أم البنات.. وأم الصبيان (1)
كتبت :سكينة السادات
قارئتى السيدة هالة السيد من محافظة البحيرة جاءت خصيصا إلى القاهرة لكى تحكى لى حكايتها المفرحة السعيدة التى أهديها إلى كل أم أنجبت البنات فقط ولم يشأ المولى العزيز أن تنجب الصبيان ومن آياته (أنه يهب لمن يشاء الإناث ويهب لمن يشاء الذكور) صدق الله العظيم.. ولكن فى هذا العصر والأوان الذى نعيشه أصبح لا فرق بين البنت والولد وربما تتفوق البنات على الصبيان فى كل مناحى الحياة ويقمن بأدوار إيجابية خير ألف مرة مما يقوم بها الذكور وهذه حكاية قارئتى السيدة هالة تؤكد هذه المقولة!
السيدة هالة السيد ربة بيت فى الثانية والخمسين من عمرها طلبت مقابلتى عبر هاتف دار الهلال وقالت إنها ليست صاحبة مشكلة تبحث لها عن حلّ بل هى تريد أن تنير الطريق أمام بعض الأمهات اللائى عانين ويعانين من خلفة البنات وقالت لى:
- أعرف أنك سوف تكونين (مبسوطة) جدا عندما تسمعين حكايتى!
قالت السيدة هالة.. قررت أن أحكى لك حكايتى بعد أن تابعت خلال شهر رمضان الماضى مسلسل «الريان»، الذى تزوج عدة نساء وكانت (خلفته) من البنات وكلما كان ينجب بنتا كان يحزن ويبتئس ويقول إنه (كان نفسه فى ولد) ويشيع الغم والهم فى بيته وفى عمله، وبعد أن رأيت المسلسل قررت أن أحكى لك حكايتى حتى تكتبيها للناس ويعرفون أنه ليست كل خلفة البنات تجلب الحزن والهم للأسرة! ولا كل خلفة الصبيان تزيح الهم!
واستطردت السيدة هالة.. قالت.. نعيش فى محافظة بعيدة عن العاصمة وفى محيط مدينتنا الصغيرة كل الناس تعرف بعضها البعض والمجتمع عبارة عن عدة أسر كبيرة يتعامل معهم مجموعة من العمال والأجرية علاوة على بعض الموظفين والفلاحين والأسر الصغيرة!
وقد جئت من إحدى الأسر الكبيرة ووصلت فى التعليم إلى الإعدادية فقط لكننى ثقفت نفسى بنفسى عن طريق القراءة الدائمة ومتابعة برامج التليفزيون الثقافية المفيدة.
وتستطرد.. ندخل فى الموضوع الذى جئت أكلمك عنه وهو أنه طبعا (سلو بلدنا) تقدم لى شاب من أبناء إحدى الأسر الكبيرة أيضا فى بلدنا، وهو خريج الجامعة ويعمل مدرسا بمدرسة المدينة الثانوية ولم يكن يعيبه شىء فوافقت عليه الأسرة وكانت فرحة عارمة فى الأسرتين وكانت شقته جاهزة فى عمارة قريبة من عمله يملكها والده الذى خصص لكل ابن وبنت من بناته شقة فى العمارة.
(وبالعشرة وجدته إنسانا رائعا متدينا يعرف كيف يحترم بيته وزوجته وأنجبت أول بنت من بناتى ولاحظت أن زوجى لم يتجهم ولم يحزن مثل أحمد الريان بل كان سعيدا بنعمة الله وكان يقول لى دائما فيه ناس غيرنا بتتمنى ظفر أى عيل بنت أو ولد ومش طايلين لأن ربنا مش رايد لهم الخلفة).
وكنت أسعد بكلامه وأذكره بما قرأته وتأكد فى الكتب وهى أن تحديد نوع الطفل يعود للأب وليس للأم وكان يبتسم ويقول لى.. أيوه أنا عارف يا ستى وربنا يكرمنا ونعرف نربيهم! وجاءت البنت الثانية ولاحظت أن الذى كان يحزن هى أمه وأبوه وليس هو، وفى هذه الأثناء تزوج شقيقه فى الشقة المقابلة لشقتنا واختار ابنة إحدى الأسر المعروفة أيضا التى تضاهى أسرتى وأسرته ومرت الأيام وأنجبت زوجته شقيقة زوجى ولدا ثم ولدا آخر. وقررت أن أجرب حظى للمرة الثالثة رغم اعتراض زوجى وقبوله بما قسم الله به أى البنتين لكننى أصررت وحملت وجاءت البنت الثالثة وأنجبت (سمية) زوجة أخيه بالولد الثالث!
وتستطرد السيدة هالة..
صرت أنا أم البنات التى ينظرون إليها فى الريف نظرات شفقة وصارت (سمية) أم الصبيان وصار لقب أم البنات يسبب لى غصة فهو أمر الله سبحانه وتعالى وليس أمرى أنا ولا أمر زوجى!
ومرت الأيام وأنا أتلقى نظرات الشفقة وبضع شذرات كلام من حماى وحماتى كأن تغلط حماتى وتفلت منها عبارات مثل.. الولد مش زى البنت الولد سند أبوه وحامل لاسم العائلة وهكذا!
ولكن ماذا جرى بعد ذلك ولماذا حولت السنين بيت البنات إلى القمة بينما كانت أم الصبيان تتلقى الملامة والتأنيب؟
الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية!
ساحة النقاش