اتفقوا على ألا يتفقوا

 

كنبن :تهاني الصوابي

اتفق الفرقاء على العودة إلى ميدان التحرير فى مليونية جديدة، ولم يتفقوا على المسمى هل هو «حماية الثورة»، «لم الشمل»، «استكمال الثورة»، «تصحيح المسار» ، «تقرير المصير» «ثورتنا ميدان وبرلمان»، أم هى «العين الحمرا» للعسكر لكى يعجل بالرحيل ، وهى نفس «العين الحمرا» التى طالبت العسكر بالنزول للميدان فى يناير 2011 لحمايتهم من بطش نظام الرئيس السابق حسنى مبارك ، واستخدمت فيها الحناجر تهتف مدوية «واحد اتنين الجيش المصرى فين» .

 اتفق الفرقاء على العسكر بتحريض من الإخوان المسلمين الذين انقلبوا فجأة - ولهم مبرارتهم - على العسكر الذين رفضوا أن يركعوا ويخضعوا ويدخلوا تحت عباءة المرشد العام للجماعة، ويقبّلوا الأيادى ويلبّوا الأمر بتولى خيرت الشاطر رئيساً للجمهورية، وإلا سكيون مصيره جهنم وبئس المصير، وجهنم هى نار الإخوان وميلشيات الإخوان «والجهاد يا إخوان الجهاد» على طريقة «على أحمد بكثير» «الجهاد يا مسلمين الجهاد» فى رواية واسلاماه .. الجهاد ضد كل من تسول له نفسه أن يقول لا للإخوان أو السلفيين .

 اتفق الفرقاء ضد العسكر واختلفوا فى المطالب والنوايا ، والله أعلم بالنوايا فهم دائماً يمكرون ، ولكن الله خير الماكرين ، فهاهم الإخوان يعودون للميدان بعد أن اختلفوا مع العسكر وتضاربت مصالحهم الخاصة مع القائمين على مصلحة مصر ، وانضموا إلى باقى القوى الوطنية التى تطالب بالدولة المدنية ، ودستور لكل المصريين ، رغم تخليهم عنهم من قبل فى أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء ، عندما كانت العلاقة «سمن على عسل» مع العسكر ، ولكن عندما أصبح العسل أسود والسمن ليس على مذاق الجماعة قرروا العودة إلى الفرقاء ، وأمطرونا بوابل من المطالب لم تغب يوماً عن القوى الوطنية الشريفة وشباب الثورة الذين فقدوا أعينهم من قناصى العيون فى شارع محمد محمود ، وسحلوا الفتيات فى مجلس الوزراء ، وخرجت حناجر الإخوان والسلفيين علينا بكلام ضخم وكبير «قوى قوى» وترفع شعار حماية الثورة ، كل هذا لأنه لم يتم لهم المراد من تركيع المجلس العسكرى لمرشدهم العام أو تقديم البيعة لحازم أبوإسماعيل .

 مرة أخرى يتشرف ميدان التحرير بالطلعة البهية للتيارات الإسلامية من جديد مع باقي القوى ، وتطالب بالتوحد لاستكمال المسيرة الديمقراطية ، وهى التى من قبل انفصلت ، وتشرذمت ، وتعاملت بسمو وتعال على هؤلاء القلة الثورية المندسة بينهم بإعتبارهم أصحاب الثورة الحقيقيين الذين أقاموها وحموها علي الرغم من أنهم لم يتواجدوا فى الميدان إلا يوم 28 يناير بعد الاطمئنان والطمأنينة بأن شباب «الفيس بوك» حققوا بعض الأرضية لثورتهم المجيدة ، حيث أطلقوا الكذبة وصدقوها ، وها هم اليوم ينزلون ويطالبون بوحدة الصف بعد أن تشرذموا وأرادوا أن «يكوشوا» على كل مقاليد الحكم فى البلاد ، ولم يفلحوا ولن يفلحوا ، عادوا إلى القوى والتيارات السياسية لتكون غطاءً وستراً لهم فى القلة القليلة الباقية من المصداقية لدى الشارع المصرى الذى كشفهم سريعاً «وتعروا» أمامه فى لمحة من البصر عندما خدعوه بالأغلبية الوهمية ، التى صنعوها بالضحك والتحايل على البسطاء ، وصدقوها فى مجلسى الشعب والشورى ، فراحوا يصولون ويجولون ويقولون إن الجمعية التأسيسية من حقنا ، ورئاسة الوزراء والوزارة من نصيبنا ورئيس الجمهورية مقصدنا حتى «نحمل الخير للمصريين» ، وعلى المتضرر أن يخبط رأسه فى «الحيط» فنحن الأغلبية والغلبة لنا ، وقد نسوا وتناسوا أن الغلبة لله وحده لاشريك له .

 هاهم الإخوان المسلمون يعودون إلى الميدان مرة أخرى ، يطلبون البيعة من التيارات الثورية ضد العسكر حتى ينالوا مايريدون ثم ينقلبوا عليهم مرة أخرى ، ويقولون نحن الذين نزلنا إلى الميدان ، ونحن الذين تصدينا للعسكر ونحن الذين حمينا الثورة من بقاء العسكر فى السلطة ، ونحن الذين ، ونحن الذين ، و«نحن» فى اللغة العربية الفصحى جمع «أنا» وأعوذ بالله من كلمة «أنا» فهل يقولونها الإخوان المسلمون أم سيظلون يكابرون ويراوغون ويتربصون بكل من يقول لهم «لا» بالفتك والاغتيال ، وهى سياستهم منذ أنشأ مرشدهم العام «حسن البنا» جماعة الإخوان المسلمين ، ومن يرد أن يتأكد يعد إلى تاريخ الجماعة ذات الجناح العسكرى الجاهز للتصدى لكل من يقول «لا»!

المصدر: مجلة حواء -تهاني الصوابي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 445 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,870,885

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز