يا روحى ما بعدك روح!«1»

كتبت سكينه السادات

حزن حزنا شديداً من انتشار بعض الأمثلة المصرية التى تجسد الأثرة والأنانية والميكيافيلية (أى انتهاز الفرص) مثل يا روحى ما بعدك روح ، أو أنا وبعدى الطوفان ، إذا جاء الفيضان ضع أولادك تحت قدميك ، أو أنا حاستفيد إيه ؟ أو إللى مالوش خير فى نفسه يبقى مالوش خير فى غيره !!

أمثلة مزعجة لكنها أصبحت شعار هذه المرحلة! الأنانية وحب الذات وانعدام التضحيات ويقولون لك بأعلى صوت : لسنا فى زمن الملائكة !! كل واحد يدور على مصلحته !

وبالنسبة للمثل الخاص بالفيضان أو السيل فإننى بالقطع وبكل تأكيد لن أضع أولادى تحت أقدامى وأنجو بنفسى !! مستحيل ، وأتحدث عن نفسى فأنا متأكدة أننى سوف أنقذ أولادى أولاً ثم أفكر فى نفسى بعد ذلك.. غريبة جداً هذه الأمثال القبيحة التى تزيد حياتنا قبحا على قبح ؟!

 

ولكن .. لا شىء يضاهى فى الأنانية حكاية تلك السيدة صاحبة حكاية اليوم..إنها تعترف بأنها مخطئة ومدانة وعذرها أن أهلها علموها ألا تفكر فى أحد سوى نفسها فقط !! حتى بعد أن أنجبت ، ظلت الأولوية عندها لنفسها فقط ! وأخيراً وبعد أن لقنتها الأيام درساً لا ينسى جاءت تبكى وتقول كنت غلطانة ومجرمة فى حق أولادى وفى حق زوجى وفى حق كل الناس !

 

قالت .. أنا الابنة الوحيدة وقبلى ثلاثة أشقاء رجال كنت (فرخة بكشك) كما يقولون ! كل اللعب والملابس والشرائط الملونة والحلوى لى أنا وحدى .. أنا رشا الابنة المدللة الجميلة التى لا يرفض لها طلب ! وبناء على (الدلع) والقبلات من الأم والأب وكل الأسرة كنت اتعثر فى دراستى بمدرسة الراهبات .. ومعلش يا نور عينى تنجحى فى الملحق ،وفعلاً أذاكر براحتى وأنجح فى الملاحق بعد الدروس الخصوصية المكثفة ويحتفلون بنجاحى وكأننى تفوقت من أول دور ، حتى وصلت إلى الثانوية الفرنسية ولم أنجح فى الملحق بل أعدت السنة بأكملها !

واستطردت رشا .. أحكى لك كل شىء حتى تعرفى كيف وصلت إلى ما أنا فيه وليس هذا عذرا فأنا أستاهل كل العقاب وكل اللوم !

المهم .. التحقت بالجامعة الأمريكية وقابلت شابا رأيت فيه فارس أحلامى وكان موقفه معى محايداً أحياناً يهتم بى مثلما يهتم ببقية الزميلات وأحيانا يخصنى بكلمات إعجاب يهمس لى بها..لا أنكر أننى أحببته وكنت أحلم به وأتمناه عريسا لى لكنه لم يعرفنى بشئ بل كان يتحاشى الكلام عن الارتباط أو الزواج !

وتخرجت فى الجامعة الأمريكية وبدأ العرسان يتوافدون وحاولت أن أتفهم من فارس أحلامى هل ينوى أن يتقدم لى وذلك عن طريق إحدى زميلاتى (الأنتيم) .

وقالت لى يومها .. يا بنتى اخرجيه من رأسك خالص فهو لا يفكر فى الزواج ولو بعد مائة سنة !!

وتستطرد رشا .. لم أصدقها يومها وأصررت على أن أقابله بنفسى وأتحدث معه وفعلاً وجدته فى واد آخر !! قال إنه سوف يسافر إلى الخارج لنيل الماجستير والدكتوراه وأنه يتمنى أن يتزوج فرنسية حتى يأخذ الجنسية !!

 

واستطردت ..

كانت صدمة ما بعدها صدمة وقررت ألا ألتحق بأية وظيفة وأن اختار عريسا مناسبا من بين من تقدموا لى وفعلاً اخترت المهندس هشام ابن المقاول المعروف الثرى وباختصار كان لى كل ما أردت من الزيجة ماعدا الحب !!

أحبنى هشام كثيراً وكان معجباً بى منذ زمن ، لكننى لم استطع أن أحبه أو أتصوره بديلاً لفارس أحلامى ، لكننى تزوجته وحملت ووضعن توأما جميلا ولدا وبنتا وتغيرت حياتى تماما بعد الزواج ..كنت آكل بشراهة شديدة وقالوا عن ذلك أنه الحمل فى توأم ولكننى لا أدرى هل كنت أهرب من حرمانى العاطفى بالطعام حتى بلغ وزنى بعد الولادة إلى مائة كيلو جرام وأنا لست طويلة القامة كما ترين ! باختصار كنت حزينة على نفسى وكان التوأم فى رعاية دادة أجنبية وكنت أقضى الوقت فى النادى وعند الكوافير وفى المطاعم المختلفة وقد استمرت زيادة وزنى حتى بعد الولادة ! ثم كانت المفاجأة الأليمة التى جعلتنى أفكر كثيرا ماذا أفعل فى المستقبل ؟ ما هى تلك المفاجأة وماذا فعلت رشا بنفسها بعد أن زاد وزنها إلى 120 كيلو جراما.. ولماذا تبكى وتندم الآن على ما جرى ؟

الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية  

المصدر: مجله حواء سكينه السادات

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,693,918

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز