بلد المليون بحيرة ..!

كتبت :نبيلة حافظ

فى الغربة تظهر معادن الناس بوضوح دون تزييف أو نفاق لذلك لم يكن غريبا على وأنا بكندا أن أكتشف معادن المصريين الثمينة هناك ، أعترف أننى انبهرت بهم وبأخلاقهم وترابطهم وحرصهم على التمسك بعاداتهم وتقاليدهم الأصيلة ، لذلك من الممكن أن أقولها وبكل صدق إن أهم ما يميز المجتمع المصرى بكندا هو حب المصرين بعضهم لبعض وتراصهم صفا واحدا فى مجتمع الغربة الذى يلفه الوحده والملل بعيدا عن الأهل والأقارب والأصحاب

ومن البداية عندما يبحث المصرى عن موضوع قدم له فى كندا أول شى يبحث عنه المكان الذى يسكنه المصريون فهو شديد الحرص على أن يكون داخل هذا المجتمع المصرى الجميل بطباعه وأخلاقه ، وعندما ينزل الغريب المصرى إلى كندا يجد المصرى الذى يأخذ بيده من المطار إلى مكان سكنه ثم من يساعده فى شئون حياته وتاثيث سكنه ، سواء كان سكن عازب أو سكنا عائليا ، فالمصريون هناك حرصون على الوقوف بجانب أى قادم جديد من الوطن ، الكل يقدم المساعدة ، فهناك من يأخذه ليعرفه بمعالم المكان ويرشده إلى الطريق لقضاء متطلبات حياته اليومية ، وهناك من يقوم بانجاز بعض مصالحه الهامة والحيوية كالتوجه إلى الجامعة التى يدرس بها أو إلى إدارة الهجرة لاستكمال أوراقه واعتمادها ، وهناك من يتبرع بوقته وسيارته ليصاحبه فى كل خطواته وذلك من أجل توفير النفقات الطائلة التى يتطلبها استدعاء سيارة الأجرة هناك..فالانتقالات هناك غالية الثمن فيما عادا الاتوبيسات فقط هى التى تكون بأجر معقول ثلاثة دولارات كندية ، ولكن المشكلة أن الغريب هناك لا يتمكن من استخدامها إلا بعد أن يتعرف على معالم البلد جيدا ويستعلم عن خطوط هذه الأتوبيسات.

فى كندا الشئ الوحيد الذى يكسر ملل المصريين المقيمين هناك هى أيام العطلات الأسبوعية والأعياد الرسمية وفيها يجتمع المصريون فى المنتزهات والحدائق الغناء الجميلة التى تميز كندا بشكل عام .. وعلى مياه البحيرات يجتمع المصريون بأسرهم فى حفلات سمر وخاصة فى أيام الصيف والربيع حيث إن كندا تتمتع بالعديد من البحيرات وهى أكثر دول العالم فى عدد البحيرات ، لذلك أطلق عليها بلد المليون بحيرة ، أما فى ليالى الشتاء حيث البرودة الشديدة ودرجات الحرارة التى تصل إلى أربعين تحت الصفر يكون الملاذ الوحيد لهم هو التجمع داخل المنازل حيث تكون حفلات السمر الدافئة بينهم هناك.

وفى مجتمع الغربة بكندا يكون المصرى الأقدم هناك هو بمثابة عمدة المصريين حيث إنه يمتلك الخبرة وعلى دراية كاملة بأحوال البلد و بكل شبر فيها ، لذلك يكون العمدة هناك هو المسئول عن قضاء حاجات رفاقه فهو يتولى شراء مستلزمات الأسر من طعام وشراب ، فيقوم بشرائها جملة من محلات مخصصة هناك ثم يتولى توزيعها على المصريين وذلك من أجل توفير نفقات، كذلك هو يتولى أيضا الدجاج المذبوح على الطريقة الإسلامية من مزارع خاصة بالجملة ، كذلك يتولى ذبح اللحوم وتقسيمها على المصريين ...شئ رائع وجميل أن نجد هذه الروح الطيبة تسود بين أبناء الوطن الواحد فى بلاد الغربة .. ومع هذه الروح تخف حدة الوحشة والبعد عن الأهل والأصحاب وتمر الأيام والأشهر والسنوات سريعا وسط مشاعر الحب والألفة التى يجدها هناك

 

المصدر: مجلة حواء -نبيلة حافظ
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 505 مشاهدة
نشرت فى 6 ديسمبر 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,771,911

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز