أكسري أمراضك علي السلم الموسيقي
كتبت :اميرة اسماعيل
بالرغم من أن هناك العديد من العلاجات النفسية لكن العلاج بالموسيقى عرف منذ بدء التاريخ حين اعتقد الإنسان البدائى أن الغناء والرقص من الطقوس السحرية لطرد الأرواح الشريرة باعتبارها تسبب الأمراض حسب معتقداته القديمة.
وفى هذا الصدد يحدثنا د. وائل صدقى الأستاذ بكلية التربية الموسيقية جامعة حلوان قائلاً: إن القدماء المصريين قد استخدموا الموسيقى فى العلاج ويقال إن كهنة معبد أبيدوس وهو أكبر مراكز الطب فى العصور القديمة كانوا يعالجون الأمراض بالترتيل المنغم باعتبار الموسيقى تقرب المرضى من الآلهة وتحقق رضاهم وبالتالى تشفى أمراضهم، وكان أول من استخدم الموسيقى فى العلاج هو المصرى القديم «أمنحتب» الذى أنشأ أول معهداً طبىا فى التاريخ للعلاج بالذبذبات الموسيقية.
وقد أثبت العلم الحديث أن ذبذبات الموسيقى تؤثر تأثيراً مباشراً على الجهاز العصبى، إذ يمكن لكل ذبذبة أو أكثر أن تؤثر على جزء ما بالمخ خاص بعصب ما فتحذره بالقدر الذى يتيح له فرصة الاسترخاء واستجماع الإرادة للتغلب على مسببات الألم، فيبدأ الجسم فى تنشيط المضادات الطبيعية والإفرازات الداخلية التى تساعد الجهاز المناعى وغيره فى التغلب على مصدر الداء ومكانه.
أول خطوة
تضيف الدكتورة دينا مصطفى دكتوراة الفلسفة - قسم العلوم النفسية بكلية رياض الأطفال جامعة القاهرة - أنه تم تأسيس الاتحاد الوطنى للعلاج بالموسيقى عام 1950 وقد ظهر أول تنظيم علمى للعلاج بالموسيقى فى اليابان وهو «الاتحاد اليابانى للعلاج بالموسيقى» عام 1997، وفى أوروبا تم إنشاء أول مدرسة للعلاج بالموسيقى عام 1959 لتخريج معالجين بالموسيقى، وانتشر هذا النوع من العلاج حتى أصبح فى أمريكا 16 جامعة للعلاج بالموسيقى على أساس علمى ونظرى كما أصبح هناك أيضاً مستشفى تستخدم هذا النوع من العلاج، ولكن .. أين مصر من الاستفادة بتجارب المتخصصين والأطباء النفسيين من العلاج بالموسيقى؟ فمازال الأمر مجرد أبحاث على الأرفف.
فائدة للطلاب
وتشاركها الرأى الدكتورة هدى حسن الأستاذة بالتربية الموسيقية والتى قامت بالاستعانة بالموسيقى لتحسين أداء الطلاب وتخفيف حدة التوتر قرب الامتحانات.
وأيضاً الاستعانة بالموسيقى فى علاج بعض حالات الاكتئاب والتبول اللاإرادى وبعض الأمراض النفسية ودائماً ما يعمل الطبيب النفسى بجانب الأخصائى أو المتخصص فى مجال الموسيقى من أجل إنجاح العلاج، وفى نطاق التعامل الشخصى نجحت هذه التجربة فى علاج بعض الأشخاص.
تخفيف الألم
وفى إطار البحث عن وسيلة لتخفيف الآلام قامت الباحثة منال محمد على نجيب بالاستعانة بالمقطوعات الموسيقية كوسيلة لتخفيف الألم لدى الأطفال المصابين بالسرطان وقد أكدت الباحثة أن هذه التجربة كانت لفترة البحث فقط ورغم ما حققته من نتائج مع الأطفال واستجاباتهم للعلاج وتحسين الحالة النفسية لهم إلا أن البحث لم يتم تفعيله!!
وترى دينا مصطفى أن هناك طرقاً عديدة يمكن أن تساعد الطفل على تحقيق التوازن النفسى عن طريق دمج التهويدات (إيقاع التهويدة يشابه دقات قلب الإنسان) فى وقت النوم وهى طريقة تساعد الأطفال على تخطى صعوبة النوم، ولأن الأطفال يحبون التحرك مع دقات الطبل فيمكن استخدام إيقاعات مختلفة لكى توضح طريقة الحركة وعلينا تذكر أن دقات قلب الأم هى أول ما يسمعه الطفل ويدركه فى الأشهر التسعة الأولى وهو فى الرحم.
وهناك أيضاً موسيقى الاسترخاء وهى موسيقى هادئة ويمكن استخدامها لتخفيف الإجهاد وزيادة الاسترخاء، وقد أظهرت الدراسات أن ضغط الدم يكون أكثر استقراراً عندما يستخدم هذا النوع من الموسيقى قبل وأثناء وبعد العملية الجراحية، ويمكن استخدام موسيقى الاسترخاء عندما يكون لديك صعوبة فى الذهاب إلى النوم أو يكون نومك متقطعاً.
آلام المفاصل
وقد توصلت تجربة جديدة أجرتها مجموعة من العلماء بجامعة «فلوريدا» إلى أن الموسيقى يمكن استخدامها للتخفيف من آلام المفاصل وأوضح الباحثون أن سماع الموسيقى الهادئة لمدة 20 دقيقة يومياً يمكنه أن يخفف من آلام المفاصل المزمنة بنسبة تصل إلى 50% .
وقد قام بعض العلماء بمستشفى لوس أنجلوس لجراحة العظام باستحداث أسلوب جديد فى العلاج قد يساعد الأطفال المصابين «بالحنك المشقوق» على الكلام.
ويعتمد العلاج الجديد على الموسيقى حيث تم استخدامها لفترات طويلة فى معالجة الاضطرابات السلوكية للتحسين من قدرات الطفل على الكلام، ويتم العلاج باستخدام بعض النشاطات مثل النفخ فى الصفارة للمساعدة على تسهيل حركة الهواء الصادر من الرئتين إلى الفم وتكرار الأصوات لتبسيط الكلمات والغناء من أجل التعود على نطق بعض الكلمات الصعبة وجمع الأطفال المصابين معاً وجعلهم يحاولون التخاطب مع بعضهم البعض.
هنا يضيف د. وائل صدقى أن هناك جزءاً من المخ يتجاوب مع الموسيقى فكلما اقترب الإيقاع الموسيقى مابين 80 ، 90 ضربة فى الدقيقة زادت ضربات القلب وكلما زادت الإيقاعات عن 80 ، 90 ضربة أدى ذلك لزيادة مادة الأدرينالين التى تشكل المزاج الجيد للإنسان وإذا قلت ضربات إيقاع الموسيقى حدث نوع من الاسترخاء الذهنى .. أما موسيقى الديسكو العاطفية التى تزيد عن 100 ضربة فى الدقيقة فإنها تؤدى إلى ارتفاع ضغط الدم.
وقد توصل الخبراء إلى معرفة تأثير الآلات الموسيقية المختلفة على وظائف الحركة فى الجسم فمثلاً يفيد العزف على الهارمونيكا فى التنفس والبلع، كما يزيد من الطاقة الحيوية والثقة بالنفس ويساعد العزف على الجيتار والمندولين والكمان على تقوية عضلات اليد والأصابع وتوافقها الحركى ويفيد العزف على الآلات الإيقاعية (مثل الطبل) إلى إطلاق الضغط العاطفى لبعض المرضى بدلاً من كبته أو ظهوره فى صورة انفعالية عدائية ويساعد الرقص بالكراسى ذات العجلات والسير والمشى بالعكاكيز على الموسيقى بتقوية العضلات الضعيفة.
ومازال هناك الكثير مما يسهم فيه الفن والموسيقى تحديداً فى علاج الأمراض ولكنها بحاجة لتفعيل وليس مجرد تجارب وأوراق بحثية فقط!!
ساحة النقاش