«إن مت يا أمى ماتبكيش»
كتبت :ماجدة محمود
«إن مت يا أمى ماتبكيش ، راح أموت علشات بلدى تعيش» إنها مصر التى تتعرض هذه الأيام لمؤامرة دنيئة، من خونة ، عملاء ومتربصين بها ، نعم ، مهما سمعت ، ومهما قالوا ، ومهما كذبوا ، أؤكد أنها مؤامرة بكل المقاييس على مصر وشعبها ، وأمنها ، وأمانها ، حتى لو كانت من قبل متعصبى الكرة ، كما يقول شباب الالتراس ، فهى فى النهاية مؤامرة ، لأن هناك من شحنهم ، ودفعهم لهذا العمل الإجرامى.
هناك تقصير نعم ، هناك احتقان آه ، هناك تخوين بالتأكيد ، لكن فى النهاية هناك شباب متفتح للحياة ، يحصد كما الزرع الأخضر على الأرض ، لماذا ؟ لأنهم نقطة ضعفنا ، نور أعيننا التى نرى بها ، مستقبل كل أم ، أب ، أسرة ، وأيضا هم أمل ومستقبل بلدنا ، الجرح خطير ، الألم عميق ، والأسى يعتصر القلوب ، قلوب أمهات وآباء مصر جميعا ، وكيف لا .. ولنا فيهم أحلام وآمال كبيرة ننتظر تحقيقها ، كلما شبوا عن الطوق يوما بعد يوم ، نرى الحلم وقد بات قاب قوسين أو أدنى من تحقيقه ، ثم فجأة وبدون جرم اقترفوه ، يقتلون ظلما . «أنس ، كريم ، محمد وآخرون» خرجوا يشجعون ناديهم ، خرجوا فى محاولة لاختلاس لحظات من الزمن يتناسون فيها ماتعيشه مصر من محنة وآلام ، إلا أن المتربص بهم وبمصر لا يريد لهم ولها السلامة والاطمئنان ، انقض عليهم كما الوحش الكاسر ، فى ليل أسود بهيم ، قطف زهرة شبابهم ، قتل أحلامنا وأحلامهم .
«أنس» رحمه الله ، كان فى التحرير يوم 25 يناير ، خرج يطالب باستكمال أهداف الثورة ، كان متفائلا ، هكذا حكى لى «مازن ابنى وصديقه محمود «روبى» «صديقا أنس» قالا بالحرف الواحد : أنس كان هادئاً ومبتسماً ، ويحلم بمصر جديدة ، معقولة مات كده بسهولة ، مش عايز اسمع كلمة «مخطط» ومش عايز حد يقول الشرطة لم تقصر فى تأمين المباراة ، فى المحلة تم التأمين ومرت بسلام ، لماذا إذن لم تؤمَّن هذه المباراة ، وتاريخ المصرى كله مشاغبات ليس مع الأهلى فقط ، بل مع كثير من الفرق الرياضية خاصة أن بداية المباراة كما شاهدنا فى التليفزيون كانت تدل على وقوع كارثة ، وإذا لم يكن الأمن سواء الشرطة أم أمن الاستاد، فمن الذى أطفأ الأنوار عن الملعب ، وترك الجماهير تلتحم مع بعضها البعض ، والقتلة يصولون ويجولون فى الملعب ، وإذا كان هناك مخطط كما تقولون ، فالمصيبة أكبر . لأنكم تؤكدون وجود إهمال ، وتقصير ، تسيب واشتراك فى الجريمة ، ولابد من محاكمة محافظ بورسعيد ، مدير الأمن، مدير أمن الاستاد، ومحاكمة سريعة وعلنية ، وعلى وزير الداخلية أن يقدم المسئول الأمنى عن هذه المجزرة ، ماما ، أحنا ليه رخصنا قوى كدة ؟! سؤال مازن وبكاؤه ، آدميا، قلبى وأوجعاه ، فبكيت كأمهات مصر جميعا ، وأقول لوالدة «أنس» وأم كل شهيد فى هذه المذبحة إنهم أحياء عند ربهم يرزقون ، لأنهم قتلوا غدرا ، فى التحرير وماسبيرو قتل الشهداء وهم يطالبون بالحرية والعدالة الاجتماعية ، أما هؤلاء الأطفال والشباب العزل . قتلوا، قتل ممنهج ، مدبر ، ووحشى، فبأى ذنب قتلوا ؟ إن هذه المذبحة تتطلب العدالة الناجزة ، العلنية لتهدأ النار المشتعلة فى القلوب ، قلوبنا جميعا ، رحم الله أنس ورفاقه . فهم عند الله يرزقون . الفاتحة.
ساحة النقاش