لا تجعلي نفسك ضحية
كتبت:أميرة اسماعيل
مشكلتى تتشابه مع العديد من صديقاتى .. وهى لغة "العاطفة" التى طالما دافعنا عنها رغبة فى التسامح والتماس الأعذار للآخر , ونعود -غالبا- محملين بالأسى على أنفسنا وما قدمناه من تضحية وفرص لم يستحقها الطرف الآخر.
فهل استمعنا لمقولة الشاعر الكبير "أحمد شوقى" قائلا عن الشوق والمودة , هجرت بعض أحبتى طوعا لأننى رأيت قلوبهم تهوى فراقى , نعم أشتاق . ولكن وضعت كرامتى فوق اشتياقى .. أرغب فى وصلهم دوما ولكن .. طريق الذل لا تهواه ساقى.
لن تكون المشكلة أنك إنسان متسامح بل هى نقطة تفكير ووقفة مع نفسك .. من يستحق يكون فى حياتك.. ومن تغلق خلفه الباب غير نادم على فراقه؟ >>
في البداية تقول نادية عبد الفتاح 22 سنة:- أسامح صديقاتى كثيرا وأجد منهم معاملة طيبة فى البداية ثم سرعان ما تتكرر المواقف التى تضايقنى حتى قررت تجاهلهم ومعرفتهم "كزميلات فقط" فلا صداقة لمن لا يقدرنى وأصبحت أكثر هدوءا معهم ومع نفسى.
وتؤكد فاطمة محمد 32سنة- ربة منزل:- أن تسامحها مع زوجها جعل النهاية قريبة , فقد اعتقد الطرف الآخر "أنها لاحول لها ولا قوة" وبالتالى استمر فى معاملته السيئة حتى صارت الحياة مستحيلة وتم الطلاق وهى ساخطة على ذاتها لأنها أعطت أكثر من فرصة للإصلاح والاستمرار إلا أنه لم يقدر ذلك.
الأزواج والتسامح
بينما ترى أميمة سامى 54سنة:أن التسامح بين الأزواج فن.. فكل زوجة قادرة على معاتبة زوجها واحتوائه أيضا حتى لا تزداد المشكلات ولا تفقد كرامتها أيضا , ولكن على المستوى الإنسانى وعلاقات البشر تؤكد على أن الشخص الذى لا يقدرنى مرة فهو قادر على أن يفعلها أكثر من مرة..لذلك لا أعطى أكثر من فرصة ثانية وبعدها لا يكون له وجود فى حياتى.
لا ندم
"أسامح صديقاتى غير نادمة .. لكننى لا أجيد التعامل فى العلاقات العاطفية ولا أعلم متى أسامح الشخص الذى أحبه ومتى أتركه غير نادمة" ..هذه كلمات "أسماء.م "وتستكمل مؤكدة أن عاطفة الحب عندما تسيطر على الفتاة تجعلها غير قادرة على التصرف بشكل جيد وقد تخسر الحب وتكسر قلبها أيضا ..!!
جريمة
ويقول عبد الرحمن السيد (25سنة) : أتذكر كلمات للكاتب أنيس منصور.."جريمة فى حق نفسك .. أن تبكى على شخص ناسيك" فالجريمة ليست بالقتل أو السرقة أو غيره بل الجريمة فى حق نفسك هى أن تبكى على من لا يستحق ففى نسيانه لك طعنة تقويك على إنهاء القصة والبدء من جديد .
مضيفا: عندما ينسى الآخرون ما قدمناه لهم بل ويتجاهلون مشاعرنا لابد من وقفة وإعادة النظر فى تلك المعاملات فلا يصح أن نعطى بلا تقدير لنا..وفى حالة الآباء فقط يستطيع الأب إعطاء الأبناء إلى مالا نهاية مهما كانت قسوتهم فى بعض الأحيان إلا أن عطاء الأب لا ينتهى.. فى حين أن الرجل فى بقية الأحوال "عاقل" للغاية ولا تسيطر عليه العاطفة مثل المرأة.
مصدر تعاسة
"لاتجعل العاطفة مصدر تعاستك" هذا ما يراه أحمد سامى ويضيف .. الحب موجود والعقل أيضا حتى لا يأتى الوقت الذى نندم فيه على اختياراتنا لذا لابد أن نعلى من قيمة التفكير واستخدام العقل والمشورة وليس اتباع القلب فقط.. فكثيرا ما تصدمنا "طيبة"القلب.
ويضيف معتز أحمد (26سنة) ..أن الطيبة لا تصلح للتعامل الآن وخصوصا بين الشباب وبعضهم لأنها تُفهم على أنها ضعف وقلة حيلة،ولا يعنى هذا أن أكون شخصية "جامدة" ولكن على الأقل "أشغل دايما عقلى " قبل القيام بأى تصرف حتى لا أندم عليه أو يفهم خطأ.
مراحل ثلاث
وترى الكاتبة والصحفية "هالة البدرى".. أن التعامل مع أى شخص لابد وأن يأخذ ثلاث مراحل للفت نظره برفضى لهذه التصرفات التى تضايقنى وإذا لم يتراجع عنها لا أسامحه وألغيه من حياتى تماما.. وهذا يطبق على أية تجربة فى حياتنا سواء صداقة أو حب مع مراعاة أن فكرة التسامح مع الآخر تعلمه خطأه حتى لا يتكرر مرة ثانية.
وتشدد البدرى على ضرورة اختيار الأشخاص الذين يحملون لقب الصداقة أو الأحبة حتى نضمن التعامل معهم بشكل لائق وودى ،ورغم أن العلاقات الإنسانية جمعيها تشدد على المودة وإظهار الحب إلا أن بعض النماذج غير السوية تنظر للأمر نظرة ضعف .. لذا علينا اختيار الرفقة أو الصحبة التى سنعيش معها حتى لا ندفع من المشاعر الكثير لمن لا يستحق.
طيبة القلب
وتحلل الدكتورة "سوسن فايد" أستاذ علم النفس الاجتماعى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية- تلك السطور قائلة : عندما نحكم على شخصيتنا بالطيبة ونردد " أنا شخصية طيبة عشان كدا بتخدع كتير أو بسامح من لا يستحق" هذا ليس بالطيبة وإنما اعتراف بعدم إعمال العقل.
وهذا يعكس العيوب فى التربية والتنشئة فى البيت وكذلك مؤسسات التعليم والإعلام أيضا.. فيهمل الآباء تعليم الأبناء بطريقة عملية تقوم على التفكير وتدبير أمورهم ..ففى بعض الأحيان هناك آباء وأمهات غير مؤهلين لتربية أبنائهم بهذه الطريقة.. فالأم تسعى لحل مشكلات أبنائها دون أن تطلب منهم المشاركة معها..لكن لابد وأن يتعلم الشاب والفتاة منذ الصغر أن يأخذ القرار ويتعرف على كيفية حل أية مشكلة يواجهها.
دور التعليم
وتضيف الدكتورة فايد : أن مؤسسات التعليم عليها نفس اللوم فهى تعتمد على التلقين والحفظ مع التهديد فلا يوجد إبداع أو تفاعل بين الطالب والمدرس وبالتالى يكون الإدراك بطىء والفهم أيضا بسيط فى مجمله (لأنه مابيفكرش .. بيردد أو بيحفظ فقط).
بينما الشخص القادر على اتخاذ القرار هو شخصية ناضجة وطيبة ولكن بحكمة وليس "باندفاع" فيعطى للعقل وقته وللعاطفة وقتها ولا يسمح لأى شخص كان بأن "يضحك عليه" أو يخدعه مرة ثانية"، وأشدد هنا على مبدأ التسامح بين البعض فإذا اعتبرته مبدأ قوة فأنت شخصية قوية وليست هشة ولكن لا يصح أن أقول أنا مسامح ولايزال بداخلى ضغينة
ساحة النقاش