حددها مختصون
محاذير تتحدى الرئيس
كتب : محمد الشريف
مضى عهد طويل سيطر فيه الفساد علي كثير من مؤسسات وهيئات الدولة ، انعكس ذلك علي أسلوب وأداء الكثير من الأعمال والمصالح لتدخل البلاد في نفق مظلم علي مدار ما يقرب من ثلاثين عاما لتجئ ثورة 25 يناير لتزيل الظلمة وتضيئها ، ويكافح ثوارها لتجري أول انتخابات رئاسية نزيهة يتولي بناء عليها د. محمد مرسي رئاسة مصر ، ومنذ إعلان فوزه خرج الرئيس بعدة خطابات قطع فيها علي نفسه عهودا يتطلع الشعب أجمع إلي تحقيقها علي الاصعدة المختلفة داخليا وخارجيا.
الرئيس المنتخب في سباق مع الزمن .. أكون خلال مائة يوم أولا أكون - انتهي لتوه من معركة انتخابية ليجد نفسه أمام تحديات عظام - البعض يهمس في أذنه ناصحا ، وآخرون يصرخون لا تفعل ياسيادة الرئيس خوفا علي الدولة التي ملت من العبث الإداري.
السطور التالية تحمل محاذير سياسية واجتماعية نطالب الرئيس أن يتجنب السقوط في فخاخها حتي يمر بمصر إلي بر الأمان
مدنية الدولة أمر لا يقبل النقاش حتى ولو كان الرئيس الحالى ممثلاً للتيار الإسلامى . هكذا رأى الحقوقيون ملف مدنية الدولة ، مؤكدين أن حرية الاعتقاد والتعبير والإبداع ودور المرأة فى المجتمع وحقوقها نقاط شائكة لا ينبغى الاقتراب منها ، قالت د.ليلى عبد المجيد -عميدة كلية الإعلام سابقا-: إذا شكلت الحكومة على أساس حزبى أو تنظيمى أو كانت تمثيلاً للإخوان المسلمين فإن ذلك سيكون مؤشراً على التضييق على مدنية الدولة ، لافتة إلى أن الدستور المنتظر إذا ما تمت صياغته على أساس دينى، كأن نربط حرية الاعتقاد بالشريعة الاسلامية مثلا أو تحدث عن حقوق المرأة رابطا إياها بعبارة «بما لا يخالف الشريعة» فإن مدنية الدولة سوف تدخل فى نفق مظلم. وأوضحت د. عبد المجيد أن علاقة المرأة بالعمل وتكافؤ الفرص ستصبح معلقة بتلك العبارة وسينتقص من حقوق المرأة برغم أن البنود الحالية مرجعيتها الإسلام.
وتابعت د. ليلى: هناك من سيستغل هذه النصوص فى تحقيق أهدافه ، فنحن نتعامل بمذهب أبى حنيفة، لكن هناك من هو أكثر تشددا وبحثا عن التضييق وهو ما نخشاه.
المرأة ومدنية الدولة
وتشير د. راندا أبو بكر -أستاذة بكلية الآداب- إلى أن الدولة الحديثة تحترم سيادة القانون والاتفاقات الدولية لحقوق الانسان وتقضى على أى تمييز ، وتحافظ على تكافؤ الفرص ، وأضافت : هناك حقوق لا يجب الاقتراب منها تحت أى دعاوى ، مثل السلامة الجسدية والسلامة من التعذيب، والقاء القبض على أحد ذي تهمة أو كل ما يسمى بالقوانين الاستثنائية ، وإذا كانت هناك حقوق يجب ألا تمس فهناك مظالم يجب أن ترفع مثل المرأة المحرومة من الحريات، وقضايا التحرش التى تتعرض لها دون رادع.
وتؤكد د. أبو بكر أن كل ما يتعلق بالإبداع الفكرى والثقافى وكذلك دور المرأة فى المجتمع هى من ثوابت مدنية الدولة ولا ينبغى الاقتراب منها لكى تظل فى طريقها للتطور ، واعتبرت أن محاولة التضييق على المرأة ستتسبب بالضرورة فى حدوث صدام بين الرئيس ومدنية الدولة.
تكرار الحزب الوطني
مخاوف عديدة أكدها السياسيون من أن تؤدى علاقة الدكتور محمد مرسى الرئيس المنتخب بجماعة الإخوان المسلمين إلى حصول الجماعة على مميزات ، وعن ذلك تحدث محمد ابو حامد -عضو مجلس الشعب السابق- قائلاً : د. محمد مرسى عضو بجماعة الإخوان المسلمين منذ عام 1977 تقريبا وتجمعه بالجماعة علاقة عقائدية مبنية على معتقدات وأفكار يعتقد أبناء الجماعة أنها وسيلتهم لإقامة الدولة الاسلامية.
ويتوقع أبو حامد أن تكون العلاقة بين الرئيس والجماعة التى ينتمى لها علاقة متميزة عن غيرها من العلاقات التى ستجمعه بباقى القوى السياسية ، وأضاف : على الرئيس ألاّ يكرّر لنموذج الوطنى وألا يتميز الإخوان.
من ناحية أخرى أشار د. رفعت السعيد -رئيس حزب التجمع- أن احتمالات أن يكون للجماعة موقع متميز من رئاسة الجمهورية كبيرة ، وينصح السعيد الرئيس المنتخب أن يكون هناك تمييز بين الرئيس وجماعته التى ينتمى إليها منذ سنين ، وإلا فسيكون لذلك آثاره السلبية التى ستنعكس على أدائه ، لذا ينبغى على الدكتور محمد مرسى أن يبتعد عن أى شبهة علاقة تمنح تمييزا لجماعة الإخوان، لأن الشعب المصرى الذى اختاره رئيسا للبلاد لم يختره لكى يصير مرءوسا لأحد ، قائلاً: انتخابات الرئاسة التى انتهت بفوز محمد مرسى رئيسا لمصر ، تعنى بأنه أصبح رئيسا لكل المصريين، والإخوان ليسوا إلا مجرد جزء من كل، فيجب الا يكون لهم موقع متميز فى الدولة لمجرد انتماء الرئيس لهم فكريا وتنظيميا، وإلا كررنا سيناريو الحزب الوطنى.
المعاهدات الدولية
"سأعمل جاهداً معكم وبكم للحفاظ على أمن مصر القومى فى أبعاده العربية والإفريقية والإقليمية والدولية ، وسأحافظ على المعاهدات والمواثيق الدولية والالتزامات والاتفاقيات المصرية مع العالم" كانت هذه الكلمات ضمن أول خطاب للدكتور مرسى بعد فوزه بالرئاسة ، وقد جاءت هذه الكلمات بمثابة رسالة تطمين للعالم ، ووعد قطعه على نفسه بالالتزام بالاتفاقيات الدولية ، وعن هذا الوعد يتحدث أ . د ابراهيم العنانى- استاذ القانون الدولى بجامعة عين شمس- قائلاً : لابد من الابقاء على اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل مع اجراء بعض التعديلات لضمان التكافؤ فى تطبيقها.
ويشير د. العنانى إلى ضرورة التركيز على الوضع فى الداخل لكن هناك بعض الاتفاقيات الوهمية التى كانت من المفترض أن يجنى ثمارها الشعب المصرى، لكن مبارك ونظامه كانوا هم المستفيدين منها ، وأشار إلى وجود بعض الاتفاقيات المجحفة ومنها الخاصة بإقامة المصريين بالخارج ونظام التأشيرات ، مؤكدا ضرورة إعادة النظر فى حق المصرى فى تملك أراض فى الدول التى لا تسمح له بذلك فى الوقت التى تسمح فيه لأبناء تلك الدول بذلك.
وترى أ.د. هويدا عدلى - استاذة العلوم السياسية- ضرورة اهتمام الرئيس المنتخب بالشأن الداخلى قبل إبرام أو تعديل أى اتفاقيات أو معاهدات فى الفترة الحالية ، وعليه ألا يدخل فى أى معاهدات أو اتفاقيات غير محسوبة فى الفترة المقبلة ، وأن يبدأ عهداً جديداً ويسعى لنوع من التهدئة مع العالم الخارجى ، خاصة مع الدول الغربية ودول الخليج ويصفى الأجواء معهم.
وتساءل د. مصطفى كامل السيد -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- ماذا سيفعل الرئيس المنتخب بعد حل مجلس الشعب ، إذا كان عليه أن يعرض أى اتفاقية أو معاهدة على البرلمان قبل التوقيع عليها؟ وأضاف السيد «المعاهدات بشكل عام ملزمة للدولة بحيث تتغير الحكومات وبتغير الرؤساء ولا تتغير المعاهدات ، لذا عليه أن يلتزم بمعاهدة السلام على أن يقوم بتعديل بعض البنود بها بشرط موافقة الطرفين ، فمصر إذا أرادت أن تلغى هذه المعاهدة عليها أن تكون مستعدة للحرب مع إسرائيل ، واعتقد أن هذا هو سبب إعلان الدكتور محمد مرسى عن التزامه بكافة المعاهدات الدولية فى خطابه الرئاسى الأول .
ساحة النقاش