حوادث القطارات المتكررة لماذا لا نتعلم من أخطائنا

كتبت :إيمان عبدالرحمن

في السبعينيات في اليابان حدث مرة أن سيدة عمياء خرجت من بيتها تركب قطارا ولأن محطة القطارات وقتها كانت غير مجهزة للعميان .. سقطت المرأة تحت قضبان القطار وماتت، الحادث كان مفجعا حتى أن اليابانيين أعلنوا الحداد العام للثأر للعمياء القتيلة، وبعد إقالة الحكومة وضعت الحكومة الجديدة خطة متكاملة وشاملة على مستوى اليابان لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة ، ليس للعمي فقط بل لكل من هم من ذوي الاحتياجات الخاصة ، في اليابان اليوم تخرج المرأة العمياء (وحدها) وتستقل المترو أو القطار بدون أدنى مساعدة من أي شخص ،وعندما تسير في اليابان على الطرق المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة سترى رسالة مكتوبة على طرقاتهم "تخليدا لمن أيقظت ضمير الشعب الياباني "،أما في مصر 241 قتيل في 5647 حادثة هي حصيلة حوادث القطارات في 5 سنوات وذلك في الإحصائية التي نشرتها صحيفة الشروق من عام 2007 حتي عام 2011 ، وتعددت حوادث القطارات في الفترة الأخيرة بصورة شبه يومية ولا حياة لمن ينادي ...والسؤال الذي يشغل بالنا ..لماذا لم نتحرك لحل مشكلات السكك الحديد ومعرفة أسباب هذه الحوادث ومحاسبة المسئولين؟

علي تويتر دون "بلال فضل" تعليقات عن الحوادث المتكررة مطالبا بالمسئولية السياسية :" كل الكلام أرخص من الدم الذي سال، بس يظل سؤال: هو مبارك إللي كان سايق قطر الصعيد أو عبارة الموت أو ضرب بإيده النار.فين المسئولية السياسية؟ "

وأضاف في تدوينة أخري :"يبقى الكلام دائما أرخص من الدم، ويبقى الفقير هو الضحية المفضلة، وتبقى مصر كما هي تحب ولادها مقتولين، ولا حول ولاقوة إلا بالله"

تحولات الشخصية المصرية

وفي محاولة للوقوف علي أسباب هذه الحوادث وطرح حلول تري أ . عزة عزت أستاذة الإعلام بآداب الزقازيق أن ما وصلنا إليه من تدهور نتيجة للتحولات في الشخصية المصرية من أبرزها انه في السبعينيات أصبح المصري أكثر حذرا ومن بعد الانفتاح غلبت المادة علي المصريين واللهث وراء الثراء السريع ،وبدأنا فى تعلم قيم مختلفة فالمصرى معروف بإتقانه وأن"إيده تتلف في حرير" ، ولكن اختفي الإتقان من حياتنا وأصبح الإهمال هو السمة الرئيسية في الصناعة بجانب عدم الالتزام وعدم النظام .

وتضيف د.عزة أن نتيجة لتلك التحولات نري ما نراه حتي في الشارع المصري من قمامة وعدم الالتزام بإشارات المرور ،واختفت الروح التي ظهرت بعد الثورة من حماس لتنظيف الشوارع ،ورسم الحوائط وكان مظهرا حضاريا تكلم عنه العالم أجمع،وتتحدث عن تجربتها قائلة السكك الحديدة في مصر حالها متدهور منذ زمن فقد كنت أدرس بجامعة المنيا من عام 1994 حتي 2000 وكنت أركب القطار درجة أولي وكان هناك إهمال ولم يكن أحد يجرؤ علي دخول دورة المياه من عدم النظافة رغم أن من يركب هذه الدرجة من السائحين ،حتي في الانتظار عندما يتأخر القطار لا يتم الإعلان عن ذلك .

وتنصح قائلة :نحن نحتاج إلي توعية شديدة للناس من أن تتقن عملها والتركيز علي مهارة العنصر البشري وأن يؤدي كل فرد دوره علي أكمل وجه ونحاسب من يخطئ ولا نرمي المسئولية علي عامل مزلقان بسيط أو غيره .

أين القانون ؟

الكاتبة الصحفية "سكينة فؤاد" تتساءل في استياء أين إتقان العمل ؟أليس الإتقان والجودة من التعاليم التي نادي بها الإسلام ؟

المشكلة أننا لا نحاسب من يخطئ ونتهاون معه ولا نحترم القانون لذلك نري ما نراه من تسيب وفساد ،واختلط الحابل بالنابل وأهم شىء هى المحسوبية وليست كفاءة الشخص،لذلك لو كانت هناك قوانين رادعة تحاسب من يخطئ ومن لا يتقن عمله ومحاسبته حساب شديد،ويطبق هذا علي الكبير والصغير ما وجدنا هذا التسييب ولكننا إذا ظللنا نتلاعب بالقوانين تحت أقدام من يقدر،وتحت أقدام من يدفع ،وتحت أقدام من يستطيع أن يتحداه ستتوالي الكوارث التي تقتل أولادنا والعمارات التي تسقط علي رؤسسهم وكل شيء الآن يعصف بحياتنا ،فالعدالة غير موجودة والقانون غير رادع ولا يحاسب المخطئ .

وتستنكر بشدة مقولة أن "الرئيس مرسي" ورث التركة..هكذا.. وترد غاضبة لم نطلب أحلام خيالية خلال ستة أشهر فلم يحدث أى شىء،ولم نطلب معجزات ،المطلوب محاربة الفساد وخاصة في المحليات ،والحال الذي نحن فيه بسبب جزء من هذا الفساد الإداري هذا الأداء الذي لا يعرف الإتقان أو الجودة،فالقضية ليست قضية ميراث ،نعم فنحن ورثنا ميراثا من أسوا ما يمكن.. لكن ما هي الخطوات التي اتخذناها من أجل تطبيق القانون وعقاب من يهمل ؟هل سننتظر عشر سنوات أخري ،من أجل تحديث السكك الحديد ،نحن لا نطلب قطارا طائرا ،لكننا نطلب عملا جادا متقنا يراعي الله حتي نحافظ علي أرواح الناس الغلابة ،فالإسلام طالبنا بإتقان عملنا ،أليس الأجدي بهم أن يطبقوا ما طالبنا به الدين .

مخالف شرعا

ويوافقها في الرأي أ.د. عبد الغفار هلال الأستاذ بجامعة الأزهر وعميد كلية اللغة العربية الأسبق - موضحا أنه لو كل عامل قام بأداء عمله علي أكمل وجه لكان الحال تبدل ،لأن كل شخص مسئول عن عمله أمام الله سبحانه وتعالي ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم :" أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " ،والإهمال في العمل مخالف شرعا ،فكيف يستحق الأجر الذي يناله نظير عمل لا يتقنه ،فإذا كان يريد راتبا حلالا فعليه أن يؤدي العمل المطلوب منه ، لكن إذا أهمل سيؤدي إلي خسارة للمؤسسة التي يعمل بها وخاصة المؤسسات الحيوية التي تتعامل مع الناس مثل السكك الحديد .

ويري د.عبد الغفار أن المسئول عن هذه الحوادث هم العمال مثل عامل المزلقان ،أين كان ،ولماذا لم يتواجد في مكان عمله ؟المفروض ألا يسمح بعبور أية مركبة ويمسك الجنزير بيديه لكن إهماله وعدم تواجده كان سببا في حدوث كوارث.

ويختم حديثه قائلا :إننا إذا أردنا النهوض بمصر وأن تصبح كما كانت وتتحسن أوضاعها الاقتصادية علينا أن نتقن عملنا .

فساد مستشري

ومن الناحية الاقتصادية أ.د مصطفي النشرتي الخبير الاقتصادي يري أن القضية تتلخص في منظومة الفساد الذي كنا نعيشها لعقود سابقة.

ويطالب بإعادة تشكيل لجنة للتحقيق في البرلمان تناقش ميزانية الهيئة وأوجه استخدامها وتحدد أسباب الفساد ، ويجب أن تنتهب اللجنة من معرفة أسباب الفساد والمخالفات المالية في الهيئة وتقديم بلاغ للنيابة العامة ومحاسبة المسئولين ، علي أن تكون هذه اللجنة محايدة تتكون من أساتذة النقل بكليات الهندسة ومندوبين من الجهاز المركزي للمحاسبات ومندوبين من وزارة المالية وتعلن اللجنة عن الأسباب الحقيقة لتدهور هذه الهيئة للشعب وعدم إلقاء المسئولية علي عامل مزلقان أو عامل بسيط لا يحصل علي الأجر المناسب والذي لم يتلق التدريب المناسب ،وفي هذه النقطة أيضا جريمة أخري،وهي أنه منذ عشر سنوات تم إنشاء معهد لتطوير الهيئة للتدريب ولم يتم بدء العمل به حتي الآن رغم إنفاق الملايين علي إنشائه ،لأنه يحتاج إلي صيانة وتجديد لبعض الأجزاء ..وإن كان هذا يدل على شىء فإنه يدل علي منظومة متكاملة من المخالفات المالية والإدارية .

ففي عهد وزير المالية الأسبق قبل الثورة تم شراء قاطرات من أمريكا وتكلفت مليارات الدولارات ولكنها لم تستخدم وتم تحويلها لقطاع البضائع والسبب أنه كان الوكيل لهذه الشركة الأمريكية ولم يبالِ أنها غير مطابقة للمواصفات وتم إهدار المال العام لذلك يجب محاسبة كافة المسئولين

المصدر: مجلة حواء -ايمان عبدالرحمن

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,020,648

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز