فى حر الصيف:أكل العيش مر

كتبت : ايمان عبدالرحمن

يهل علينا صيف هذا العام بحرارته المرتفعة عن الأعوام السابقة وإن كنت من سعيدي الحظ ولا تضطرك الظروف للنزول من المنزل فيكفي فقط أن تقطع الكهرباء حتي يحل الملل والزهق من الحر والتأفف من ارتفاع درجة الحرارة ، وتشعر أن الدنيا "وقفت" لا تكييف ولا مراوح ولا أية وسيلة رفاهية ، بجانب حالة الزهق والملل والخناق علي أتفه الأسباب .. نماذج نقابلها يوميا في حياتنا لذا ألقينا نظرة عليها ll

ما يحدث من حالة التأفف وعدم الرضا جعلتنا نلقي النظر علي فئة من الناس تضطرهم ظروف الحياة إلي العمل في الحرارة العالية .. في هذا الجو الملهب نستعرض حكايات أُناس يعملون في الحر ولكنهم لا يجلسون على مكاتبهم المكيفة ولا تنتظرهم الرفاهية فى منازلهم بعد عودتهم من أعمالهم الشاقة.. عسكري المرور

في هذا الجو الخانق يقف بالساعات في عز الحر وفي ساعات الذروة أيضا ، رجل المرور أكثر شخصا يعاني من حرارة الشمس ويحتم عليه عمله ألا يجلس ، مما دفع بعض الشباب علي موقع التواصل الاجتماعي إلى البحث عن فكرة تساعد هؤلاء الذين يعملون في الحر، بإعطائهم "زجاجة ماء مثلجة " ، وانتشرت الفكرة علي الفيس قائلين :" اكسب ثواب ، حط إزازتين تلاتة ميا في التلاجة من بالليل وإنت نازل الصبح إديهم لأي عسكري مرور يقابلك،أو أي عامل نظافة بيشتغل في عز الحر ، هيفرق معاهم كتير حاولت التحدث مع أحدهم فرفض بشدة متخوفا من عواقب التحدث لأي وسيلة إعلامية .

أكل العيش مر ..هكذا بدأت حديثها معي " أم يوسف" بائعة ملابس علي رصيف بالسيدة زينب- تحكي أنها تبدأ عملها من الساعة العاشرة صباحا تخرج لتفرش بضاعتها حتي آخر اليوم ،أحيانا الساعة السادسة وأحيانا الثامنة ، وعن الحر الشديد قالت "هنعمل إيه ؟ أكل العيش مر وأنا نفسي أدخل ابني يوسف حضانة كويسة ، ويتعلم كويس وما يطلعش زيي أنا وأبوه علشان كده نزلت أشتغل في الشارع " ، وعن الحر الشديد وكيفية التعامل معه تقول : "في الصبح أحضر معي زجاجة ثلج أزيد عليها ماء وتكفيني طوال اليوم ".

بائع الرصيف

ولم يختلف الحال كثيرا مع "أحمد" خريج كلية التجارة كما قال لي على استحياء ، يبيع ملابس علي الرصيف ، حلمه الذي مات أن يجد فرصة عمل مناسبة لمؤهله ،ولكن حلمه الذي ما زال وليدا وهو أن يتزوج ، قال في ألم : أنا بائع متجول بشهادة كلية التجارة ، لو كانت الثورة نجحت لكنت لم تقابلينِ الآن ، ويضيف أحمد أنه بحث كثيرا عن عمل ولم يجد فاضطر أخيرا أن يبيع علي الرصيف ، وهو مؤمن أن هذا رزقه ويتمني أن يصلح حال البلد بجد .. وعن الحر يقول "هنعمل إيه بس لما أحس إني تعبت بدخل المسجد أريح شوية في المراوح .

أما "أم محمد" التي تحمل بضاعتها من بيض وجبن وفطير مع أول خيوط الفجر وتجلس تحت ظل شجرة أمام محطة المترو وتأتي إلي القاهرة لتبيعها وترجع آخر النهار إلي بلدتها في الشرقية تقول: " لي زبايني وأنا معروفة في الحتة من زمان ، وآتي لأبيع كل يوم الصبح وأرجع آخر النهار ، وعن سبب تركها لبلدتها وحضورها كل يوم إلي القاهرة لتبيع أجابت أن زوجها تركها ولها ولدين الكبير في الإعدادي والصغير "عاجز" فاضطررت إلي ذلك لأُربي أولادى .. وتتمني أن تزوج ابنها الكبير وربنا يشفي ابنها الصغير .. أما عن مشاق السفر في هذا الجو أجابت "دي أرزاق ..وأكل العيش مش بالساهل ".

صانع الخبز

محمد عبدالعاطي 22 سنة يعمل في فرن حكي لي هو الآخر عن قصته مع الصيف والحر قائلا :" أنا من بنها وأعمل في الفرن وأرجع آخر النهار ، أعمل منذ خمس سنوات وتقدري تقولي تعودت على كده والحرارة عالية جدا خلاص خدنا عليها والفرن آلي بيلف، والعيش بيخرج بناخده ونرصه ".. و يضيف أنه أتي للعمل في القاهرة بعد بحث طويل عن عمل في بلدته ولم يوفق ، فأتي إليها حتي يساعد والده في مصروفات المنزل وحتي يجهز نفسه ليتزوج، ختم حديثه بكل رضا قائلا :" إحنا أحسن من ناس كتير ".

ضربة شمس

أما محمد سيد " بائع ذرة ، ويقف أمام محطة المترو في وسط الشارع ، حكي لي عن معاناته مع الحر قائلا :" أنا من سوهاج وآتي في الصيف لأبيع ذرة هنا وأسافر كل شهر مرة لأمي .. أصبت بضربة شمس لأن صاحب المحل الذي أقف أمامه منعني من أن أضع شمسية تقيني حر الصيف ، وكنت أقف أمامه أستظل بشجرة فطردني من أمام محله قائلا أنني أحول بينه وبين زبائنه ، فوقفت في وسط الشارع ، والحمد لله تحسنت وعدت مرة أخرى ولكن أنا ارتدى ملابس بيضاء وكاب فوق رأسي وكل ساعة أدخل المسجد أغسل رأسي وأرجع .. محمد ختم حديثه قائلا : " الحمد لله علي كل شيء ..ربنا يرحمنا من نار جهنم "

المصدر: مجلة حواء -ايمان عبدالرحمن
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 524 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,750,400

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز