قد يكون من الطبيعى أن تشهد أسعار السلع الغذائية ارتفاعاً كبيراً مع حلول الأعياد ، وهو ما حدث فى شهر رمضان وعيد الفطر ، وأخيراً عيد الأضحى المبارك ، ولكن وقد انتهت الأعياد فما هو السر وراء الارتفاع الجنونى فى الأسعار ، فقد وصل سعر كيلو السكر على سبيل المثال ستة جنيهات ونصف بزيادة جنيهين ، بعد أن قفز سعر الطن منه إلى 6200 جنيه هذا الأسبوع ، فى حين كان سعر الطن خلال الشهرين الماضين لا يتجاوز 3850 جنيهاً ، الغريب أن أحدا لا يعرف سبب هذه القفزة الكبيرة فى سعر كيلو السكر ، وأن كان الجميع يتهمون بعضهم البعض ، تجار التجزئة والجملة والشركات المنتجة والمستوردين ، والخلاصة ضياع الحقيقة ، وارتفاع سعر السكر الذى يعد من السلع الأساسية .
السكر ليس وحده الذى ارتفع سعره فالأرز والزيت وغيره من السلع الأساسية لا يخلو من أرتفاع أسعارها بشكل جنونى يوماً بعد يوم حتى الخضروات لم تسلم من ارتفاع الأسعار، ويكفى ما حدث فى الطماطم منذ شهرين ، عندما وصل سعر الكيلو جراما 14 جنيهاً ، وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار جميع أنواع الخضروات والفاكهة بلا مبرر وسط دهشة وتعجب المواطنين ، وعجز المسئولين عن السيطرة على الأسعار، أو حتى إيجاد المبرر المنطقى لهذا الارتفاع .
الغريب أن الحكومة تعترف بارتفاع الأسعار ، فقد أعلن الجهاز المركزى ـ للتعبئة العامة والاحصاء ارتفاع أسعارالسلع الغذائية ، حيث سجلت الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين على مستوى الجمهورية ارتفاعاً بلغ 3.1% مقارنة بشهر يوليو عام 2009 ، وأعلن الجهاز أن الارتفاعات الشهرية فى الأسعار جاءت نتيجة ارتفاع اسعار الطعام والمشروبات واللحوم والدواجن والألبان والجبن والبيض والفاكهة والخضروات والسكر ، وقال الجهاز أن الطعام والشراب ارتفع بنسبة 2.3% على مستوى الجمهورية ، وقد أعلن الجهاز عن تغير النسب الشهرية للرقم القياسى لقسم الطعام والمشروبات ، حيث وصلت الحبوب والخبز والأرز 1.2% واللحوم والدواجن بنسبة 3.5% والألبان والجبن والبيض بنسبة 1.1% والفاكهة بنسبة 4.2% والزيوت والدهون بنسبة 6.2% والسكر والأغذية السكرية 4% والخضروات بنسبة 4.2%.
الغريب أنه رغم تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وهو جهاز حكومى فإن بعض المسئولين فى الحكومة نفسها حاولوا اعفاء أنفسهم من مسئولية أزمة ارتفاع أسعار السلع الغذائية ، وإلقاء اللوم على العوامل الطبيعية خاصة الخضروات والفاكهة واللحوم ، وأن السبب الأرتفاع غير العادى فى درجات الحرارة ، وأمتداد فصل الصيف حتى شهر نوفمبر حيث ألقت الحكومة تبعات أرتفاع أسعار الخضروات على الظروف المناخية السيئة .
فإذا كان هذا حال الخضروات ، فماذا عن أرتفاع أسعار السكر والأرز والزيت ، وغيرها من السلع التى لا تندرج تحت قائمة الخضروات والفواكه ؟! وهنا نتساءل هل يصعب إلغاء الرسوم الجمركية على بعض المواد الغذائية المستوردة ، خاصة السلع الأساسية كالسكر وغيره ووضع آليات جديدة لمراقبة السوق للسيطرة عليها والعمل على اتخاذ الخطوات الرامية لضبط الأسواق المحلية ، والسيطرة على الأسعار التى وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ سنوات طويلة .
لقد بات واضحاً للجميع أن ارتفاع الأسعار فى مصر لا علاقة له بحالة الركود العالمى ، والأزمة العالمية التى أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية فى جميع أنحاء العالم والدليل انخفاض أسعار بعض المنتجات على الصعيد الدولى واستمرار ارتفاعهما فى مصر بلا مبرر أو سبب سوى من جشع بعض التجار الذين يحاولون تحقيق أعلى معدلات للربح فى ظل غياب رقابى من منظمات المجتمع المدنى المحدودة ، ولا يكاد يكون لها دور فى حماية المستهلك ، وهو ما أكده أعضاء الغرفة التجارية فى إجتماعهم الذى عقد هذا الأسبوع ، وأقروا بوجود بعض التجار ممن يستغلون الأوضاع الاقتصادية المتقلبة للعب بالأسعار بما يعود عليهم بالنفع ، ورغم هذا فإن الغرفة التجارية أيضا لا تستطيع إلزام التجار بأعادة النظر فى أسعار السلع بما يحقق الربحية الشرعية ، وتخفيف العبء على المواطن العادى ، واكتفت فقط بدعوة التجار ومناشدتهم إلى المشاركة فى الحد من ارتفاع الأسعار .
والسؤال إلى متى يظل هذا الأرتفاع الجنونى فى الأسعار ، وما هو دور الحكومة ومنظمات المجتمع المدنى فى السيطرة على الأسعار حتى يحدث ما لا يحمد عقباه ؟!
ساحة النقاش