الدَّين .. والمظاهر الزائفه 2

كتبت :سكينة السادات

 قلت لقارئاتى الأسبوع الماضى إن الدَين أى الاستدانة همّ بالليل ومذلة بالنهار وإنه لا يجب أن يفكر أى إنسان فى اللجوء إلى الاستدانة من الغير إلا عند الضرورة القصوى، وحكيت طرفاً من حكاية قارئى سعيد الذى تخرج فى الجامعة ثم سافر إلى الخارج للتخصص فى صناعة البلاستيك على أسس علمية ثم عاد إلى مصر وشارك زميلا له بالكلية ينحدر من أسرة ثرية ومعروفة فى شركة ومصنع بلاستيك متطور نجح نجاحا منقطع النظير وصارت الدول العربية والأجنبية تتلهف على منتجاته، ولما كان سعيد هو الابن الثالث لأسرة فوق المتوسطة وكان أخوه وأخته قد تزوجا وأنجبا، فقد ألحت عليه والدته لكى يتزوج حتى تطمئن عليه وحتى ترى أولاده.

 وكان سعيد قد رأى شقيقة علاء شريكه فى العمل عدة مرات وكانت تصغرهما بخمس سنوات وعلم أنها كانت مرتبطة بخطبة سابقة وأنها فسخت خطبتها لعدم التوافق، وباختصار شديد تقدمت أسرة سعيد إلى أسرة شيرين العروس وكان القبول وتحديد موعد الخطبة، ثم كان الحفل الكبير الذى أقيم فى أحدث فنادق مصر وبدأ الاستعداد للزواج.

واستطرد سعيد .. لن أكذب عليك يا سيدتى فإن شيرين فتاة جميلة وأنيقة لكنها تعيش فى عالم المنظرة والمظاهر الزائفة، وقلت فى نفسى ربما بعد الزواج تتعود على بساطتى ورضاى بالقليل وتحاول أن تحاكينى، وطبعاً لا أستطيع أن أصل إلى مرادى حتى اليوم أى بعد ست سنوات من زواجى وإنجابى لطفلين جميلين! لن أقفز على الحوادث يا سيدتى وأرجو أن تتحملينى لكى أسرد لك بعض التفاصيل فقد أصرت شيرين على شراء شقة كبيرة للزوجية فى أرقى أحياء المعادى وأن تفرشها بأغلى الأثاث وطبعاً كان هذا مرهقاً لى بعض الشىء فقد كنت أنفق على بيت أبى وأساعد أخى وأختى الموظفين وكان علاء شقيقها يعرف عنى كل شىء من حيث الطباع والأخلاق والقدرة المالية لكنه قال لى ذات مرة إنه لا يتدخل فى شئون أخته، لأنها أخته الوحيدة المدللة لدى والديها!!

 باختصار، اشتريت الشقة وتورطت فى أقساط مرهقة، واشترت هى الأثاث ودفعت شبكة ومهر فوق طاقتى وكل هذا وصديقى الوحيد وشريكى شقيقها يتألم ويتعجب ويقول لى وهو يحتضنى بكل حب السنين والعيش والملح بيننا..

 - إنت كلفت نفسك كثير وأجهدت روحك زيادة عنِ اللزوم! ولو كنت أنا مكانك ماكنتش أعمل كده!

 وأحتضنه وأقول له..

 - من أجلك ومن أجل شيرين أفعل أى شيء وأنا سعيد اسماً وحقيقة.

 تزوجنا يا سيدتى وحاولت أن أفهمها أن «التايير السينية» الذى أدفع فيه 4 آلاف جنيه فقط لأنه «سينييه» لن يزيدها جمالا عن مثيله العادى أبو ألف واحد!!

 ويستطرد .. حاولت أن أفهمها أن هناك شغالات مصريات محترمات بألف جنيه أو ألف ونصف على الأكثر، أحسن ألف مرة من الشغالة الأجنبية التى تكلفنى ثلاثة آلاف ونصف جنيه شهرياً غير إجازاتها وطعامها وشرابها، حاولت أن أفهمها يا سيدتى أن أولادها أغلى من كل هذا المال وأن الزمن غير مضمون حتى حدثت وقائع اضرابات العمال وتأخير وصول البضائع إلى البلاد وامتناع بعض الدول عن شراء منتجاتنا فتعثرت شركتنا ومرض شريكى وحبيبى علاء شقيقها حزنا على ما جرى لشركتنا ومصنعنا، وأيضاً لم تهتم بل أصرت على أن يكون المصروف كما هو ومنعاً للحرج بدأت أستدين دينا شخصياً دون علم علاء حتى لا أحرجه ودون علمها هى، لكن ساءت صحتى وساء مزاجى وأنا لا أعلم من أين أسدد الدين وهى سائرة فى غيّها ولا تريد أن تقتنع أن الدنيا تغيرت وأن العمل فى مصر يقابله الآن الكثير من المصاعب والعثرات.. هى تقرأ كل ما تكتبينه فانصحيها يا سيدتى ربما تستجيب!.

يا ابنتى الحبيبة.. إنها فترة انتقالية تمرّ بها بلادنا يجب أن نتحايل حتى تمر بأمان وسلام.. أرجو أن تقدرى ظروف زوجك وأسألى شقيقك وهو يزودك بالتفاصيل لأن زوجك محرج جداً وأرجوك أن تساعدى زوجك فالمظاهر ليست كل شىء فى الدنيا!

المصدر: مجلة حواء -سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 523 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,971,138

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز