مأساة عائلة مفككة ! «2»

كتبت :سكينة السادات

رويت لك الأسبوع الماضى طرفاً من حكاية قارئتى أنيسة (28 سنة) الابنة الوحيدة لأم تشغل منصبا كبيرا فى الدولة وأب يشغل منصبا مماثلا وحكت لها أمها أنها وأبيها التقيا فى العمل وكانت هى فى وضع اجتماعى مختلف عنه فقد كان والدها من أثرياء مصر، وكان الأب من أسرة فقيرة تعيش فى إحدى قرى محافظة البحيرة لكن الحب جمع بينهما ولم يجرؤ والدها على التفكير فى الزواج للفارق الاجتماعى ولضيق ذات اليد فقد كان يرسل نصف راتبه لإعالة أهله الذين صرفوا عليه وباعوا ما يمتلكونه حتى تخرج فى الجامعة.

وقالت أنيسة .. تمسكت أمى بالشاب الفقير فدفع لها جدى والدها (خلو رجل) فى شقة رائعة بجاردن سيتى مكونة من 6 غرف وحمامات وشرفات وجراج وغرفة غسيل فوق السطح وكانت الشقة بالإيجار . لكن العمارة مقتنى بها من قبل المستأجرين الذين يدفعون إيجارا لا يزيد عن عشرين جنيها للشركة المالكة لكنهم ينفقون بسخاء على مظهر العمارة ومصاعدها ومداخلها .

وقالت أنيسة نقلا عن أمها .. إنه كان فى السنة الأولى فى شبه ذهول مما هو فيه ! .. الشقة والأثاث والفلوس والمظهر والحلل الجديدة (البدل) التى اشترتها له أمى وكيف علمته كيف يأكل ويشرب فى وسط الناس بالشوكة والسكين وكان فى شبه ذهول لا يصدق نفسه وكيف انتقل تلك النقلة الكبيرة .

وقالت أنيسة أن أمها أنجبت طفلتين توأم أنيسة كانت الطفلة الصحيحة التى عاشت أما الأخرى فقد كانت عليلة وماتت بعد شهرين!

وقالت نقلا عن أمها .. يبدو أن الغرور كان قد ركب أبيها فصار يسهر خارج المنزل ويدخن المخدرات مع بعض الأصدقاء الذين ليسوا من مستواه الجديد ولما عاتبته أمى فوجئت به يضربها ضربا مبرحا ظهرت آثاره فى وجهها ورقبتها وسائر جسدها ًً

 

وأكملت أنيسة .. أصيبت أمى بانهيار عصبى شديد ولم يعتنى والدى بالاعتذار لها بل وحسب رواية أمى قال لها ..

- كنت محقا عندما طلبت أن يكون عقد الشقة باسمى ووافقنى والدك والآن .. (الباب مفتوح يطلع جمل) عاجبك على العيشة دى أهلا وسهلا مش عاجبك .. على بره !

وتستطرد أنيسة .. كانت مفاجأة لأمى أن ينكر كل ما فعلته له وكل ما فعله صبرى له بل تمادى فى الخطأ فصار يأتى بشلة من المدخنين الفاسدين الذين هم ليسوا فى مستواه لتدخين الحشيش فى البيت غير آبه بأمى ولا بالطفلة التى أنجبها التى هى أنا، وانقطع عن دفع أية مصروفات لأمى وكان جدى قد توفى وبعده بثلاثة شهور ماتت جدتى وظل خالي وأولاده فى الشقة التى كانوا يعيشون فيها مع جدى وجدتى قبل وفاتهما وأصبحت شقة جدى من حق خالى وزوجته وأولاده ، وعندما طلبت أمى لأول مرة من خالى أن يتدخل قال والدى بكل جرأة - عقد الشقة باسمى وعلشان خاطر بنتى سأرضى بأن نقسم الشقة نصفين ، نصف لها ونصف لى وحدى وكل واحد حر في نصفه الذى يسكنه !

حاول الكثيرون الوفاق بين أمى ووالدى بلا جدوى ، هو مصمم على شلة الفاسدين وهى حزينة لنكران الجميل والجحود وانتهى الأمر بتقسيم الشقة نهائياً بينهما !

واستطردت أنيسة .. ألن أعيش مع أمى فى نصف الشقة الكبيرة التى استولى أبى بدون وجه حق على نصفها والآن لا علاقة بين أبى وأمى وأعيش حياة شاذة وغريبة المنظر والمظهر أمام الناس ، فخامة وروعة وفى الداخل مأساة ! هو يطبخ لنفسه ويأكل وحده وأنا وأمى فى حياة منفصلة نعول أنفسنا والمأساة الآن أن هناك شابا محترما يريد أن يتقدم للزواج منى ماذا أفعل ؟ وأسألك يا سيدتى .. هل أجعله يتقدم لخالى ووالدى ووالدتى على قيد الحياة ؟ أنا حزينة ؟!

 

هذه مأساة بكل المقاييس ، إنها مأساة الأنانية والجحود فمهما كان الأمر كان على والدك ألا ينسى ما فعلته أمك وجدك من أجله ويبلغ به الأمر أن ينقل عمله إلى فرع آخر بعيداً عن أمك وكل هذا والسيدة البائسة لا تتكلم ولا تفضفض وتوليه كل الاحترام أمام الناس ولا يعرف أحد ما يجرى داخل الشقة الفاخرة والبيت المكيف الرائع ، أنصحك يا ابنتى أن تصارحى خطيبك بشىء من الوضع الذى تعيشين فيه فإن قبل أن يتقدم لوالدك ثم والدتك ثم خالك ، فأهلا به أما لو هاله الأمر وفزع من الأمر الواقع فليذهب غير مأسوف عليه لكن لابد من الشفافية والصراحة والوضوح قبل الارتباط والله يوفقك

المصدر: مجلة حواء -سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 965 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,764,519

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز