العمل بالسياسة.. نجاسة!

كتبت :نبيلة حافظ

 فى خضم الأحداث التى يمر بها الوطن.. ووسط الصراعات السياسية التى تدور على الساحة الآن حول انتخابات الرئاسة .. وتشكيل لجنة صياغة الدستور خرج علينا فضيلة المفتى د. على جمعة بتصريح شديد القسوة من خلال ندوة أقيمت بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر.. فحينما سُأل فضيلة المفتى لماذا لم يدخل سباق الرئاسة مثل غيره من الشخصيات التى ترشحت؟! فكان رده المفاجأة .. أنه طوال عمره لم يقحم نفسه فى هذا المجال .. ولايريد أن يدخل عالم السياسة لأن العمل بها نجاسة؟! تشبيه غير متوقع على الإطلاق.. وصدمة لنا جميعا .. لأنه بكل صدق كشف عورات العمل بالسياسة وجعلنا نصطدم بواقع مرير نعيشه للأسف الشديد هذه الأيام.

 هذا الواقع جعل أصحاب النفوس الضعيفة.. ومعدومى التقوى والإيمان يجدون فى العمل بالسياسة مغنماً لهم يحقق طموحاتهم وأحلامهم الدنيوية الدينية.. !!

 نعم إنها أحلام دنيئة تأتى عن طريق اتباع أساليب غير مشروعة من أجل تحقيق الأحلام والوصول إلى الهدف المراد وهو اعتلاء كرسى سياسى يشبع نهم هؤلاء ويلبى أطماعهم فى هذه الحياة .

 وتصريح د. على جمعة «الصدمة» قد يكون المقصود به إيقاظ الضمائر الميتة لهؤلاء المغيبة عقولهم أو جرس إنذار للنفوس المريضة التى أصابتها العلل والأمراض وجعلت القلوب غلظة كالحجارة.. أو أشد قسوة منها - بفعل التناحر والتصارع على السياسة ومناصبها العديدة ،.. فللأسف للسياسة بريق وإغراءات لا تقاوم سحرها يفوق الخيال .. تدفع بأصحابها إلى التخلى عن القيم والمبادئ والمثل والأخلاق .. لا لشىء إلا من أجل الوصول اليها .. إلى متعة العمل بها وتحقيق مكاسب شخصية.. ولكنها تبقى فى البداية والنهاية مغانم زائلة فمهما طال الأمد هى إلى زوال ..!!

 - ولكن ما معنى كلمة «نجاسة» التى يقصدها فضيلة المفتى ..؟!

 الكلمة جعلتنى أبحث فى أبعادها الشرعية واللغوية..!!

 فالنجاسة فى اللغة العربية تعنى القذارة.. وفى المعنى الشرعى و«النجاسة» مصطلح إسلامى نقيض الطهر والتطهر ويطلق على أمور مادية وأخرى معنوية .. ففى الأمور المادية يقصد به الأمور التى يجب على الإنسان المسلم أن يتبرأ منها لكى يقدم على عبادة .. أى عبادة .. مثل الصلاة.. والطواف حول الكعبة.. وغيرها من العبادات .

 لذلك كان لفظ «النجاسة» تعظيم لمعنى النظافة فى النفس.. فالجسد الخالى من النجاسة خالٍ من القادورات .. يتصف بالجمال والرائحة الطيبة وبالتالى يظهر الإنسان فى شكل متحضر لأن مظهره وسلوكه نظيفين ، وبالتالى يكون محببا إلى الله وإلى الآخرين من حوله .

 - هذا هو المعنى اللفظى والحسى لكلمة نجاسة.. وعندما يشبه د. على فإنما يدل على أن طريق السياسة طريق مليئة بالسلوكيات الردىئة التى يلفظها الإسلام وبقية الأديان السماوية الأخرى .. فهى تدفع بصاحبها إلى السير فى كل الطرق.. الحلال منها والحرام.. من أجلها يفعل كل شىء وأي شيء.. كذب.. نفاق.. رياء.. مداهنة.. خداع.. سرقة.. وأحيانا .. كل موبقات الحياة .. من أجلها يتحالف مع الشيطان ليصل إلى أهدافه ويحقق أحلامه !

 هذه هى السياسة - للأسف الشديد - والتى دفعت بالشرفاء والنبلاء والأتقياء .. الذين يخافون المولى عز وجل .. جعلتهم جميعها يبتعدون عنها ولايقربونها .. داعين الله فى صلاتهم أن يكفيهم شرورها وموبقاتها وأطماعها .. خوفا ورهبة من الخالق سبحانه وتعالى

المصدر: مجلة حواء -نبيلة حافظ
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 626 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,868,075

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز