<!--

<!-- <!-- <!-- [if gte mso 10]> <mce:style><!-- /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} --> <!-- [endif]---->

مدرسة الحياة تؤكد

العطاء الزائد طريق الجحود

ومن الحب ما أفسد الأبناء

كتبت نجلاء أبو زيد

تعطى الأم بلا حدود فتعلم دون أن تدرى أبناءها الأخذ دون حدود وتمر الأعوام ويكبر الصغير ويصبح رجلا ولا يزال يأخذ دون أن يفكر أنها تحتاج حبه واهتمامه  وتسأل كيف أصبح هكذا ولا تعلم أنها بحبها الزائد وعطائها بلا سقف علمته الأنانية وكانت أول من دفع الثمن؟

وتجارب الحياة مدرسة لمن أراد التعلم ومع قصص واقعية لأمهات وأبناء نلفت الانتباه للحد الفاصل بين العطاء الإيجابي والسلبى

البداية مع الحاجة سهير التى لا تزال تعطى حيث تقول: بعد وفاة زوجى خرجت معاشاً مبكراً لأتفرغ لأولادى الأربعة وزوجتهم واطمأننت عليهم وأصبحوا يحضرون لزيارتى على فترات متباعدة، كل حسب ظروفه ودائما ألتمس لهم الأعذار فوقتهم ضيق، وعندما يحتاج أحدهم أن أحضر لبيته لرعاية أبنائه عندما تكون زوجته فى عملها أذهب فمستحيل يطلبنى ابنى وأتاخر حتى لو كنت زعلانة إنه لا يزورنى، لكنى أخاف أن يصيبنى المرض ولا أجد من يرعانى حتى بناتى مشغولات بأبنائهن ويطلبن منى أن أشترى لهن الخضار وأجهزة ويحضرن لأخذه مجمداً، بعض جيرانى يلومننى على ما أفعله ويطلبن منى أن ألزمهم جميعا بأيام زيارة محددة لكنى أخجل أن أطلب هذا.

عطاء وجحود

الأستاذ حمدى –موظف- طالبنى بترشيح جارته العجوز لجائزة الأم المثالية لأنها لازالت تعطى رغم عجزها وروى لى قصتها التى تقاسمها معكم لتروا بأنفسكم كيف أن هذه القصة نموذجا للجحود وليس العطاء، فهذه السيدة تسير بمشاية من بيتها للسوق لشراء ما يطلبه أبناؤها لطعام الإفطار والغذاء ويساعدها المارة وركاب الميكروباص، لتنجز مهمتها وتعود للبيت لتجهز الطعام لابنها المتزوج، و الذى يسكن بجوارها، لكن زوجته لا ترسل له طعاما على المحل وتعود للبيت لتجهز طعام الابن الآخر ثم تستسلم لآلام بشعة باقى اليوم وهى فى قمة السعادة أنها تخدم أولادها، وهم يرون للآخرين وبسعادة مدى حب أمهم لهم دون أن يفكروا فى مراعاة عجزها ومرضها، هى فعلا نموذجا للعطاء غير الواعى الذى أوصل أبناءها لهذه الدرجة من الاستغلال.

تحت الطلب

الحاجة علية لها قصة مختلفة من العطاء، فهى الأم التى يتشاجر على استضافتها أبناؤها طيلة الأجازة لكن فى الدراسة قلما يدعوها أحد للمبيت وعن قصتها تقول: عندى ولد وبنت، متزوجين ومنذ طفولتهما وأنا ألبى طلباتهم دون تردد، وكان زوجى دائما يخبرنى أننى أفسدهم بتدليلى الزائد، لكن الحمد لله أنهوا دراستهم بتفوق، ويعملون فى أماكن محترمة ولكن فى الأجازة الدراسية لا يستطيعون ترك أولادهم فى البيت فأوزع الأيام بينهم لأعتنى بالأحفاد، وابنتى دائما تتهمنى بالميل لشقيقها لأننى أقضى عنده أوقاتاً أطو ل وأشعر بالسعادة لتواجدى لفترات طويلة مع أحفادى لكنى أحزن عندما تأتى الدراسة ولا يطلبنى أحد للمبيت عنده، نفس الشىء يحدث عندما يذهبون للمصيف حيث يخبروننى أنهم كانوا يودون اصطحابى معهم لكن صحتى لا تتحمل، أغضب منهم وأتخذ قراراً بعدم الذهاب للبقاء مع الأولاد بعد عودتهم، لكنى لا أستطيع إغضابهم، أرى أولاد شقيقتى كيف يزورونها باستمرار فأشعر بالحزن لأن أولادى أنانيين، لكن لا أستطيع مواجهتهم بمشاعرى وكل ما أتمناه ألا أمرض وأعجز عن الحركة لأننى غير متأكدة من قيامهم بتحملى خلال المرض.

السيده تهانى محمد، لها قصة مختلفة، فهى تعلم أبناءها دوما أن الدنيا أخذ وعطاء وأن كلا منهم عليه تحمل مسئولية أسرته الجديدة، وعندما مرض والدهم طلبت منهم الاتفاق على كيفية مشاركتها فى الاعتناء به والذهاب معه لجلسات العلاج الطبيعى، وتؤكد أنها رأت نماذج كثيرة حولها لجحود الأبناء بسبب تدليل الأم الزائد لهم لذا حرصت على إشراك أبنائها منذ البداية فى الاعتناء بوالدهم لأن تعويد الأبناء على الأخذ فقط يفسد حياتهم ويعلمهم الأنانية، لأن معظم أبناء هذا الزمن يعتقدون أن الأمهات خلقن لتلبية مطالبهم حتى يمتن

 

وإذا كانت هذه حكايات الأمهات، فكيف يرى الأبناء العطاء والجحود

 

الابن الحائر

 

الأستاذ هشام عبد العزيز –محاسب- يقول: أول مرة أشعر بحيرة تجاه سؤال فأنا أحب أمى وأعرف أننى مقصر معها لكن لا أتخيل أن ما أفعله معها جحوداً لأننى أسكن فى نفس العمارة لكن لا أراها يوميا، لأننى أعود متأخراً و زوجتى تترك معها الأولاد لتذهب لعملها، لكننى أعتقد أنهم يسلونها، وهى لم تشتك يوما وتدعو لى ولأشقائى، لا أنكر أنها عندما تمرض تذهب لبيت شقيقتى لأن عمل زوجتى لا يسمح لها بالاعتناء بها، لكنها ظروف حياة.

مصباح علاء الدين

 

عبير جمال -ربة بيت- تقول: البنات أكثر إحساسا بأمهاتهم وأقل استغلالا لهن، فأنا أمى تسكن بعيدا عنى، لكن ما أن أعلم أنها مريضة إلا وأذهب لها يوميا أو أحضرها عندى، حسب حالتها فى حين أشقائى الذكور يكتفون بالاتصال بى للاطمئنان عليها وبصراحة أغضب لأنها لا تشكو، ودائما تجد لهم المبررات وبسبب تدليلها الزائد لهم أصبحوا أنانيين، وقد تعلمت الدرس لذا لا أكرر أخطاءها مع أولادى، فكلنا فى البيت يجب أن نتعاون، فلست مصباح علاء الدين الذى أحضره لهم والدهم وعندما أمرض أوزع أعمال البيت على الجميع بالتساوى، فلا فرق بين ولد وبنت

الاستاذ محمود عبد الجواد، يرى أن العيب ليس فى عطاء الأم لكن فى فهم الأبناء لمعنى العطاء، وهو شخصيا يدين لأمه بكل ما حققه فى حياته، ولذا لا يتحمل أى شىء يصيبها ويقضى معها وقتاً مخصصاً كل أسبوع.

وبعد هذه التجارب توجهنا للمتخصصين لنتعرف على رأيهم وكيف يتحول العطاء الزائد لإفساد للأبناء.

تعليم العطاء

 

د.مديحة الصفتى -أستاذ علم الاجتماع- قالت: الأم عندما تعطى لا تفكر فى أى مقابل لأنها تفعل ذلك بكل الحب لأبنائها، والعطاء لا يقتصر على الأمهات فقط، لكن هناك آباء يعطون دون حدود، وعادة يعتبرون أن القيام بكل ما يريده أبناؤهم جزء من مسئوليتهم كآباء وأن أى تقصير يقلل من أبوتهم، ويعتاد الأبناء فكرة الأخذ ويتعاملون معها أيضا على أنها هى الشىء العادى حتى وإن قصر أهلهم بسبب أى ظروف خارجة عن إرادتهم فى تلبية مطالبهم، يعتابونهم بعنف ويجرحونهم بعبارة لماذا أنجبتمونا طالما غير قادرين على تلبية مطالبنا، أو ماذا تفعلون أكثر من أى أب وأم آخرين، وهنا يجب أن يعتاد الأهل على تعليم أبنائهم فكرة المشاركة فى المسئولية، خاصة عندما يكبرون،  وألا تعتقد الأم أن العطاء بلا حدود مهارة، لكن يجب أن تربى ابنها على العطاء للآخرين، أن يساعد زوجته، أن يساعد الآخرين، أن يتفهم احتياجاتها النفسية والاجتماعية، دون أن تطلب على الأمهات أن يدربن أطفالهن منذ الصغر على هذه الأمور حتى لا يفسدون ويصبحون أنانيين.

مرض جذب الانتباه

د.سعيد عبد العظيم -أستاذ الطب النفسى- يحلل الأمر نفسيا قائلا: كل أم تتمنى أن تسعد أبناءها حتى آخر لحظة فى عمرها، وعندما تكبر فى السن ترى أنه جاء الوقت ليهتم بها الأبناء، لكنها تخجل أن تطلب منهم ذلك، وتظل تعطى حتى تظل موجودة فى حياتهم لأنها من داخلها ودون أن تعلن ذلك تشعر أنها لو توقفت عن العطاء لهم سينسونها، ولن يسألون عنها لدرجة أن بعض الأمهات يصبن بالمرض لجذب اهتمام أبنائهن، لأنهن يخجلن من التصريح باحتياجهن لاهتمامهم ويكون المرض هو الوسيلة التى يجتمع بها الأبناء حولها وعدم التفات الأبناء للحالة النفسية للأم، خاصة بعد رحيل الأب مؤلما جدا لأى أم، لأنها ترى فشلا لرسالتها التى قامت بها، لذا عليها منذ طفولتهم أن تعلمهم وتضرب لهم المثل فى الاعتناء بالآخرين خاصة الأكبر سنا.

نجلاء أبو زيد

 

المصدر: نجلاء ابو زيد _مجلة حواء
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2309 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,161,407

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز