة ابنى،و تعتبرنى دخيلة عليها؟ اننى أرملة و زوجها هو ابنى الوحيد،و من الطبيعى أن أعيش فى بيته و عندما كنت فى صحتى و قوتى كنت أبذل كل جهدى من أجل أسعادهم و تحسين أحوالهم الماديةو لكنى الان أصبحت غير قادرة على العمل. و بالتالى أصبحت زوجة ابنى تعاملنى كما لو كنت أستجدى منها. لقد كنت أظن أنها ستعتبرنى مثل أمها.و لكنها أصبحت تتهرب منى.و اذا فعلت شيئا فلا بد أن يكون خطأ. بأختصار أن الحالة بيننا تتدهور يوما بعد يوم!

    و قالت سيدة أخرى تعتبر (مشروع حماة): اننى لم أصبح حماه بعد،و لكن الذى حدث أن ابنى خطب فتاة منذ عام،و قال عنها انها جميلة،و لكنى عندما رأيتها لم أجد فيها (رائحة الجمال).ز انها من ذلك لصنف من البنات الذى لا أحبه على الاطلاق. فهى طالبة جامعية و تعمل فى أحدى الشركات فى فترة المساء ولا تستطيع أن تثبت زرارا على قميص.و أقصى ما تجيده فى فن الطهو فو فتح العلب المحفوظة و مع ذلك فهى تتحدث دائما عن المساواة و حقوق المرأة. أن زوجة ابنى ليست فيها أية لمسة من لمسات الانوثة،و لست أدرى كيف يعيش ابنى معها مستقبلا.. مسين فهو مازال صغيرا!

الزوجة التى أصبحت حماة
    و بعد ذلك وقفت إحدى الحاضرات لتقدم صورة مشتركة من حياتها كزوجة و حماة،و المتحدثة حاصلة على الدكتوراه فى تربية الاطفال. قالت:
    -عمرى الان 47سنة ،و عندما تزوجت كنت دون العشرين و كانت مشكلتى أن (جهازى) كان متواضعا،و لكنى أستطعت أنا و زوجى أن نؤثث بيتا جميلا فيما بعد،و لكن حماتى لم تستطع أن تنسى يوما أننى كنت فقيرة،و أن بيتى كان متواضعا جدا. و كان بهذا الاسلوب تفسد ما بينى و بين زوجى

    المهم. دارت الايام و أصبحت أنا حماة منذ عامين،و منذ ذلك الحين بدأت أفهم موقف حماتى نحوى،و أن كنت لا أوافق عليه ان أهم الاسباب التى تؤدى الى سوء التفاهم بين الحماة و زوجة الابن أن الحاة تكن لابنها حبا عميقا و كبيرا. فهى قد ضحت من أجله و بذلت شبابها لكى تصنع منه رجلا مكتملا. ثم فجأة و بعد كل هذه الجهود تجد أنه قد خرج من حياتها لتستمت به امرأة أخرى  لقد كان هذا هو شعورى عندما رأيت زوجة ابنى لاول مرة و تذكرت مأساتى مع حماتى فقررت ألا تتكرر القصة فى حياة هذه الفتاة.و لقد نجحت فى هذا بعد أن اعتبرتها مثل ابنتى تمام و نسيت أنها زوجة ابنى.

    و أعتقد أننى نجحت فى تحقيق هدفى،و هو أن أجعل منها زوجة سعيدة قبل أن أطلب منها أن تسعد ابنى. فما رأيكم؟

    و فى قلب هذه المناقشات أنفجرت قنبلة. كان ذلك عندما  وقفت أحدى الزوجات لتقول:
    -قد يكون فى كلامى مفاجأة لكم.و لكن الحقيقة أن حماتى سيدة على درجة رفيعة من الانسانية و الفضل فى علاقتنا الطيبة يرجع اليها وحدها. اننى أعتبرها مثلى الاعلى، أرجو أن أكون مثلها عندما يكبر أبنى و يتزوج.

    أن حماتى سيدة ذكية و هى فى كل تصرفاتها معى تتميز بالحكمة و الرشد،و قلبها مفتوح لى دائما، فهى تمنحنى ثقتها و تقديرها؟ولا  تضع قيودا على حريتى،و تسامحنى دائما اذا أخطأت فى حقها، باختصار أنها فى منتهى النبل لدرجة انى أشعر أمامها بالخجل، دون أن توجه لى كلمة لوم.

    و هناك حقيقة هامة خرجت بها من حياتى الزوجية،و هى أن الزوج لا يمكن أن يكون سعيدا اذا لم تحترم الزوجة والدته و تقيم معها علاقة على أسـس من الحب و التفاهم.

ماذا يقول القانون؟
     و بعد أن أنتهت الزوجات و الحموات من عروض وجهات نظرهن وقف أحد كبار رجال القانون ليعلق على هذه الاراء قال:
    -المفروض أن بدور حديثى فى دائرة القانون.و لكننى كأنسان أحب أن أقول رأيى فى هذه المشكلة فى رأيى الخلاف بين الزوجة و الحماة يحدث عادة اذا كان الزوج هو الابن الوحيد لامه الارملة. ففى هذه الحالة تكون هناك امرأتان تتنافسان على حب رجل واحد،و هذا الرجل يكون عادة ضعيف الشخصية، أميل الى الالتصاق بأمه.و هذه هى حقيقة المشكلة.. مشكلة بين ثلاثة أشخاص يمثل الزوج فيها عنصرا أساسيا، فهو يرغب أن تكون زوجته صورة أخرى من أمه و لكن الذى يحدث أنه يكتشف أنهما لا تتشابهان فى شئ، فيفضل أمه فى نهاية الامر!

    أن هذا الوضع الشائك يتطلب من الزوجة دقة و حساسية و ذكاء بالغا وقسطا كبيرا من الشجاعة.و عليها أن  تتغلب بالابتسامة الحلوة على كل المضايقات.و لكن الزوجة غالبا ما تكون قليلة التجارب، فلا تعرف كيف تتصرف،و من هنا تتعقد المشكلة أكثر و أكثر.

    هذا هو رأيى، أما رأى القانون فهو لا يعطى للزوجة أى حق تجاه زوجها اذا قامت المنازعات بسبب وجود الحماة. أن القانون الايطالى يرى أن تتبع الزوجة زوجها أينما ذهب و حيثما سكن..

و ماذا يقول علم النفس؟
    و فى نهاية الندوة، تحدث ضيف الشرف وهو طبيب نفسى قال:
    -فى الحقيقة أنه ليس عندى حل سحرى لهذه المشكلة كما قد يتوهم البعض، فهى مشكلة تتعلق بالعادات و التقاليد و النظم الاجتماعية.

    و أسباب الخلاف بين الحماة و زوجة الابن تنحصر فى عنصرين أساسيين تنافس الحماة و الزوجة على رجل واحد و المشالكل اليومية و اذا كانت هناك نصيحة يمكن أن أقدمها لكل عروس. فهى أن تعرف أن القانون الطبيعى هو الذى يدعو الحماة الى استخدام مقياس فى نظرتها الى الامور.. مقياس  تستخدمه عندما تعامل ابنتها و زوج ابنتها،و يتميز بالتساهل نشعر حسب التقاليد أن البنت تمثل عبئا على أسرتها.و أن التخلص منها بالزواج هو قمة الانتصار الذى يؤدى الى الطمأنينة و السعادة. أما الابن فهو مصدر رزق.و لذلك فأن النظرة الى زوجة الابن تكون أشبه بالنظرة الى من يسرق.و يحدث هذا حتى و لو كانت الابنه تعمل و تكسب أضعاف ما يكسبه الابن، بسبب التقاليد القديمة المترسبة فى أعماق النفس البشرية.

    و على ذلك فأن المجتمع عندما ينظر الى علاقة الحموات و زوجات الابن، يتجاهل العنصر الاساسى فى هذا الموضوع،و هو الابن أنه وحده الذى يجب أن يتحمل مسئولية نشوب الخلافات ، فهو يستطيع أن يخلق مناسبات التهدئة،و لكنه يهرب من ذلك بدافع من الجبن و الخوف.

    و أخيرا، أحب أن تتذكر الحماة دائما أيام كانت زوجة ابن،و استطاعت بذلك أن تصبح فى وضع ممتاز على حماتها. ان العلاقة الزوجية تسلب الحماة علاقة القرابة الطبيعية،و هذا ما يجعلها تتصرف بحساسية.و لكنها لو واجهت الامور مواجهة طبيعية لاختفت المشاكل.

    كذلك فان الزوجة مطالبة بأن تبذل مجهودا كبيرا و مخلصا مع حماتها لكى تكسب مشاعر الاعتراف بالجميل من زوجها.و لقد ثبت من الناحية العلمية أن زوجة الابن المتفاهمة تكون أما فاضلة و ناجحة، فهل تبذل جميعا مجهودات مضاعفة  من أجل حياة أفضل! هذا ما أعتقده...

المصدر: مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,795,469

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز