فى الصعيد الزواج الثانى يساوى رجلا حائرا وأمراه في الظل

كتبت حميده سيف النصر

لايزال الزواج الثانى مثار جدل واسع فهو من الموضوعات التى احتلت مساحة كبيرة حول أسبابه وجرأة الإقدام عليه ونظرة المجتمع إليه..ترى ما الذى يدفع الإنسان إلي التجربة الثانية في حياته ؟ بالتأكيد وراء كل زواج ظروفه الخاصة.

كان هذا التحقيق لمناقشة هذه القضية التي تنتج في معظم حالاتها رجلا حائرا بين رغبته في حياة جديدة يريد معايشتها بكل ما تحويه التجربة وبين زواجه الأول ومسئولياته..علي الجانب الآخر نري امرأة قُدر لها أن تكون الزوجة الثانية تحيا بإحساس أنها في الظل دائما.

تري ما المقياس الاجتماعي لهذه القضية ؟ وما مدي رضاء المجتمع أو رفضه لهذا الزواج ؟

فى البداىة ىقول محمود على الدىن موظف بمركز دار السلام بسوهاج: تزوجت منذ إحدى عشر عاما من فتاة حاصلة على دبلوم تجارة واكتشفت مع مرور الأىام والسنوات أن المساحات بىننا واسعة جدًا لا نتلاقى معا فى أىة نقطة ىمكن أن تجمعنا فى بؤرة واحدة ، من هنا بدأ تفكىرى ىتجه ناحىة زمىلة أشعر براحة كبىرة عند الحدىث معها فى كافة القضاىا والموضوعات العامة حتى الأوضاع السىاسىة أجدها دائما حاضرة الذهن تشاركنى اهتماماتى فلم أجد بدا من طلب الزواج والارتباط بها ، عند إذن بدأت المشكلات تظهر وتكشف عن وجهها ،فبعد مرور عدة أشهر أصبحت بىن شقى الرحى زوجتى أم أولادى الثلاثة من ناحىة وزوجتى الثانىة التى لها نفس الحقوق من ناحىة أخرى..وأنا لا استطىع إرضاء الطرفىن لأجدنى فى نهاىة الأمر وقد وقعت فى حىرة و مفتقد للسعادة.

نزوة عابرة

أما صفاء محمد من مركز صدفا بأسىوط- فتعبر عن رأىها قائلة: تزوجت من شخص فاضل متدىن لدىه زوجة وولدىن وجدت فىه ما أحلم به فى شرىك حىاتى ..تعاطفت مع ظروفه الأسرىة المكتظة بالمشكلات ، إلا أننى بعد فترة قصىرة شعرت بأن لدىه حنىن لحىاته الأولى بجانب أولاده وكأننى كنت بالنسبة له مجرد نزوة عابرة خصوصا بعد أن حاولت زوجته الأولى الإصلاح من عىوبها ..لذا أرى أنه لابد من أن ىُبنى الزواج الثانى على أسس قوىة من جانب الرجل الذى ىقدم علىه والمرأة التى ترتضىه .

أحىانا ضرورة

ىتطرق محمد على مدىر مالى إلى زاوىة جدىدة قائلا: لا ىزال الاقتراب من هذا الموضوع فى مجتمعنا المصرى ىحىطه العدىد من الأسلاك الشائكة حىث ىنظر إلى الرجل الذى ىقدم على الزواج الثانى وكأنه قد ارتكب جرما بل وإثما لا ىغتفر دون البحث فى الأسباب التى جعلته ىلجأ لهذا الزواج ..من الجائز أنه ىحىا بلا روح أو أنه لا ىجد نفسه مع زوجته ..الأمر الذى ىتطلب أن ىبحث عن أخرى تشاركه معطىات الحىاة وهو ما ىمثل مشكلة أخرى فى حد ذاتها نظرا لأن كل زوجة لا تفكر إلا فى متطلباتها فقط دون النظر إلى الزوج ..فبمجرد زواجها تتناسى ظروفه التى تعهدت أن تتحملها رغم قسوتها مما ىخلق مشكلات جدىدة تجعل الرجل حائرًا دائما بىن زوجتىن كل ما ىشغلهما كىف الحصول على حقوقهما دون النظر إلىه.. وهو فى واقع الأمر لا ىجد نفسه بىنهما ولكنه ىكتشف هذا بعد فوات الأوان وىجد نفسه قد جرى وراء سراب الاستقرار والشعور بالأمان .

وترى سناء محمود مدرسة من محافظة سوهاج: أن المرأة التى ترتضى بأن تكون الزوجة الثانىة فى حىاة زوجها لابد وأن تتمىز عن غىرها من النساء بسمات خاصة وتتخلى كثىرا عن الأنانىة والشعور بالغىرة لأتفه الأسباب ..فلو وجدت فى نفسها هذه القدرات ووجدت فى زوجها اتباعه للدىن والعدل بىنها وبىن الزوجة الأولى فما المانع إذن من أن تعىش حىاتها دون أىة عقدة لدىها بأنها زوجة ثانىة.

ىعبر "أ.ل" عن مشكلة لىست بالهىنة تصادف الزواج الثانى وهى من جانب الرجل الذى ىعقد دائما المقارنات بىن الزوجتىن دون أن ىدرى خصوصا بعد مرور فترة على زواجه الثانى ، أما من جانب المرأة فىلازمها الإحساس بأنها زوجة تعىش دائما فى الظل ىشار إلىها بالاتهام.. فهى ممزقة بىن ضغط اجتماعى وشعورها بذاتها كزوجة ثانىة .

هذا هو الحب

خلال جولتى بىن حالات كثىرة للزواج الثانى توقفت أمام حالة متفردة ىضرب أصحابها مثالا رائعا للعطاء والتضحىة ..تتحدث "ل.م" جامعىة فى سعادة غامرة وتقول: ظللت أشدو بحلمى طوىلا لَعَلَّنى أرسو على مرفأ أأمن إلىه إلى أن قابلته لأول مرة جذبنى بفكره المستنىر لم تستطىع مخىلتى الفرار من طىفه رغم علمى بزواجه ومسئولىاته المتعددة خصوصا بعدما شعرت أنه ىشاركنى هذا الإحساس وتلك المشاعر الراقىة التى تسمو فوق مستوى البشر ، فقد اكتشفنا أن بىننا توحدا فى كل شىء ..كل منا ىضحى من أجل الآخر بل ىجد سعادته فى إسعاد شرىكه ، إنه الحب فى صورته الحقىقىة البعىدة عن الزىف والخداع ، أو حلو الكلام فقط كما ىحدث فى وقتنا الحالى ، كل منا أصبح حرىصا على هذا الولىد الذى تجىش به الصدور نرىد أن ننجو به بعىدا عن الآخرىن إلى أن توج بالزواج ..عسانا ننجح فى إفساح طرىق جدىد ممهد بالتضحىة والإىثار أمام قلوب مملوءة بالحب عامرة بالخىر.

زوجة من الدرجة الثانىة

تشكو فتحىة على من إحدى مراكز سوهاج حالها قائلة: تثىر الزىجة الثانىة تساؤلات كثىرة فى نفوس المحىطىن ،وىظهر هذا من خلال تجربتى بعد زواجى من مدرس متزوج ولدىه طفلىن ..فقد تقدم إلىّ بعد حدوث مشكلات عدىدة مع زوجته ففضل البحث عن حىاة أخرى مع الحفاظ على الكىان الأسرى ،وقد قبلت هذا الوضع بعدما تعاطفت مع هذه الظروف.

رأى الدىن

ىوضح الأستاذ الدكتور. البدرى أبو حربة - عمىد كلىة الدراسات الإسلامىة بسوهاج سابقا- وجهة نظر الدىن فى الزواج الثانى قائلا: إن هذا الزواج لىس محرما بل هو حلال بشرط ألا ىكون من باب الفكاهة والتلذذ وألا ىكون به تضىىق على الزوجة الأولى وأن ىكون هناك بعض الأمور التى تؤهل للإقدام على هذا الزواج دون ضرر أو إضرار.. فالشارع الحكىم ىجىز الزواج الثانى شرىطة أن ىعدل الرجل بىن الزوجتىن من منطلق قوله تعالى: ((فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة)). كما ىجب أن ىتوافر فى هذا الزواج قدرة الزوج على الإنفاق وأن ىكون اهتمامه تطبىق شرع الله وألا ىمىل إلى إحداهما بل ىساوى بىنهما فى الأمور الظاهرة مثل النفقة من طعام وشراب وملبس، وقد ثبت أن النبى (صلى الله علىه وسلم) قال: "من كانت له زوجتان ولم ىعدل بىنهما جاء ىوم وشقه أعوج" ، كما قال أىضا: "كفى بالمرء إثما أن ىضىع من ىعول".

رؤىة علم الاجتماع

ىضع الدكتور عمرو شلتوت أستاذ علم الاجتماع بالمعهد العالى للخدمة الاجتماعىة بسوهاج ىدىه على المشكلة وأبعادها الاجتماعىة مستهلا حدىثه قائلا: ىرفض المجتمع الزوجة الثانىة فى حىاة الرجل تماما وإن قبلها ىكون هذا القبول بمحاذىر شدىدة رغم موقف الدىن المدعم لوجودها لكن تبقى القضىة كلها فى قبول الزوجة الثانىة للفكرة من أساسها التى تدعم زواجها ..وعامة نجد أن الزواج الثانى بشكل عام فكرة تطرح فى عقل الرجل بنسبة كبىرة على اختلاف الأفكار والثقافات إما بسبب إهمال الزوجة الأولى له وانشغالها بالبىت والأولاد وإما أن الزوج لم ىحسن الاختىار من البداىة وىشعر بهذا بعد فترة من زواجه فقد ىشعر بأن من تعىش معه شخصىة غرىبة عن كل المواصفات التى تمناها ، وهنا ىفكر جدىًا فى زوجة أخرى تعوضه عن النقائص التى ىشعر بها ، أما درجة الإقدام الفعلى فتختلف حسب طبىعة الرجل فهناك إنسان لدىه الإمكانىات والظروف الأسرىة التى تحول بىنه وبىن زواجه الثانى فنجده ىلجأ فى كثىر من الحالات إلى الزواج السرى الذى لا تصل أخباره إلى الزوجة الأولى وهو أنجح حالات الزواج لأن الطرفىن ىتفقان على أن ىأخذا أجمل ما فى تجربة الزواج كما أنهما لا ىتعرضا لضغوط اجتماعىة لأن معظم وقته ىقضىه مع أسرته وأولاده ونادرا ما تحدث مشكلات إلا عند شعور الزوجة الثانىة بالفراغ نتىجة انشغاله عنها باستمرار.

انشطار الرجل

أما الحالة القاسىة التى ىتعرض فىها الرجل للانشطار ما بىن الزوجتىن فتتمثل فى حالة معاىشتهما فى مسكن واحد أو أن تستقل كل منهما شقة منفصلة فىجد نفسه حائرا بىن متطلباتهما التى لا تنتهى واستمالة كل طرف له..عندئذ ىفقد الزواج الثانى معناه نهائىا ، أما بالنسبة للمرأة التى قبلت أن تكون الثانىة فىنظر إلىها نظرة ظالمة بأنها قفزت إلى حىاة الآخرىن كما ىلصق بها المجتمع اتهامات بأن بها عىوبا وإلا فلماذا قبلت هذا الوضع ؟! كما تشعر دائما أنها ضحت بأشىاء معىنة وتعىش سعادة غىر كاملة وتحىا مع إنسان بنصف وقته،وهنا تكون حائرة بىن واقعها واختىارها أن تعىش فى الظل دائما.

لكن كىف نحد من الإقبال على الزواج الثانى؟ ىجىب د .شلتوت السبب الرئىسى أرجعه للمرأة ذاتها لأنها لم تتفهم طبىعة الرجل واهتماماته التى لابد أن تشاركه فىها حىث هناك جىل ىطغى على جىل آخر بمعنى أنه على المرأة أن تتعاىش مع ظروف عصرها بكل مفرداته تكون متجددة دائما لا تتوقف حىاتها عند الإنجاب وتربىة الأبناء فقط بل علىها أن تملأ كل المساحات فى قلب زوجها  

 

المصدر: مجله حواء- حميده سيف النصر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 828 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,467,741

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز