المرأة والاقتصاد هما الأكثر تضررا بعد الثورة

بقلم :أمل مبروك

انقضى العام الثانى للثورة التى بنينا عليها آمالا عظيمة فى التغيير والتقدم والقضاء على الفساد، ورغم كل ماعانينا منه - ومازلنا نعانى - طوال هذين العامين من مشاكل وصراعات وغلاء وفساد، مازال التخبط يسيطر على الكثير من أفكار النخبة السياسية التى لم يدرك معظمها أن ما كان يصلح من توجهات ونظريات في سنوات سابقة، لم يعد كله صالحا الآن، ومما يثير القلق في الصورة العامة للحراك السياسي، منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن، ما يعكسه الخطاب السياسي للغالبية العظمى من هذه النخبة من ناحية ومن صانعى ومتخذى القرار من ناحية أخرى، وسأجعل الكلام مقصورا على وضع المرأة سياسيا وعلى الإصلاح الاقتصادي فى المجتمع..لأنهما الأكثر تضررا .

ما زال الأمل قائما

أما المرأة فإن قانون الانتخابات الذى أقره مجلس الشورى مؤخرا والذى يقضى برفض التمييز الإيجابى "الكوتة"للمرأة فى الانتخابات التشريعية القادمة مع عدم وضع حد أدنى لعدد النساء فى القوائم الحزبية أو الالتزام بوضعها فى أول القائمة، يجعل فرصها فى التواجد فى مجلس النواب القادم ضئيلة جدا، كما أن الأحزاب الحالية لاتلتفت إلى الكوادر النسائية داخلها .. والغالبية العظمى منها لايوجد بها "أمانة" خاصة بها، وبالتالى فإن المرأة تفتقد دعم الإرادة السياسية الذى طالما افتقدته فى العهود السابقة، وكنا نعتقد أن الثورة ستغير هذا الوضع الخاطئ، الذى لايتناسب مع حجمها العددى كنصف المجتمع أو مع قدراتها وامكانياتها وكتلتها التصويتية، لكنه للأسف ازداد تقهقرا، لكن الأمل مازال قائما إذا ماأدركت الأحزاب والقوى السياسية خطورة إقصاء المرأة عن المشهد السياسى، وأرجو أن يتم ذلك قبل فوات الأوان .

نظام السوق الاجتماعى

أما الاقتصاد المصري فمن الطبيعى أن يمر بأزمة تحتاج إلي حسن إدارتها، والخروج منها في أسرع وقت ممكن، فقد كان النظام الاقتصادي السائد في مصر خلال الستينيات هو النظام الاشتراكي، ثم أصبح الانفتاح الاقتصادي خلال السبعينيات، ليتمثل بعد ذلك في نظام الاقتصاد "الحر" خلال التسعينيات، وهناك عدد كبير من أساتذة الاقتصاد يؤكدون أن النظام الاقتصادي ليس هدفاً في حد ذاته، ولكنه وسيلة لتحقيق أكبر قدر من الرفاهية في المجتمع. وعناصر الرفاهية هي الأهداف الرئيسية للسياسة الاقتصادية، وهي: التنمية المستدامة المتسارعة، والعدالة الاجتماعية، والتوظيف الكامل، واستقرار مستوي الأسعار والعملة، وميزان مدفوعات ملائم.

وقد أظهرت تجارب الماضي أن اقرب هذه النظم لتحقيق أكبر قدر ممكن من هذه الأهداف هو "نظام السوق الاجتماعي"، بمعني التوجه نحو إعمال آليات السوق الحر مع الأخذ في الاعتبار البعد الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية، حيث أدي نظام السوق وحده إلي توحش الرأسمالية، كما أدي النظام الاشتراكي إلي انخفاض الكفاءة، وضعف الحافز الفردي.

وتتمثل أهم عناصر نظام السوق الاجتماعي فى اتخاذ القرارات الأساسية الخاصة بالإنتاج والاستثمار والاستهلاك بناء علي قوي السوق، مع اتساع المجال أمام القطاع الخاص للقيام بالنشاط الإنتاجي، وإعطاء أهمية كبري لعدالة توزيع الدخل والثروة من خلال اتخاذ السياسات الملائمة لتحقيق ذلك، ثم قيام القطاع الحكومى بالعمل في المجالات الاستراتيجية والحيوية التي يقرر المجتمع عدم احتكار القطاع الخاص لها.. وفى نفس الوقت تشجيع المنافسة إلي ابعد حد، ومنع الاحتكار إلا في الضروريات، وعندها يجب أن يخضع المحتكرون للرقابة من قبل الحكومة بما في ذلك التسعير الجبري وتحديد حدود قصوي لهوامش الربح.. وهذا كله يتطلب حكومة قوية رشيدة ترعي الصالح العام في المقام الأول ولديها القدرة علي الإشراف والتوجيه.

الأمر الذي لا خلاف عليه، أن ثورة 25 يناير هي حدث عظيم وقع في مصر لكن مصر جزء من عالم يتغير، والتغيير يشمل الأشكال والمفاهيم والمبادئ السياسية والاقتصادية، والتي يتصدرها تغير مفهوم قوة الدولة، التي كانت تقاس من قبل بما تملكه من قدرات عسكرية، أما اليوم فالمقياس هو مدى تحقيقها للعدالة الاجتماعية بين مواطنيها من الرجال والنساء أيا كانت انتماءاتهم السياسية أو عقائدهم الدينية وعدم التمييز بينهم .. ولحظة إدراكنا لهذا المحور الحديث ستتغير كل اتجاهاتنا فى التفكير ولن يكون للإقصاء والتهميش للمرأة أو أى فصيل سياسى مكان وستصبح كل جهودنا الفكرية والعملية موجهة للصالح العام وليس للمصالح الشخصية، لكن متى يحدث ذلك ؟ أرجو أن يكون قريبا

المصدر: مجلة حواء -أمل مبروك

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,459,735

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز