تآمرت على قلبى و نفسى! "1"

كتبت :سكينة السادات

قارئتى حنان «54 سنة» كانت عيناها تدمعان بغزارة طوال لقائى بها ! كانت تردد بصفة دائمة...

- أنا السبب ! أنا ضيعت نفسى يإيدى ! أنا تآمرت على روحى ! أنا صدقته ولا ينبغى لأية امرأة فى الدنيا أن تصدق أى رجل ! كلمته لم يكن أى رجل ! إنه زوجى وحبيبى ووالد أبنائى وبناتى وكل ما لى فى هذه الدنيا !!

 

 

ماهى الحكاية ؟ كيف يتآمر الإنسان السوى على حياته ونفسه ؟ هذا هو ماحكته لى قارئتى حنان بين دموعها المنهمرة وكلماتها المؤثرة !

قالت.. سوف أبدأ لك من البداية فأنا الابنة الوسطى لعائلة تعتبر فوق المتوسطة ، والدى - رحمة الله عليه كان وكيلا لوزارة المالية ووالدتى ابنة عمه ربة بيت محترمة تنحدر من أصل ريفى عريق ولدى أخ يكبرنى وأخ يصغرنى وأنا فاكهة العائلة والابنة الوحيدة المدللة !

لكننى برغم كل شىء كنت متفوقة فى دراستى (وشاطرة) جدا فى أعمال البيت من طهو وحياكة وتدبير منزلى فقد كانت أمى تشركنى فى كل أعمال البيت حتى أكون زوجة ناجحة !

ووصلت إلى كلية الحقوق وفى السنة الثانية خطبنى من أهلى ابن خالى وهو مهندس شاب وسيم يعمل فى إحدى الدول العربية وخالى كان بعد وفاة والدى المسئول تقريبا عن الأسرة وراعيها وحاميها !

وقالت أمى.. طيب.. والجامعة ؟

قال خالى إما أن تكمل تعليمها فى الكويت أو تحضر الامتحانات فى مصر بانتظام المهم أن ننتهى من تأثيث شقة الزوجية فى القاهرة ثم يسافران لشهر العسل ثم يذهبان إلى الكويت حيث يعمل ابن خالى مستشارا لشركة مقاولات كبيرة ومعروفة هناك.

وفعلا كان خالى يمتلك عمارة فى المهندسين ولكل ابن من أبنائه شقة خالية بها وسرعان ما بدأوا العمل فى الديكور والأثاث وكل مايجعل منها شقة رائعة وتزوجنا وقضينا شهر العسل فى شرم الشيخ ثم توجهنا إلى الكويت.

وتستطرد قارئتى حنان.. عرفت الحب لأول مرة فى حياتى مع زوجى وحبيبى الذى كان مثالا للإنسان المحترم المتدين الذى يراعى ربه فى كل مايفعله معى ومع الآخرين وبعد عشرة أشهر جاء ابنى الأول وفرحنا به كثيرا فهو صورة من والده وبعده بعام ونصف آخر جاء الولد الثانى ثم الثالث ثم الحلوة آخر العنقود نمرة أربعة البنت الوحيدة !!

وكنت طبعا مشغولة مع أولادى فلم أستطع أن أكمل مشوارى الجامعى وكان يتصادف أيام الامتحانات أن أكون على وشك وضع ابن من أبنائى وفوضت أمرى إلى الله فى شهادتى الجامعية وقلت لنفسى إن رعاية وسعادة زوجى وأولادى أهم من أى شهادة فى الدنيا واستطردت قارئتى حنان. كنا نعود إلى القاهرة كل صيف ونستمتع بدفء الأسرة ونشترى ماينقصنا من عقارات فى الساحل الشمالى والعين السخنة وكانت الحياة هادئة سعيدة موفقة !

ولم يكن لنا أصدقاء وصديقات كثيرون فى الغربة ، اللهم إلا مهندس مصرى يكبر زوجى بسنوات عديدة كان متزوجا من سيدة مصرية تصغره كثيرا بعد وفاة زوجته الأولى وكان يعمل فى شركة كبيرة بالكويت وكان له من زوجته المتوفاة بنتان متزوجتان ومن المصرية الجديدة ولدان صغيران.

وذات ليلة جاء الصديق المصرى وزوجته لزيارتنا وسمعته يقول لزوجى إنه ينوى العودة إلى مصر نهائيا بعد عشرين عاما من العمل فى الكويت وأنه قام بإجراءات فتح مكتب للمقاولات والاستشارات بالقاهرة وقد قضى سنوات كثيرة فى الغربة ينوى أن يستقر مع أولاده فى مصر وقال الرجل لزوجى:

- هل تعدنى وعد شرف بأنه إذا فكرت فى العودة إلى مصر أن تشاركنى فى المكتب ؟ أنا أثق بك وأحبك !

وسمعت زوجى يقول له : هذا وعد منى بذلك فلن أجد من هو لديه خبرة كبيرة ولن أجد أكرم وأفضل منك لكى أشاركه ، هذا شرف لى ووعد منى بذلك !

وعاد الباشمهندس عبداللطيف مع أسرته إلى القاهرة وافتتح المكتب وباركنا له فى أول إجازة نزلناها فى القاهرة وكان دائما يذكر زوجى بوعده وزوجى يؤكد له أنه لن يتخلى عنه بعد أن تنتهى سنوات العمل فى الخارج !

 

 

وتستطرد قارئتى حنان.. كنت ألاحظ ياسيدتى أن زوجة الحاج الباشمهندس عبداللطيف مبهورة دائما بزوجى ! كانت تقول لى وهى تبسمل وتحوقل إن أمثال زوجك أصبحوا قلة بل ندرة فى هذه الدنيا وهم من يتصفون بالإخلاص فى العمل ومراعاة الدين والضمير والمعاملة السمحة لكل الناس.

 

 

وتستطرد قارئتى حنان.. كنت أقرأ المعوذتين وأقول لنفسى أن نيتها طيبة ولا تقصد شيئا حتى جاء اليوم الذى أنهينا غربتنا وكان ذلك بعد عشر سنوات من العمل فى الخارج وعدنا إلى مصر وجاء الباشمهندس عبداللطيف يذكر زوجى بالوعد الذى قطعه على نفسه فوعده زوجى خيرا !!

 

 

ثم كان الموت المفاجىء للحاج عبداللطيف وترتب على ذلك الارتباك الشديد فى مكتب المهندس المتوفى ومطالبة البنتين الكبيرتين بتصفية المكتب ورفض الزوجة الجديدة وابناها الصغيران فما الذى حدث بعد ذلك وأدى إلى بكاء ولوعة قارئتى حنان.. الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية !

 

المصدر: مجلة حواء -سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 584 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,456,631

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز