عصبية الرضيع مشكلة أسبابها وحلولها
سماح موسي:
انتشرت ظاهرة عصبية الأطفال، خاصة الرضع منهم، بين المواليد في الآونة الأخيرة، فدائما ما تشكو الأمهات من عصبية أطفالهن وتوالي صراخهم وصدور بعض التصرفات مثل قرض الأظافر أو شد الشعر أو ضرب الأقران أو مص الإصبع بشكل مستمر وملفت، مع مص كل ما يقع في يده من أشياء، والحركات المستمرة مثل هز الرجل ومص الشفاه.. في السطور التالية روشتة علاجية للتعامل مع عصبية هؤلاء الأطفال الرضع يكتبها خبراء النفس والمخ والأعصاب والأطفال والتغذية العلاجية مع ذكر أسبابها.
لا أحتمل عصبيته
في البداية حدثتنا (مديحة حامد)26عاماً قائلة "طفلي الأول يبلغ من العمر ثلاثة أشهر وعصبي جدا فلا أستطيع التعامل معه، قمت بنقل محل إقامتي بجوار والدتي حتي تساعدني علي تربيته".
مص الأصابع
أما (وفاء السيد) 29 عاماً تشتكي من رضيعها قائلة "رغم أنني أم للمرة الثانية،إلا أن طفلي الأول لم يكن عصبيا كالثاني فدائما ما يقوم بمص أصابعه بعصبية وتجريح وجههبأظافره،أريد معرفة سبب ذلك وكيفية المعالجة".
لأدوية الحمل دور كبير
بعد ذكر بعض الحالات التي تشكو من عصبية أطفالهن انتقلنا إلي د.خالد الشرقاوي، أستاذ المخ والأعصاب بكلية الطب جامعة الزقازيق، لنعرف أسباب العصبية فقال:"لعصبية الأطفال الرضع أسباب متعددة، منها ماهو وراثي وماهو مكتسب، وأيضا أسباب عضوية، أولا إذا كان السبب وراثيا فيكون عن طريق الأم أثناء الحمل، إذ تنعكس هرموناتها علي الجنين فتوجد هرمونات مسئولة عن الحالة المزاجية (بما يتعلق بالانفعالات والعصبية والعكس هدوء الأعصاب) بالإضافة إلي إحساس الجنين بأمه بجانب الأدوية التي تتناولها الأم أثناء حملها فتؤثر عليها وعلي طفلها بالسلب".
عدوي سلوكية
ويضيف د.الشرقاوي "الأب ليس له علاقة بعصبية الطفل وهو جنين، ولكن قد يكون السبب بعد ولادته ونموه لأن الطفل قد يراه عصبي، فينشأ الطفل في جو عصبي فيصبح كاسفنجة تلتقط ما يحيط بها من حركات وانفعالات ما نسميه،عدوي سلوكية، وهذا يكون ضمن الأسباب المكتسب.
احتقان .في الزور
كما يشير أستاذ المخ والأعصاب إلى الأسباب العضوية، بمعني أن تكون سبب عصبية الطفل الرضيع عضوي" فقد يكون بكاؤه وصراخه وعصبيته تعبير عن معاناته، كأن يكون يعاني من ارتفاع الحرارة أو الحاجة إلي تغير الحفاضة، أو يعاني من التهاب مزمن في الأذن الوسطي عن طريق قناة استاكيوس وهذا بسبب اتكاء الرضيع علي ظهره عند رضاعته فلابد أن تلتزم الأم بالوضع الصحيح للرضاعة حتي يمر اللبن مباشرة للمعدة".
ويؤكد د.خالد علي أنه قد يعاني الرضيع احتقاناً في الزور فيكون مصاباً باللوزتين أو الإسهال أو إصابات جلدية.
الضغوط اليومية والشئون المنزلية
يتفق د.عماد مخيمر، رئيس قسم علم النفس، بكلية الآداب جامعة الزقازيق مع الرأي السابق، ويضيف قائلا: "الكثير من الأمهات لا تستطيع التعامل مع الأطفال العصبين، وقد تكون الأم نفسها سبباً في زرع العصبية داخل طفلها بدون قصد، ففي وسط الضغوط اليومية للأم، بالإضافة للشئون المنزلية الملقاة علي عاتقها تنقل العصبية للطفل ابتداءً من كونه جنيناً في بطنها في الشهر الرابع، فنتخيل أن الطفل يسمع طوال الوقت صوتاً عالياً وصراخاً فينتقل له الشعور بالعصبية، أما إذا سمع طوال فترة الحمل موسيقي وقرآن كريم يصبح هادئاً".
العلاج
لعلاج العصبية علي الأم أن تقوم بعمل برنامج للسيطرة علي الغضب، وأن تهدئ من روعها وتحتوي طفلها بالدفئ العائلي، وتشعره بالحب والحنان والقبول وعدم الاضطهاد، وتلتزم بما قاله رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام (إذا غضب أحدكم وهو واقف فليجلس وإذا ذهب عنه الغضب فليضجع)، كما قال أيضا: (إن الشيطان من النار وإن ما يطفئ النار هو الماء، إذا غضب أحدكم فليتوضئ فسوف يذهب عنه الغضب)صدق رسول الله عليه الصلاة والسلام، بالإضافة إلي عدم إشعار الطفل أنه مصدر قلق للأسرة وعدم التفرقة بينه وبين إخوته، وعدم إجباره أيضا على أن يكون كما يريدون ولايدعون له مجالاً أن يختار بعض الأمور البسيطة كلعبة أو لون حقيبته المدرسية، ولكن التدليل المفرط أيضا يجعل الطفل بعد مرحلة الرضاعة عدوانيا وأنانيا يحب أن يمتلك كل شئ، فعندما يدخل معترك الحياة يشعر باضطهاد بالإضافة إلي عرض مشاكل الوالدين أمامه وكبت مشاعره من قبلهم، فمثلا إذا أراد أن يبكي أجبر علي السكوت، وهكذا، لذلك لابد أن نعطيه مساحة من الحرية حتي لا يكون شخصية عصبية.
نقص الكالسيوم والحديد
أما عن المشاكل الطبية التي تؤثر علي الطفل الرضيع وتجعله شخصية عصبية يقول د.هشام القطاوي، نائب مدير مستشفي ميت غمر العام واستشاري طب الأطفال وحديثي الولادة بها " نقص فيتامين (د) "فقر الدم" ونقص الكالسيوم خلال الشهور الأولي، وزيادة نشاط الغدة الدرقية أو الإصابة بالصرع أو التوحد والتهاب اللوز، بالإضافة إلي إصابة الطفل بالديدان، أيضا من ضمن الأسباب صعوبة النطق ويتوتر بعض الأطفال إذا وجهوا بالاستهزاء أو عدم القدرة علي إيصال المعلومة بشكل صحيح، فلابد من معالجة تلك الأمراض حتي يصبح شخصية هادئة.
عدم الاستقرار
ويؤكد د.هشام علي أنه قد ترجع الأسباب أيضا لمستوي عقل الطفل "فالطفل الذكي يعاني من عدم الاستقرار لأنه يفهم كل ما يدور حوله فيشعر بالوحدة أو الغرور، مما يجعل الجو المحيط به لا يعجبه، ويعبر بطريقة عصبية عن رفضه واحتياجه وغضبه من عدم الإجابة عن أسئلته، يجب علي الأم أن تنمي ذكائه بالإجابة علي أسئلته بشكل دقيق ومناسب لعمره، وشراء حاسب آلي ليزيد من إدراكه ومهاراته مع توفير بعض الكتب وتكون تحت إشراف الأم، ومن ناحية أخري فان من يعاني من ضعف في المستوي العقلي يزيد عليه الإحساس بالضغط من قبل الأسرة أو المدرسة أو الأصدقاء، ومقارنته بالأطفال الآخرين غيرهم يزيد من عصبيته وتوتره.
هدئي روعك
تتفق د.هنادي شيحة مدرس التغذية العلاجية بالمعهد القومي للتغذية مع الآراء السابقة، وتضيف متسائلة "هل تعرفين أن الأطفال والرضع يكتسبون النرفزة والعصبية من آبائهم وأمهاتهم، وعلي الأخص من أمهاتهم لأنهن الأقرب اليهم في هذه المرحلة العمرية، حاولي أن تهدئي من روعك إذا كنت عصبية بعض الشئ، ولا تصرخي في وجه رضيعك مهما بلغت من التعب والإجهاد، لأنك تبنين شخصيته في هذه المرحلة كما أن الأطفال يؤكدون أن الرضع يكتسبون العصبية من أمهاتهم.
نصائح للأم
وتضيف د.هنادي "على الأم ملاحظة طفلها الرضيع فقد تظهر عصبيته من خلال تشنج اليدين أحيانا مع الرغبة في قفلها بصورة محكمة، وقد يكون هذا طبيعي لأن الأم أثناء الحمل تتعصب كثيرا، لذلك عليها محاولة تخفيض صوتها العالي قدر الإمكان، ولا تكثر من استخدام الأدوية إلا باستشارة الطبيب لأنها قد تزيد من عصبية الرضيع". وتنصح د. هنادي "لا ترضعي الطفل وأنت معصبة، لأنه يؤثر علي حالته النفسية والعصبية مع المحاولة للتقرب إليه بضمه ولا تتركيه يبكي لفترات طويلة".
لا تكوني برج مراقبة
وتشير د. هنادي بمحاولة دمج الطفل مع من هم في سنه وتضيف "حينما تريه متوترا قومي بتحريك جسمه بشكل رياضة أو قفز خفيف وغيرها، لتخرجي الطاقة الموجودة داخله بصورة إيجابية، واجعليه يلعب ولاتكوني كبرج مراقبة، بل راقبيه بحذر واهتمي بالألعاب التي تنمي الذهن مثل الصلصال والمكعبات، فهي تساعد علي بناء ذكائه، ويفرغ فيها طاقاته بصورة إيجابية ودعيه يعبرعن أحاسيسه ومشاعره، ودعيه ينام ويأكل بشكل كاف، لأن نقص هذه الاحتياجات تؤثر سلبا وتزيد من قلقه وتوتره أيضا، عند معاقبته أخبريه بسبب العقاب، ولا تتكلمي معه وهو يصرخ أو وهو منزعج رددي عليه (مادمت تصرخ فلن أكلمك ولن أسمع منك حتي تهدأ)، حيث أنك عندما تجارينه في عصبيته تصبح الوسيلة ليحصل علي ما يريد، فتصبح مع الوقت عادة يحصل بها علي ما يريد وأخيرا كوني قدوة فهو يتعلم منك الكثير وفاقد الشئ لا يعطيه.
وأخيرا وليس آخرا تنصح إخصائية التغذية الأم أن تعطي رضيعها النعناع أو اليانسون أو الكراوية مع كل رضعة لتهدئته.
ساحة النقاش