أنام على الجانب الذى يريحنى (1)

كتبت :سكينة السادات

أدخل فى الموضوع مباشرة لأهمية هذه المشكلة بالنسبة للعدد الأكبر من الأسر المعمرة التى عانت فيها الأم وصبرت وصــابرت من أجــل أولادها ثم نفذ الصبر وانتهت حدوده وحان وقـت المواجهة وأصبـح الأمر إما الاستمرار أو الموت!

الأفضل أن أحكى لك تفاصيل حكاية قارئتى زينات (45) سنة وهى سيدة لطيفة قارئة جيدة لمجـلات المرأة وأم لثـلاثة أولاد أكبرهم ذكر ثم ابنتين!

 

 

قالت لى السيدة زينات وهى سمراء خفيفة الظل تحرص على قراءة المجلات، مشاهدة التليفزيون وتقول أنها «ساقطة» ثانوية عامة ولولا انشغالها بالبيت والأولاد لذاكرت وحصلت على الثانوية ودخلت الجامعة كمان !

قالت .. فى الأصل، أنا من أسرة صعيدية ومن قرية تابعة لمحافظة الأقصر بالذات لكننا لم نعش فى الصعيد إلا قليلا وذلك لأن والدى الذى كان موظفا فى الحكومة نقلوه إلى القاهرة بعد أن رقى إلى درجة أكبر وجاء إلى القاهرة بصحبة أسرته المكونة من أمى ونصف دستة من الأولاد نصفهم بنين والنصف الآخر بنات !

واختار أبى حى شبرا لنعيش فيه ولما كان والدى أصلا ميسور الحال وأسرته يعملون بالتجارة فقد سارع بشراء قطعة أرض وبنى عليها بيتا من خمسة أدوار كل دور به شقتين وعشنا نحن فى شقتين بالدور الأرضى وأرجأ استكمال تشطيب باقى الشقق الثمانية التى قرر أن يملكها لأولاده الستة وابنى أخيه المتوفى والذى ظل والدى وإخوته ينفقون على تعليمهما حتى تخرجا فى الجامعة والتحقا بالعمل وتزوجا وعاشا معنا مثل إخوتنا فى نفس البيت !

واستطردت زينات :

أعود إلى حكايتى وأنا كبيرة البنات وكبيرة الإخوة والأخوات أيضا يعنى أنا (بكرية) أبى وأمى وموضع ثقتهما ومحبتهما فقد كنت بنت مطيعة ونشيطة فى البيت وكنت أساعد أمى فى كل أعمال المنزل وأنال دعواتها ورضائها دائما .

ومرت الأيام ودخلت المدرسة الثانوية وحاولت أن أنجح مرتين لكننى ولكثرة انشغالى بالبيت والأسرة ووالدى ووالدتى وأصلا لأننى لم أكن (غاوية تعليم) فلم أوفق وفى هذه الأثناء تقدم لخطبتى ابن خالتى وهو أيضا لم يحصل على الثانوية العامة لكنه كان اليد اليمنى لوالده الذى يملك ورشة لإصلاح السيارات وكانوا يقولون عنه الباشمهندس راح الباشمهندس جه وكان والده ميسورا وناجحا فى عمله!

وتستطرد السيدة زينات :

بصراحة تامة كان شابا ليس وسيما وليس قبيحا وكان خجولا ومهذبا وكانت أمى تحبه لأنه بار بأمه التى هى أختها ويساعد والده فى العمل ولم أكن أحبه ولم أكن أكرهه كان مقبولا فقط عندى وكان يكبرنى بسنوات قليلة فقط أظن أنهما عامين أو ثلاثة على الأكثر وعندما سألونى عن رأيى فى ابن خالتى محسن قلت لهم ليس لى رأى ما ترونه فى مصلحتى اعملوه !

وقالت عمتى شقيقة أبى وقال عمى :

الجماعة دول (يقصد أسرة خالتى) طمعانين فى الشقة والفلوس !

وقال أبى .. وهل يأخذون منى أى شئ بدون رغبتى ؟ ابنتى وسأتولى جهازها وتشطيب شقتها مثل إخوتها وستر البنات واجب وعقبال أخوتها وأخواتها !

 

 

وتستطرد السيدة زينات .. تزوجت من ابن خالتى محسن ولم أكن قد عرفت أى شاب غيره واكتشفت منذ اليوم الأول أنه إنسان غير طموح بالمرة، لا يفكر إلا فى نفسه يعنى لا يهمه أى شئ سوى راحته هو حتى بالنسبة لأولادى الثلاثة الذين رزقت بهم منه وهم بنتين وولد واحد فلم يكن يهتم إلا بنفسه أولا ثم والده ثم أمه ثم بعد ذلك يفكر فى زوجته وأولاده !

 

 ليسد النقص فى نفقاتى ونفقات أولادى فلم يكن يعطينى إلا الضرورى جدا والعجيب أنه لم يكن يوفر شيئا فلم يكن يطلب إلا أبسط النفقات من والده كما تعود منذ البداية ألا يطلب منه إلا الضرورى وكنت أكظم غيظى عندما يستغرق فى النوم وأنا ساهرة إلى جوار ابنتى المريضة مثلا أو عندما يقضى سهرته فى بيت والده ويتعشى معهم بدونى أو دون أن يخبرنى ثم لا يهتم عندما أعاتبه !

المهم يا سيدتى كبر الأولاد ودخلوا الجامعة وتخرجت البنت الكبيرة وعملت مدرسة بمدرسة خاصة وصار كل أملى فى الحياة أن تتزوج هذه البنت وتتزوج أختها وأهرب من تلك الحياة التى أبذل فيها كل الجهد والمشقة والإخلاص دون كلمة شكر أو تقدير لما أبذله من جهد !

وجاء العريس المناسب للبنت الكبيرة وسألنا عنه فوجدناه من أسرة متدينة ومحترمة واستعنت بأبى واستعان زوجى بإخوته ووالده وأتممنا جهاز البنت وأقمنا لها حفلا جميلا وذهبت إلى بيت زوجها معززة مكرمة !

وفور عودتى إلى بيتى بعد سابع يوم لزواج ابنتى أحسست أننى لا أريد أن أعيش مع ذلك الإنسان الأنانى الذى أصابنى الغيظ منه بمرض السكر وضغط الدم والقولون العصبى وضعف عضلة القلب وقررت أن أرتاح وأترك له البيت وأرحم نفسى من شدة الضغط على !

فماذا فعلت زينات .. هل تركت البيت أم راجعت نفسها من أجل ابنها وابنتها ؟

هل تركت له شقتها التى تملكها ؟ وأين ذهبت ؟

الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية .

 

 

المصدر: مجلة حواء -سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 568 مشاهدة
نشرت فى 13 سبتمبر 2011 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,812,158

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز