فتيات اخترن العنوسة

خطبوها اتعززت ومن العند كملت 

 


كتبت :ايمان عبد الرحمن

تطير محلقة في سماء نجاحها، وترتوي هانئة من كأس التفوق في حياتها العملية، ولكن المجتمع يشدها بقيده المتين لتحط من سمائها وتنزل من بين النجوم إلي أرض
المجتمع الذي يمنحها لقب «عانس»، فلا تجد مفراً من أن تعلنها بنفسها بتحدِ نعم أنا عانس ولكنها إرادتي واختياري 
أول من أعلنتها من الفتيات شابة قررت أن تسجل فيديو ورفعته على موقع اليوتيوب تعرف بنفسها وتعلنها بكل صراحة وبدون أى حرج «أنا عانس وافتخر» وذلك منذ عامين
تقريباً، ليواكب هذا الفيديو أول جمعية من نوعها، أطلقتها إحدى الصحفيات وهي «عوانس من أجل التغيير» انضم إليها الكثير من صفوة فتيات وشباب المجتمع، يساندون
الفتيات اللاتى تأخر سن زواجهن، وبعدها أنشأوا صفحة على موقع الفيسبوك تحمل نفس الاسم وحملت أسئلتى المحرجة لفتيات تقدمن فى السن دون زواج، لأقترب أكثر منهن
وأعلم السبب الحقيقى وراء إعلانهن «عانس.. بمزاجى».
ر . م - فى التاسعة والعشرين من عمرها -صيدلانية- ترى عدم زواجها أمراً طبيعياً تقول: «كثير من صديقاتى لم يتزوجن بعد، وهو أمر عادى لدى من اخترن الدراسة
العلمية، وخاصة صديقاتى ممن درسن الطب، ولا أجد أى مشكلة فى ذلك، وعندما أسمع لقب «عانس» لا أتأثر، لأن مجتمعنا به أمراض كثيرة، وتعبير عانس إنما هو عرض
لمرض المجتمع وليس عيباً فينا نحن الفتيات اللائى تأخر زواجهن.
وتضيف: تقدم لى الكثيرون ولكننى لم أر أحداً منهم مناسباً لى، إما لاختلاف فى الأفكار أو المستوى، فأنا لا أرضى أن اتزوج بأحد أراه أقل منى فى أى شىء حتى لو كان
صغيراً، ولا أتحدث عن المستوى المادى، بل الفكرى والاجتماعى والثقافى والعملى، وهذا هو مبدئى فى الحياة ولن أتنازل عنه ما حييت.


عوانس مصر

أما هـ.ع ثلاثون عاماً وإحدى المشرفات على صفحة خاصة «بعوانس مصر» على موقع التواصل الاجتماعى الفيسبوك، فردت علىّ ضاحكة: أنا عانس نعم وأقولها بدون أى
إحراج، ولم أجد حرجاً فى أن ننشىء هذه الصفحة لتكون خاصة بعوانس مصر وأدعو إليها صديقاتى ومعارفى، لنتحدث ونضحك ونسخر من المجتمع الذى وضعنا فى هذه
الحالة، ووضع لنا القيود، وتكرم علينا ومنحنا هذا اللقب التعيس «عانس» والذى أصبح يضحكنا ولم يعد يحزننا كما السابق، وتضيف: الرائع برنارد شو صاحب نوبل يقول:
«العاقل هو الذى يتواءم مع الواقع أما غير العاقل فينتظر من الواقع أن يتواءم معه.. ولهذا فإن أعظم إنجازاته لن تزيد مهما فعل على مجرد الانتظار، وأنا وصديقاتى «العوانس»
اقتنعنا بهذه المقولة، ولن نرضى بالانتظار، ولن نغضب من هذا اللقب بل نحن نضحكك عليه مع من يلقبنا به، فعلا.. فقد بدأنا نتواءم مع الواقع، لأننا لسن متهمان ،ولسن
ضحايا، نحن فتيات اخترنا لأنفسنا طريقا معينا ونجحنا وحققنا ذاتنا.. لم نتزوج ولكنها ليست قضيتنا الكبرى، إنها قضية مجتمع به الكثير من الأمراض.. نحاول أن نناقشها
ونتفاعل معها من خلال الصفحة التى انشأناها على الفيسبوك.
يادرتها بسؤالى المحرج ولأنها صديقتى فقد زالت بيننا كل الحواجز، ألا تشعرين بالندم على تقدم سنك بدون زواج حتى ولو بينك وبين نفسك، ألم تقولى مرة يا ليتنى قبلت
بأحد ممن تقدموا لى ووجدتهم غير مناسبين ؟ فردت ضاحكة لا لم أندم، نعم أنا الآن عمرى ثلاثون سنة ولكننى سعيدة ناجحة ولى منصب لم تحققه إحدى زميلاتنا
المتزوجات، وأنا عانس.. وأفتخر بذلك، ولا أجد حرجاً فى ذلك، لم أجد فيمن تقدموا لى الزوج المناسب، أسرتى تضغط على وأضعف أحياناً أمام دموع أمى ولكننى عندما أنظر
إلى حياتى، أشعر بالراحة والرضاء، وكما يقول الشاعر البهاء زهير: «لا تعتب على الدهر فى خطب رماك به، إن استرد فقد طالما وهبا.. حاسب زمانك فى حال تصرفه تجده
أعطاك أضعاف الذى سلبا».


تحقيق الذات

وعن رأى علم الاجتماع تقول د. إنشاد عزالذين- استاذة علم الاجتماع الأسرى والمشكلات الاجتماعية بجامعة المنوفية-: «المشكلة أراها فى أن كثيراً من الفتيات طموحهن
الأساسى هو تحقيق ذواتهن من خلال التفوق العلمى والحصول على درجات علمية أعلى والنجاح فى العمل، وتحقق الفتاة استقلالها بذاتها، وهو ما يجعلهن فى حيرة حقيقية،
إن تقدم لهن أحد أقل من مستواهن العلمى أو العملى، وهذه هى المشكلة الحقيقية لذلك أرى أن أهم شىء هو القدرة على اتخاذ القرار الصحيح فى الوقت المناسب، وعدم
التردد بشكل فظيع كما ألمسه أحيانا، وأن تكون علاقتها قوية بالله وتتحرى الدقة وتسأل عن هذا المتقدم لها جيداً حتى لا تصل لمرحلة وتبكى على اللبن المسكوب .
وتضيف د. انشاد إن القضية ليست فى الزواج فى سن مبكرة أم لا، القضية أنه أحيانا كثيرة تتزوج الفتيات فى سن مبكرة ولكنه يكون زواجا فاشلاً ووقتها ستكون الفتاة
الناجحة والتى حققت ذاتها ولم تتزوج أفضل مائة مرة فى نظرى ممن تزوجت فى سن مبكرة وفشل زواجها.


ميكانيزم دفاعى

أما علم النفس فتحدثنا عن رأيه د.سميحة نصر أستاذة علم النفس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية- قائلة: إن لكل بنت مواصفات خاصة لفارس أحلامها
ترسمها فى خيالها وتتمنى أن تتحقق، وعلى العكس هناك فتيات هدفهن الأساسى هو الزواج فقط، وبالنسبة للنوع الأول أحيانا لا يتنازلن بسهولة عن هذه المواصفات ويعانين
من تأخير فى عملية الزواج، ويعرضهن لضغوط أسرية عديدة وضغوط مجتمعية بعضهن يصمدن والأخريات يستسلمن جراء الضغط العصبى الشديد، وحتى لا يفوتهن قطار
الزواج وعليهن أن يتنازلن عن المواصفات التى رسمنها فى خيالهن.
وتضيف أن الفتيات اللاتى يتمسكن بمواصفات معينة يجعلهن تحت ضغط نفسى ويصبن بالضيق والحيرة ويتساءلن «لماذا لم أحصل على الفتى الذى أحلم به ؟ بينما لى
صديقات وجارات ولسن أجمل منى وحصلن على فتى أحلامهن فتحس أنها غير مرغوب فيها.
فتصاب بكراهية للجنس الآخر.. وكراهية للزواج فتتجه اتجاها مضاداً وهو أنها لم تتزوج بمزاجها وهو ميكانيزم دفاعى تبرر به الفتاة عدم زواجها وأحيانا كثيرة عندما يفوتها
قطار الزواج تقول فى نفسها «يا ليتنى تنازلت» لأنها تعانى معاناة أكبر من نظرة المجتمع لها «كعانس» ومن القيود التى تفرضها عليها أسرتها من ملبس معين أو عدم الخروج
أحياناً وممارسة حياتها الطبيعية بحرية مثل أقرانها، فيسبب ذلك لها درجة من الاكتئاب والقلق والتوتر والحيرة والخوف.
الحل

وعن الحل تنصح د. سميحة نصر كل فتاة بألا تضع مواصفات مبالغ فيها لفارس أحلامها ولكن تكون أحلامها فى مستوى التحقيق، فتحاول أن تضع من هو فى نفسى
مستواها فيكون شيئاً متاحاً ولو أتى من هو فى مستوى أعلى يكون أفضل، وحتى لا تضطر أن تقدم تنازلات يجبرها عليها المجتمع والأسرة أن تخطى عمرها حداً معيناً .

 

المصدر: مجلة حواء- ايمان عبد الرحمن
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1361 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,869,757

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز