مصيدة السمعة على الفيس بوك
كتبت :مروة لطفي
هل يمكن أن تدمر شبكات التواصل الاجتماعي نفسية طفلك؟!..
سؤال يفرض نفسه .. بعدما استغل أصحاب النفوس الدنيئة تلك الشبكات في الإساءة لسمعة الصغار .. والأخطر أن بعض هؤلاء في مرحلة عمرية واحدة، مما يزيد المشكلة تعقيداً خاصة إذا كان زميلا في المدرسة أو النادي .. لهذا أصدرت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع اتحاد الحفاظ علي السلامة عبر الانترنت «كنكت سيفلي» دليلاً ارشادياً لأولياء الأمور في المنطقة العربية لتعريفهم بالمخاطر التي يتعرض لها الصغار عبر تلك الشبكات وكيفية حمايتهم منها وحولها كانت السطور التالية :
بدايتنا كانت مع المخاطر التى يتعرض لها الأطفال فى أثناء تعاملهم مع شبكات التواصل الاجتماعى، وهو ما كشفت عنه الأبحاث التى رصدها الدليل وأهمها تعرض الأطفال ممن تتسم تصرفاتهم بالعدوانية على الإنترنت للوقوع ضحية لغيرهم بنسبة تجاوزت ضعفى النسب العادية.
مضايقة الزملاء أو التعدى عليهم بصورة تسىء إلى السمعة فضلاً عن تفاقم مشكلات الحياة الواقعية التى يعيشها الطفل، فما ينشر فى لحظة غضب أو اندفاع من الصعب التراجع عنه، التعرض لمحتوى غير لائق عن طريق التواصل مع أشخاص بالغين أو تشويه السمعة. وتبديد التطلعات المستقبلية بسبب سلوك الأطفال أو زملائهم مثل المشاركات الجارحة أو المعبرة عن الغضب أو الصور أو مقاطع الفيديو التى تعرضهم للخطر..
وأشار الدليل لعدة وسائل تساعد أولياء الأمور على حماية أطفالهم من هذه المخاطر أهمها مصادقة الصغار للتمكن من مراقبة استخدامهم لتلك الشبكات عن طريق التواصل معهم عبرها .. ما يتيح لهم التعرف على أسلوب استخدام صغارهم لها.
وفى حالة تعرض الطفل لأمر سلبى يجب عدم إبداء الغضب بشكل مبالغ، والحرص على تسجيل العمر الحقيقى للطفل حيث تقوم إدارة المواقع بتوفير بعض وسائل الحماية الخاصة التى لا تتوافر إلا للقصّر، وضبط إعدادات الخصوصية على الأصدقاء فقط حتى لا يتسنى لآخرين التواصل معه .. وفى حالة تعرض الصغير لأى نوع من الإساءة يمكن إبلاغ إدارة الموقع الاجتماعى عن المسىء، حيث تتحقق من المحتوى وقد تمنع دخوله نهائياً فى حالة تكرار المخالفة.
وجدير بالذكر أنه بإمكان ولى الأمر التأكد من عدم وجود ما يسىء للطفل عبر مواقع النت عن طريق كتابة اسمه وعنوانه ورقم هاتفه فى محرك بحث الويب مثل جوجل ، بينج
مشاحنات الفيس
وإذا كان الدليل يكشف عن تعرض الصغار لبعض المخاطر، فإلى أى مدى يؤثر ذلك على نفسيتهم؟ وما العلاج الأمثل لتلك المشكلة؟!
«أ.ع» طفل لم يتجاوز العاشرة من العمر كاد أن يفقد حياته بسبب «الفيس بوك» وهو ما أكدته والدته قائلة:
لم أتصور أن تؤدى مشاحنات الصغار إلى تدمير أحدهم لسمعة الآخر عبر النت، وهو ما حدث فعلياً.. فقد دأب أحد زملاء ابنى على مضايقته، فكنت اعتبر ذلك لعب عيال حتى جاءنى صغيرى يبكى بعد قيام زميله بوضع صورة على الفيس بوك متهماً إياه بالشذوذ الجنسى .. وما إن انتشر الخبر بين زملائه فى المدرسة حتى أصيب ابنى بالاكتئاب وأخذ يردد رغبته فى الانتحار، وهنا أسرعت لإدارة المدرسة والتى فشلت فى علاج الأمر نتيجة معاناة الطفل المسىء من تفكك أسرى، وتجاهل والديه له .. فلم أجد حلاً إلا بنقله لمدرسة أخرى ليقطع صلته بكل زملائه القدامى..
«د.ح» فتاة فى الرابعة عشرة من العمر تعرضت هى الأخرى لتشويه سمعتها عبر النت، وعن ذلك تحدثنا والدتها:
اعتادت ابنتى على تحميل صورها الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعى .. ونظراً لتعارفها على الكثيرين عبرها فقد استغل أحدهم صورة لها فى إحدى الحفلات التنكرية بكتابة تعليقات تسىء لسمعتها، ما عرضها لمشاكل عديدة لذا اضطررنا لإبلاغ مباحث مكافحة جرائم الإنترنت والتنكولوجيا الحديثة لإيقاف تلك المهزلة .. فاتضح أن الجانى رجل فى نهاية العقد الثالث اعتاد على إخفاء عمره الحقيقى للتعرف على القاصرات والإساءة إليهن..
نظرة المجتمع
وتعلق د. زينب شاهين - أستاذة علم الاجتماع وخبيرة شئون العلاقات الأسرية - على المشاكل السابقة قائلة:
عادة ما يجنح مجتمعنا إلى الشائعات ويأخذ بالشكل أكثر من المضمون، ومن هذا المنطلق يُظلم الكثيرون بسبب شائعة سخيفة تنعكس على نظرة المجتمع لهم وتزداد حدة المشاكل ، إذا كان المتعرض للإساءة صغيراً، لذا يجب النظر لتلك المسألة بعين الاعتبار .. فالأسرة لها دور مهم فى توجيه الطفل للاستخدام الآمن لشبكات التواصل الاجتماعى فضلاً عن أهمية بث القيم الإيجابية، كذلك تلعب المؤسسة التعليمية دوراً رئيسياً فى توجيه الصغير لتجنب حدوث تلك المشاكل بين زملاء المدرسة..
الشخصية العنيفة
ويؤكد د. إسماعيل يوسف - أستاذ علم النفس بجامعة قناة السويس - أن التقدم التكنولوجى فى كافة أرجاء العالم له آثار جانبية ومنها ما يتعرض له بعض الصغار من إساءة عن طريق أدواته، لذلك علينا التعامل مع هذه المشكلة بنوع من الليونة، بمعنى توفير الحماية اللازمة للصغير لكن إذا ما وقع ضحية لأحد المسيئين فعلينا تقبل الأمر، ونوضح له أن الدنيا فيها أشخاص أشرار بجانب أغلبية طيبة، ومن ثم علينا اعتبار تلك التجربة تطعيماً مجانياً ضد شرور البشر حيث يساعد ذلك فى بث ثقة الطفل بنفسه ما يسهم فى حل المشكلة والتى يختلف علاجها وفقاً لشخصية المسىء.
ويضيف د. إسماعيل إن قيام أحد الصغار بالإساءة لزملائه عن طريق النت يكشف عن معاناته من مرض نفسى ناجم عن عنف تعرض له أو إهمال من والديه أدى لانتقامه من الآخرين لهذا يكون بحاجة لعلاج نفسى.
وتتفق د. سهير صالح - مدرسة إعلام تربوى بكلية التربية النوعية جامعة القاهرة - مع الرأى السابق وتضيف:
على الرغم من الآثار النفسية السيئة التى يعانى منها الصغير المتعرض للإساءة فإن درجة تأثره تختلف وفقاً لصلة المسىء .. فإذا لم يكن معروفاً كان الأمر أكثر سهولة من خلال إلغائه من دائرة الأصدقاء، إنما تكمن المشكلة إذا كان زميلاً للصغير بالمدرسة أو النادى ما يشعره بالخجل، لذلك يكون للأم دور هام فى علاج الموقف من خلال إظهار براءة الصغير أولاً، باللجوء لإدارة المدرسة أو النادى لمعاقبة الطفل المسىء لأن عدم العلاج سوف يحول الضحية إلى جانٍ نتيجة شعوره بالقهر ما يؤدى لتبادل الأدوار بين الطرفين..
وعادة ما تتسم سلوكيات الصغير الذى يسىء لزملائه بالعنف ومن ثم يحتاج لرياضة تمتص شحنات العنف داخله مع ضرورة معاقبة أسرته له بالحرمان من المصروف أو الأشياء التى يحبها، حيث كشفت الدراسات عن عدم جدوى العقوبات البدنية إضافة لضرورة إرغام أسرته للاعتذار لمن أساء إليه حيث يساعد ذلك فى حل مشكلة الطرفين.
موقف القانون
هذا عن الحلول النفسية التربوية لكن كيف يتعامل القانون المصرى مع تشويه السمعة عبر الإنترنت؟!..
يقول د. أسامة المليجى - رئيس قسم المرافعات بكلية الحقوق جامعة القاهرة- : هذه الجريمة تدخل ضمن جرائم القذف، والتى يعاقب فيها الجانى بالحبس والغرامة لكن فى حالة كونه قاصراً فالمسئولية تقع على ولى الأمر والذى يؤخذ عليه تعهد باعتباره مسئولا عن الحدث فضلاً عن إمكانية رفع دعوى تعويض عليه من قبل المجنى عليه وأسرته..
أما إذا كان الجانى بالغاً فيدخل ذلك فى إطار التحريض على الفسق والفجور، فتنص المادة «269» مقرر من قانون العقوبات أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن شهر كل من وجد فى طريق عام أو مكان مطروق يحرض المارة على الفسق بإشارات أو أقوال.
ومن ثم يخضع المحرض على الفسق عبر النت لتلك العقوبة
ساحة النقاش