ما معنى الحظ فى القرآن الكريم ؟
كتبت :أمل مبروك
يقول الله عز وجل :قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم ،ولا تعارض بين إيماننا بتقدير الله لكل شئ وإيماننا بأنه سبحانه أعطانا مشيئة وإرادة نتمكّن بها من فعل بعض الأشياء ، قال تعالى مثبتا مشيئة العباد : لمن شاء منكم أن يستقيم ، ومشيئتنا وإرادتنا هي ضمن مشيئة الله لا تخرج عنها كما قال تعالى : وماتشاءون إلا أن يشاء الله...
سؤالي يتعلق بالحظ فقد ذكر في القرآن الكريم في أكثر شلا ذو حظ عظيم، كذلك قوله تعالى يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين . فما هو المقصود به ؟ وهل أستطيع أن أعتبر الزانية التي دخلت الجنة بسبب كلب صاحبة حظ؟
ندا اسماعيل - موظفة
- تقول د. آمنة نصير - أستاذة الفقه بجامعة الأزهر- أنه تجدر الإشارة أولاً إلى أن الأمور كلها مقدرة بتقدير من الله يستحيل أن يتغير وكل ذلك لحكم بالغة، هذا على سبيل العموم، وفي خصوص ما سألت عنه القارئة فإن الحظ يراد به النصيب المقدر، وقال بعض المفسرين انه النصيب من الخير الذي يناله الإنسان في حياته واخرته، وهذا الحظ إن تعلق بالدنيا فقد يناله الصالح وغيره، فكلاهما ينال حظه من التركة، وكذلك الرزق المقدر يناله كل واحد مهما كان حاله.. وأما الحظ الذي يحتمل الدنيا والآخرة كما في آية فصلت فلا يناله إلا المؤمن لما في حديث الصحيحين: إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة.
وفي تفسير: وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم.. قيل انه في الخير والثواب، وقيل: الحظ العظيم الجنة، أي: ما يلقاها إلا من وجبت له الجنة .. وقال ابن كثير في التفسير: ذو حظ عظيم أي: ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والآخرة.
وقد ينال المؤمن حظاً عظيماً في الجنة ولو كان قد ارتكب شيئا من المعصية تفضلاً من الله عليه أو بسبب توبة أو عمل يكفر سيئاته أو غير ذلك. . فالذنوب لا توجب دخول النار مطلقاً إلا إذا انتفت الأسباب المانعة من ذلك، وهي عشرة، منها التوبة، ومنها الاستغفار، ومنها الحسنات الماحية، ومنها المصائب المكفرة، ومنها شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها شفاعة غيره، ومنها دعاء المؤمنين، ومنها ما يهدى للميت من الثواب والصدقة والعتق، ومنها فتنة القبر، ومنها أهوال يوم القيامة.
ولا شك في أن المرأة المذكورة كانت صاحبة حظ عظيم بما منَّ الله به عليها من المغفرة ودخول الجنة كما روي في بعض روايات الحديث، وقد جازاها الله بذلك لحسن نيتها ولرحمتها الكلب .
طريق الصلاح
- لدي طفل عمره 11 شهرا وأتمنى من الله عز وجل كثيرا أن يكون من الصالحين الحافظين لكتاب الله عز وجل .. فهل هناك ما تنصحوننى بأن أتبعه من أساليب فى تربيتى له لأحفظه من كل ما يبعده عن طريق الصلاح ؟
رقية محمود- ليسانس حقوق
- يقول فضيلة د. عبد الله النجار - عضو مجمع البحوث الإسلامية - للقارئة : نسأل الله تعالى أن يثيبك على هذه النية الطيبة، وأن يجعل ذلك الابن قرة عين لك، وأن يعيذه وذريته من الشيطان الرجيم، كما أعاذ مريم بنت عمران إنه سميع مجيب.
وأما ما سألت عنه من أهم أسباب الحفظ والوقاية فهى كثيرة ومن بينها: التوكل على الله والاحتساب، فهو أعظم ما تدفع به الآفات وأنفع ما تحصل به المطالب، فمن توكل على الله كفاه أمره كله. قال تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، وهناك امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، فمن حفظ الله في أمره ونهيه حفظه الله في دينه ودنياه وأهله وماله، كما في الحديث الصحيح: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله .وكثرة ذكر الله من تلاوة القرآن والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا من أنفع ما يحفظ به العبد نفسه وأهله وولده. فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات: أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فذكر منها: وأمركم أن تذكروا الله تعالى، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرزه نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه وولده من الشيطان إلا بذكر الله. ومن الأسباب كذلك تلاوة القرآن، ولاسيما سورة البقرة، فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة. ومن الأذكار التي تنبغي المداومة عليها لحفظ النفس والولد قراءة آية الكرسي عند النوم، ففي الحديث الصحيح أن من قرأها لا يزال عليه من الله حافظ. . وكذلك قراءة خواتيم سورة البقرة، فمن قرأها في ليلة كفتاه. متفق عليه. وكذلك تعويذ الصبي كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، فيقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة. أخرجه البخاري في صحيحه.
ومما يرجى بركته للولد أن يعلم العلم النافع إذا بلغ سن التعلم فيحفظ كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذا، ونوصيك باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهي أصدق دليل على محبته وعلى محبة الله عز وجل كما قال: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ .
والتزمي ذلك حتى تلقي ربك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله أحد الصحابة عن الساعة قال: ما أعددت لها؟ قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: أنت مع من أحببت. قال: فما فرحنا بشيء فرحنا بقوله: أنت مع من أحببت. رواه البخاري ومسلم .
نسأل الله سبحانه وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد، وأن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، وأن يجعلنا للمتقين إماما، إنه سميع مجيب.
اللسان والقدم
- هل يجوز للمرء أن يدعو لنفسه بهذا الدعاء: اللهم اجعل لي لسان صدق في الآخرين، اللهم اجعل لي عندك قدم صدق؟ ولماذا قال في الأولى: الآخرين ـ ولم يقل في الأولين؟ ولماذا في الثانية اختار قدم؟
سالى عبد السلام _ طالبة بدبلوم التجارة
- توضح د . آمنة نصير أن هذين الدعاءين من الأدعية الطيبة المباركة، فيشرع للمسلم أن يدعو بهما لنفسه ولغيره، لأنهما مقتبسان من القرآن الكريم، ففي الدعاء الأول يقول الله تعالى على لسان نبيه وخليله إبراهيم عليه السلام: رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ* وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ، وقال أهل التفسير: واجعل لي لسان صدق في الآخرين أي واجعل لي ذكراً جميلاً بعدي يذكرنى به الناس ويقتدون به في الخير. . و لا بأس أن يحب الإنسان أن يمدحه الآخرون ويرونه من الصالحين، إذا قصد بأعماله وجه الله تعالى، إذ هي الحياة الثانية، فقد قيل: مات قوم وهم في الناس أحياء.
وفي الدعاء الثاني يقول تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ ، فأخبر سبحانه وتعالى أن للمؤمنين قدم صدق عنده، قال أهل التفسير: هو الأجر الحسن بما قدموا من الأعمال الصالحة. . نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم.
وبهذا تعلمين الفرق بين لسان الصدق في الآخرين، وقدم الصدق، فلسان الصدق: هو الثناء والذكر الحسن في الآخرين: وهم كل من يأتي من الناس بعد صاحب الدعاء وهو في الآية: إبراهيم عليه السلام كما ذكرنا، وقد استجاب الله تعالى دعاءه، فكل الأمم تعظمه وتذكره بخير، أما قدم الصدق عند الله تعالى فإنها تكون في تقديم الإيمان والإسلام والتقوى بمعنى يهيئ الله لك الأعمال الصالحة التي ترقيك في تلك المنازل .
ساحة النقاش