السكوت من ذهب !
كتبت :نبيلة حافظ
حكمة تعلمناها منذ الصغر .. إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب !! هذه الحكمة تنطبق تماماً على السيد المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة حينما وقف أمام عدسات القنوات الفضائية بعد وقوع كارثة إستاد بورسعيد ليقول : إن هناك فئة من الشعب ارتكبت هذه الجريمة والشعب كله يعرفهم ولا أعلم لماذا يسكت عليهم الشعب ؟!
تصريحات المشير جاءت صادمة ومفزعة جعلتنا لا نصدق ما نسمعه أو نراه أمام أعيننا .. فهل من المعقول أن تأتى هذه التصريحات على لسان الرجل المسئول عن إدارة شئون البلاد ؟! هذا الرجل الذى لديه من الحنكة والخبرة والتى تدفعة لتقدير الأمور بعقلانية وتريث .. وبذكاء وفطنة رجل عسكرى لدية خبرة طويلة فى الحياة !!
وهل يعقل أن تأتى هذه التصريحات لتحرض على فتنة طائفية بين أبناء الوطن الواحد ؟!
التساؤلات جاءت كثيرة .. وكلها تبحث عن إجابات .. ولا تصدق الواقع المؤلم الذى نعيشه ونحياه .. ولكن بقيت الوقائع حقائق ملموسة أمام أعيننا ليس لديها سوى تفسير واحد ..!!
فمن تولوا مسئولية هذا الشعب العظيم أمام العالم وأمام التاريخ يرسخون لنا مبادىء غريبة .. وسياسة لاتمت للإنسانية بصلة هى سياسة الغاب .. وفيها العنف يقابل بالعنف .. وعلى الإنسان أن يأخذ حقه بيده فلا مجال فيها لدولة القانون !!
أعود وأكرر أن تصريحات المشير كانت مفجعة .. جعلت الفجوة تزداد اتساعاً بين الشارع وبين السلطة الحاكمة .. فكل يوم يمر علينا نزداد يقيناً بأن إدارة المجلس العسكرى للفترة الانتقالية كانت إدارة فاشلة بكل المقاييس .. لأنه انحاز فى هذه الفترة إلى الفكر «السلطوى» الذى رسخة نظام مبارك طوال سنوات حكمة.. هذا الفكر الذى يعتمد على فرض الرأى بكل الوسائل الشرعية وغير الشرعية .. فرض الرأى بالقوة .. ولكن للأسف لم يدرك هذا المجلس الحاكم أن ما كان يفرض علينا بالماضى لايمكن فرضه علينا الآن . وأن الشعب الذى أجبر على الخنوع والاستسلام والرضا بالأمر الواقع قد ثار وغضب وكسر قيوده ولن يرضى بهذه السياسات على الإطلاق .
كان الأجدر على السيد المشير حينما تقع مثل هذه الكارثة أن يصمت وألا يصرح بتصريحات غير مسئولة أو يقول كلاما عفو الخاطر لأن فى مثل هذه المواقف يبقى الصمت هو الأفضل والأسلم .
وما قاله السيد المشير جعل الشارع المصرى ينقلب عليه وعلي مجلسه .. وجعل الكثيرين من المؤيدين له ينتقلون من خانة المؤيدين إلى المعارضين والكارهين له ولسياساته الخاطئة .. فمن منا لايخطئ وليس عيباً أو انتقاصا منه أنه لايجيد السياسية .. لأنه لم يشب عليها .. وقدراته العظيمة فى العلوم العسكرية فقط .. أما السياسية فلها أهلها.
لايعيب المجلس العسكرى إنه فشل سياسياً ولكن العيب كل العيب ألا يعترف بفشله ويستمر فى عناده وإصراره على إدارة البلاد بنفس الأسلوب الخاطئ الذى يمارسه .. وبنفس المنطق الذى يؤمن به ولايحيد عنه. وهذا يعنى توالى الكوارث والأزمات .. وانهيار مؤسسات الدولة ومشكلات مستعصية يستحيل حلها .
الآن فقط نريد من المجلس العسكرى الاعتراف بأنه لايمكن أن يسير فى نفس الطريق الذى سلكه منذ عام .. وأنه لايقوى على تحمل هذه المسئولية .. فقد آن الآوان أن تعطى إلى أهلها الذين هم الأقدر والأكفأ .. ففى هذا الاعتراف علاج وشفاء من أمراض جسد الوطن الذى يصارع الموت ويتشبث بالحياة !!
ساحة النقاش