لهاثكم على السلطة يسقط مصر ويسقطكم

كتب :محمد الحمامصي

تعازيّ لأسر وعائلات أبناء مصر الذين استشهدوا في رفح على الحدود المصرية الإسرائيلية، تعازي للأم والأب والأخ والأخت والزوجة والابن والابنة، للشقيق والشقيقة، تعازي لكل مواطن مصري وطني شريف ومخلص، تعازي لكل ضابط وجندي في قواتنا المسلحة المصرية، تعازي لمصر والمصريين الشرفاء الوطنيين فقط الذي رأيتهم يفض الدمع من عيونهم من فرط الحزن والألم.

إن أرواح ضباطنا وجنودنا الطاهرة التي قتلت غدرا وحقدا وغلا في رقبتنا جميعا الكبير والصغير، كلنا مسئولون عما جرى لها ولسوف يحاسبنا الله والتاريخ على ما فرطنا فيه من دماء، سنحاسب على تواطئنا وإهمالنا وتقصيرنا، على أننا جعلنا صراع كعكة السلطة أغلي من دم أبنائنا.

قبل يومين من الحادث الجلل يخرج الإسرائيليون ليحذروا رعاياهم من دخول سيناء، فنخرج نحن لنقول كلاما خائبا أبلها عبيطا عن السياحة وضربها، ولا نأخذ الأمر مأخذ الجد ولا يستوقفنا التحذير أو ينبهنا إلى أن مؤامرة تحاك لنا، بل إن أحدا لم يتساءل لماذا تحذر إسرائيل رعاياها من دخول سيناء.

ويجري ما حدث لنعلق دماء شهدائنا على شماعة إسرائيل واتفاقية كامب ديفيد.. لا أبرئ إسرائيل وموسادها بل أراهما ضالعين في الأمر كونهما المستفيدين الأساسيين مما جرى، ولكن أن نخرج ببجاحة لكي نندد ونستنكر ونصنع المبررات لخيبتنا الثقيلة ونلقي باللائمة على الآخرين، محذرين ومتوعدين ومهددين دون أن نعترف ـ ولو تلميحا ـ بالتقصير والإهمال في حماية أمننا القومي، فهذا تخبط وجنون رسمي.

وفي الوقت الذي تبكي فيه مصر كبيرها وصغيرها، وفي الوقت الذي لم تصل فيه جثامين الشهداء ولم تشيع إلى مثواها الأخير، تخرج التصريحات لتقول كلاما غير مسئول أو مدروس عن أن هدف ما حدث في سيناء "عرقلة الرئيس في تنفيذ برنامجه الإصلاحي، والذي سيحدث نهضة شاملة لمصر"، وأن من المحتمل أن يكون ذلك عبر مجموعات من النظام البائد وراء الجريمة، و"الهدف الأساسي من وراء حادث سيناء هو الإطاحة بالدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية وكسر عظام الإخوان المسلمين".

احنا في أيه ولا إيه، هذه معركة دم شهداء، دمهم لا يزال رطبا أم معركة انتخابية تبحث فيها عن مؤيدين لتتمكن من الحكم، معركة البحث عن الجناة ومعاقبتهم والثأر لمصر والمصريين أم معركة تصفية الحسابات مع الآخرين.

إن مصيبتنا أننا طوال عام ونصف منذ انطلاق ثورة يناير لا يشغل القوى السياسية أحزابا وجماعات وتيارات وأجهزة وحتى أفرادا إلا اللهاث وراء السلطة وتصفية الحسابات مع هذا وذاك، كلُ يريد نصيبه من الكعكة بوزارة أو مؤسسة أو هيئة أو أي منصب والسلام.. ، دون أن يهمه أمن البلاد واستقرارها، وهذه هي النتيجة اضطراب في كافة مؤسساتنا وأجهزتنا ترتب عليه أن يتم اختراق أمننا القومي وقتل أبنائنا.

من المسئول عن الاضطراب والارتباك الحادثين في كافة مؤسسات وأجهزة الدولة سيادية وغير سيادية، صغيرة أو كبيرة، شخصيا أرى أن المسئول الأول والأخير هو ما يملأ البعض من جشع وطمع وسعي للاستحواذ على السلطة من خلال الإقصاء والتهميش والإبعاد والإزاحة للكوادر والخبرات واختيار بدائل من ذوي الولاء وليس القدرة والكفاءة والخبرة.

مصيبتنا أيضا أن أحدا لا يلاحظ أو يتابع أفكار التطرف والتشدد والعنف والتزمت التي تنتشر انتشار النار في الهشيم بطول مصر، والتي عادت لتتغلغل في عقول الأميين والجهلة وأنصاف المتعلمين، والتي تجلت واضحة في غل البعض وشماتته في القوات المسلحة المصرية عقب أحداث سيناء، ألم يلاحظ أحد أن هناك خطابا متطرفا وتكفيريا يسري الآن، ألم يقرأ أحد تعليق الشيخ وجدي غنيم المعفو عنه بقرار رئاسي على مرور السفن الحربية لسوريا والمنشور على أغلب المواقع الإخبارية الالكترونية ونشره موقع صحيفة الوفد"وصف غنيم عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وزارة الدفاع بـ "الصهيونية"، قائلا "وزارة الدفاع المصرية الصهيونية هى الجهة المسئولة عن منح هذه الموافقات التى تتعلق بمرور السفن الحربية، هل علمتم خطورة الإعلان الدستوري المكمل"، وتابع "قناة السويس تسمح بمرور سفن بها قطع حربية صينية فى طريقها إلى سوريا لدعم بشار الأسد بعد موافقة المجلس العسكري الصهيوني".وطالب غنيم الرئيس محمد مرسى بدعم سوريا والجيش الحر بإرسال أسلحة لمقاومة الجيش النظامي، قائلا "وأقل ما يكون : على الرئيس محمد مرسى دعم الثورة السورية وإرسال أسلحة للجيش السوري الحر فوراً".

لقد أصبحت مصر في نظرنا "قصعة" نتداعى على أكلها، نتكالب على مقدراتها، ننهش بعضنا البعض باسم الدين والوطنية والولاء في سبيل نيل القدر الأكبر، نستنزف سماحتها الدينية والإنسانية ومقدراتها الاقتصادية وأمنها القومي وأمانها واستقرارها الاجتماعي، لاهين منهمكين ومنهكين في غيبوبة الصراع على السلطة والتصفية حتى تمكن المخربون من التغلغل، وأخذوا استعداداتهم وجهزوا أنفسهم للانقضاض.

مرة أخرى وليست أخيرة :

أفيقوا واجعلوا مصر الوطن أولوية وليس مصر السلطة

أفيقوا مصر في مواجهة حرب استنزاف داخلية وخارجية

أفيقوا لهاثكم على السلطة يسقط مصر ويسقطكم 

المصدر: مجلة حواء- محمد الحمامصي

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,468,987

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز