صرخة مجتمع: لا للعنف والإجرام

كتبت :سماح موسي

عندما تقرئين الأرقام التالية قد تصابين بالدهشة أو الأسى وقد لا تصدقينها..50%من جرائم القتل العمد و57%من جنايات الضرب المفضي إلي الموت و80%من جنايات الاغتصاب وهتك العرض يرتكبها شباب في سن دون الثلاثين.

كما أن نحو 90%من العاطلين عن العمل أعمارهم أقل من 30سنة ارتكبوا 52%من إجمالي جرائم المخدرات و18%من الجنايات و30%من السرقة بالإكراه و16%من جرائم الاغتصاب، وقبل أن تتسرعى فى اتخاذ الحكم على تلك الأرقام تابعي التفاصيل في السطور التالية

هذه دراسة علمية قام بها الدكتور "هشام مخلوف" رئيس جمعية الديموجرافيين المصريين واللواء دكتور "عزت الشيشيني" الخبير بالمركز، وبعد أن سردنا نتائج الدراسة علينا أن نبحث عن أسباب ارتكاب هؤلاء الشباب لمثل هذه الجرائم.. ولماذا تلك الفئة العمرية هي أكثر ارتكابا لهذه الجرائم وما الذي يمكن فعله للحد منها قبل أن تقضي علي مستقبل وحياة هؤلاء الشباب.

التفكك الأسري

في البداية حدثتنا أ.د.أميرة الديب -أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر عن أسباب ارتكاب الشباب خاصة الشباب دون سن الثلاثين للجرائم قائلة: إن السبب في ارتكاب الشباب دون سن الثلاثين للجرائم هو زيادة شريحة الشباب في مجتمعنا حيث قفز تعداده إلي 19 مليون نسمة دون إيجاد عمل مما أدي إلي انتشار البطالة وبالتالي بروز سلوكيات سلبية غير سوية مثل التحرش والإدمان وضرب وتعاطي المخدرات وتوزيعها مما يؤدي إلي ارتكاب الجرائم مثل القتل العمد..

وتضيف أستاذة علم النفس أن التفكك الأسري والنشأة الأسرية غير السليمة وانحطاط القيم والبعد عن المبادئ الصحيحة بجانب البعد عن الدين الذي هو أساس التربية الصحيحة من الأسباب المهمة لارتكاب الشباب لمثل هذه الجرائم .

الهيمنة الإعلامية

وتتفق د.عزة صيام -وكيل كلية الآداب بجامعة بنها وأستاذ علم الاجتماع بها- مع الرأي السابق وتضيف :أن الثقافة الاستهلاكية التي يروجها الإعلام من الأسباب المهمة لارتكاب الجرائم ، ففي مقابل البطالة وعدم قدرة الشاب الحصول علي قوت يومه.. أو إذا كان يعتمد علي إعالة أسرته له فتكون تلك الأسرة غالبا محدودة الدخل نجد الإعلام يقوم بترويج إعلانات عن مطاعم فارهة وملابس ومأكولات يعجز الشاب عن اقتنائها بالإضافة إلي ما يتعرض له الشاب من مثيرات عن طريق الغزو الثقافي والهيمنة الإعلامية كل هذه الأشياء تجعله يسلك طريقا خاطئا يودي به إلي ارتكاب الجرائم .

طاقة معطلة

وتؤكد د.عزة على أن غياب الوازع الديني وعدم القدرة علي الزواج لارتفاع تكاليفه وعدم تفريغ طاقات الشباب من خلال الاشتراك في ناد يمارسون فيه رياضة أو أنشطتهم وهواياتهم وتنمية مهاراتهم أدي بهم إلي ارتكاب أبشع الجرائم مثل التحرش والاغتصاب والقتل و...و..أما عن نظرة المجتمع لهؤلاء الشباب فينظر لهم كمرتكبي الجرائم نظرة المذنبين المنحلين الذين ليس لديهم قيم منعدمين المبادئ والأخلاقيات الطريق الخطأ

ويرى د.وائل الكميلي -خبير التنمية البشرية- أن سبب ارتكاب الشباب دون سن الثلاثين أفعالا سواء خير أو شر لامتلاكهم طاقة جبارة في هذه السن منهم من يستفيد منها ويفيد بها الآخرين في أعمال الخير كمن يقوم بممارسة الرياضة أو يشارك في أعمال تطوعية خيرية ومن يبحث عن عمل شريف والبعض الآخر قد يستثمر هذه الطاقة في فعل خاطئ يضر به نفسه والآخرين ويؤدي به إلي ارتكاب الجرائم.

وهؤلاء نشأتهم عنيفة كمن يري والده يهين والدته ويضربها ويعنفه والده فيقوم بتعنيف أخوته بسبب ماكان يلاقيه من قسوة الأب عليه وكمن يتعرض لما هو عنيف فيشاهد أفلام الأكشن ويشاهد أيضا المصارعة والكرتون العنيف الذي يحتوي علي صراعات وبالتالي ينشأ هذا الطفل شابا عنيفا يقوم بارتكاب الجرائم

مضيفا: أن الشباب هم نصف الحاضر ونصف المستقبل ..فعلينا أن نحافظ عليهم بتوفير فرص عمل لهم ومد لهم يد العون لإقامة مشروعات صغيرة حتي نحميهم من ارتكاب الجرائم.

الأسرة والمدرسة

أما د.محمود متولي -عميد كلية التربية بجامعة بورسعيد سابقا وأستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب بالجامعة نفسها -فيقول إن التربية الأسرية المرتبطة بالتربية المدرسية تؤثر في بناء المواطن وتحدد دوره وعلاقته بالمجتمع فمرحلة العنف مرتبطة بنوع العلاقات الأسرية أي العلاقة بين الأب والأم والعلاقة بين الأبناء والرفاق سواء في النادي أو في الشارع بالإضافة إلي دور المدرسة في تهذيب وبناء العلاقات التربوية والأخلاقية بين الأولاد في سن معينة.

فالطفل في المرحلة الابتدائية إذا تم مراقبته وتوجيهه بطريقة سليمة إلي عمل الخير فيعتاد علي هذا العمل حتي يمر بمرحلة الثانوية ثم تخرجه من الجامعة فيكون قد استوعب تكوينه التربوي ووقتها لا يتغير اتجاهه إلي الشر فتكون قد ترسخت لديه مجموعة من القيم والمبادئ الصحيحة وعلي العكس إذا تربي علي الفساد واللامبالاة والتواكل علي الآخر والعنف ينشأ شخصا عنيف قد يرتكب جرائم تسئ إلي نفسه ومجتمعه ككل وتهدر كيانه

دور المجتمع

ويضيف د.محمود متحدثا عن دور التربية الأسرية والمدرسية في التنشئة أيضا للبيئة والمجتمع الذي يعيش فيه الإنسان دورهما الكبير حيث إن المواطن دون الثلاثين إذا لم يجد من يوجهه ويقدم له الأفكار المرشدة ويهتم به ويحاول علاج رغباته فإنه يسلك طريقا غير سوي .

كما أن البناء الأخلاقي والرقابة المستمرة ووجود القدوة الحسنة لهم دور عظيم في نشأة الإنسان بالإضافة إلي أن الإحساس بالمسئولية تجاه المجتمع مهم جدا للتصدي لأي عنف فالعنف لا يبني مجتمعا ولا يبني علاقات اجتماعية صالحة .

تفعيل العقوبات

ويقول د.أسامة المليجي -رئيس قسم المرافعات بكلية الحقوق جامعة القاهرة: توجد شرائح كبيرة من الشباب العاطلين عن العمل مما يؤدى إلى اندفاعهم للحصول علي أي مورد دخل خاصة إذا كانت أسرته محدودة الدخل فيحتاج إلى أن يكون له ماله الخاص ويريد أن يكوّن أسرة.

بجانب أصدقاء السوء الذين يدلونه علي طرق غير مشروعة حتي يحقق رغباته التي سبق وأن ذكرناها بالإضافة إلي انتشار روح العدوانية بعد الثورة بصورة ملفتة للنظر مما أدي إلي ارتكاب العديد من الجرائم .

وللحد من ارتكاب الجرائم يضيف د.أسامة :أنه لابد من التركيز علي دور الدعاة في مد الشباب بالنصائح بالبعد عن العنف وارتكاب الجرائم لأن هذا يعد معصية كبيرة يرتكبها الشاب بجانب تفعيل أحكام القضاء فلابد من وجود أحكام رادعة وليس تشديد العقوبات فالأهم هو تطبيق العقوبات علي مرتكبي أعمال العنف والجريمة .

دور تكميلي

أما عن دور الإعلام في الحد أو انتشار الجرائم تؤكد د.نجوي كامل -أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة- علي أن للإعلام دورا كبيرا ودورا تكميليا فهو مكمل لدور المؤسسة التربوية والتعليمية والدينية والثقافية وتهميش دور الشباب في المشاركة السياسية .. فنجد أن الإعلام دوره يكمن في إرسال رسائل فنجد علي سبيل المثال مسلسل يكون بطله مجرما يرتكب جرائم كثيرة طوال الــ"28" حلقة، ويتم اكتشاف جرائمه في آخر حلقتين ..فهذا يعد تحريضا علي ارتكاب الجرائم.

التفاعل الإيجابي

وتضيف أستاذة الإعلام..أنه للحد من انتشار الجريمة لابد من النزول إلي الشباب والتعامل معهم باحترام وإعطائهم المجال الواسع للتعبير عن أنفسهم وعرض النماذج المضيئة للشباب الذين قاموا بتحدى ظروف الفقر والحرمان وعملوا بجد وإصرار حتي وصلوا إلى مكانة كبيرة في المجتمع.. لتكون هذه النماذج قدوة يحتذي بها الشباب بجانب تنمية الحث الوطني وتوعيتهم بدورهم وواجبهم تجاه وطنهم بجانب تحقق العدالة الاجتماعية علي مستوي الكفاءة والترقي للمناصب القيادية

المصدر: مجلة حواء -سماح موسي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1114 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,692,169

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز