هؤلاء وأولئك

كتب : محمد الحمامصي

مصر التي في خاطري وفي فمي

أحبها من كل روحي ودمي

رحم الله أحمد رامي

رحم الله أم كلثوم

وليت هؤلاء وأولئك من الذين يتباهون ليل نهار بحب مصر فيما يتناحرون ويتآمرون ويدسون لبعضهم البعض للحصول على السلطة، السلطة التي غيبتهم وأعمت بصائرهم وأبصارهم عن الأم العظيمة الجليلة "مصرنا"، ليتهم يسمعون أم كلثوم وهي تشدو بكل خلجة حب وعشق في جسدها وروحها كلمات الشاعر الجميل رامي، رغم أنها قيلت في الاستعمار الذي أزاحته ثورة يوليو 52 لتطهر مصر، إلا أنها تليق بشهوة السلطة باعتبار هذه الشهوة استعمارا أشد وطأة من كل أنواع الاستعمار الأخرى:

أحبها للموقف الجليل

من جيشها وشعبها النبيل

دعا إلى حق الحياة

لكل من في أرضها

وثار في وجه الطغاة

مناديا بحقها

وقال في تاريخه المجيد

يا دولة الظلم انمحي وبيدي

صونوا حماها وانصروا من يحتمي

ودافعوا عنها تعش وتسلم

ليتهم يسمعون لربما تحن قلوبهم وتضيء أبصارهم وبصائرهم فيرون "مصرنا" تنادي عليها مستجيرة مما يجري لأبنائها، وبين أبنائها، فيما يتربص المتربصون بها من كل جانب، لا يريدون لها أن تستفيق لترى الطريق وتعلو وتقود وتصبح قبلة الحكمة والسلام والعدل والنور.

إننا نعاني من خواء الرؤية وعتمة الطريق، بعد أن تم قسرا إقصاء وتهميش منابر التنوير فكرا وفلسفة وإبداعا ممثلة في كتاب ومثقفين ومبدعين شرفاء مشهود لهم بحب مصر، وتصدير المنابر البائسة التي أكل عليها الدهر وشرب بعد أن باعت كل ما لديها لهذا ثم لذاك دون وازع من ضمير أو أخلاق من أجل منصب أو حفنة من المال، ودخلت معهم منابر التشدد والتزمت لأصاحب السمع والطاعة والولاء.

ما معنى أن تظل جماعة الإخوان المسلمين على مدار الأشهر الماضية تتلاعب بمسألة مرشحها للرئاسة، تقريبا لم يمر أسبوع وربما يوم على مدار هذه الأشهر دون تصريح لقيادي إخواني عن احتمالات تأييد هذا المرشح أو ذاك، ثم تحول الأمر خلال الشهر الماضي إلى طرح مرشح عن الجماعة والحزب ـ حزب الحرية والعدالة ـ لنظل على مدار الساعة نتابع اللهو بعقولنا، يوميا هناك طرح لهذا أو ذاك، ثم بعد أن وجدوا أن العملية "مَسِختْ" ـ كما يقول العامة ـ خرجوا بالمهندس خيرت الشاطر.

وبعد يومين من هذا الترشيح فوجئنا بالأخبار تتواتر عن طلبات تقدم للمجلس العسكري تطلب ترشح المشير محمد حسين طنطاوي، وأن الطلبات في تزايد، وأن بعض هذه الطلبات تقدمت بها أحزاب.

هؤلاء يرشحون وهؤلاء يرشحون ونحن الغلابة أبناء الشعب المصري علينا أن نقع مكرهين أو مضطرين أو مستسلمين بين شقي رحى الخيارين، لأنهما الخياران الأقوى والأكثر قدرة على التحدي والمواجهة ومن ثم الفوز، مهما كانت قوة مرشح أو اثنين أو ثلاثة من المرشحين الآخرين، وأياً ما سيكون عليه الدستور، وأياً ما كانت الوعود بدولة مدنية ديمقراطية قائمة على المواطنة الكاملة، فالأمر صعب صعب.

إنني أقترح على هؤلاء وأولئك- ولكلاهما في مرشحي الرئاسة نصيب وافر-أن يقتصر دورهما على إضاءة المشهد بالأفكار والرؤى وليتم ذلك بنزاهة، أن يمدا يدي العون للشعب بالسماح لهؤلاء المرشحين بالخروج على القنوات الرسمية ـ حتى يراهم العامة في أقصى مصر شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ـ في حوارات ونقاشات حول برامجهم ومواقفهم من أبرز الموضوعات وأقواها حساسية، فيمكن للشعب من وضع يده على الأصلح والأقدر لقيادته في المرحلة المقبلة.

أقول هذا لأنني على يقين من أنه في حال ترشح المشير طنطاوي سيفوز، وإن لم يترشح سيفوز الشاطر، وفي حال ترشحهما معا فلا أدري ماذا ستكون النتيجة وأي أمر سيترتب عليها؟.

إنني أرى من الحكمة أن يسحب الإخوان مرشحهم وأن يتركوا الفرصة إما للعوا أو أبو الفتوح أو أبو إسماعيل، وأن يسحب من تقدموا بطلبات تطالب المشير بالترشح طلباتهم وتذهب لدعم أحمد شفيق أو الفريق حسام خير الله أو غيرهما، ويفعل كل فريق ما يشاء لدعم مرشحه.

إنني متفائل لأن ما شهدته مصر خلال العقود الماضية مضى ولن يعود بل لن يسمح بعودته وليعلم كلا الفريقين أن المرحلة انتقالية وستظل انتقالية ربما لسنوات طويلة أو قليلة ـ الله أعلم ـ وأن فريقا جديدا تتبلور ملامحه الآن هنا وهناك بيننا سيظهر ليضيء طريق مصر المستقبل . 

المصدر: مجلة حواء- محمد الحمامصي

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,865,324

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز