كانت المشكلة الأولى التى واجهتها عند تعيينى رئيسا لمجلة تحرير حواء فى يونيو 1993م، هى كلمة "رئيس"، فالرئيس لا بد أن يكون مذكرا حتى وإن كانت امرأة!

وما زلت حتى اليوم كلما تعمدت وصف منصبى "برئيسة التحرير" أجد من ينبهنى إلى أن هذه الكلمة لا يجوز تأنيثها, هكذا حكمت اللغة! ويأتى تساؤلى فى كل مرة، ولكن ألم يحن الوقت لأن تتغير تلك القاعدة، بعد أن أصبحت المرأة فى مصر رئيسة ومديرة ووزيرة وسفيرة وعميدة..الخ؟ 

وعلى مدى ثلاثين عاما من العمل الصحفى تركزت تحقيقاتى الصحفية ومقالاتى وأعمالى الإبداعية (قصص, أفلام, مسلسلات إذاعية وتليفزيونية) حول التعامل مع هذه التفرقة المستمرة بين الذكر والأنثى, ومحاولة فرض وإشاعة رؤى بديلة لها.

وفى "الحياة امرأة ", افتتاحية مجلة "حواء" الأسبوعية، لم أترك قضية أو مشكلة إلا وناقشتها على أساس أن كل ما يحدث فى الحياة يهم المرأة وبصفتها الشريك الأساسى والوحيد للرجل، الذى تنعكس عليها كل ما يقوم به من أفعال وما يتخذ من قرارات, وإذا كان الرجل ما زال مصرا على الانفراد بالقرار مع إلزام المرأة بالتنفيذ، فعليه أن يعلم أن لها موقفا قد يكون مخالفا له فى الكثير من الأمور, فالمرأة كما أثبت العلماء لا تستطيع مهما وصلت من رقى وسلطة وسطوة أن تنسى دورها الأساسى فى الحياة؛ كحافظة للنوع وحامية للحضارة وناقلة للثقافة.

لقد أتاح لى موقعى كرئيسة تحرير واحدة من أعرق المجلات العربية وأكثرها انتشارا أن أدعم منبرا للدفاع عن المرأة يستخدم كل المهارات الحرفية والوسائل الصحفية ليغير مفاهيم المرأة والرجل على حد سواء.

ومن أهم الموضوعات والقضايا التى نوقشت وتوبعت فى حواء: قوانين الأحوال الشخصية، قانون الجنسية المصرى، قواعد تنظيم سفر المرأة المصرية، قانون الجمعيات، قانون الطفل، مشاكل المسنين، وأرباب المعاشات، معاش المرأة العاملة لزوجها، مشاكل المطلقات فى الحصول على المستحقات الشرعية، مشاكل أولاد الشوارع والعمال تحت سن 18 سنة، والملاجئ ومساكن الإيواء والعشوائيات, المشاركة السياسية للمرأة, المرأة قاضية, الصحة الإنجابية, الإجهاض المتكرر والحمل الكاذب, الإدمان.. الخ. 

ومنذ صدورها فى يناير 1955م كانت مجلة "حواء" المدرسة الأولى التى تلقت فيها النساء فى كل البلاد العربية  بلا استثناء دروس الحرية الأولى, وعلى يد سيدة الصحافة العربية الكاتبة الراحلة أمينة السعيد استيقظ وعى أجيال متعددة على فكر جديد يطالب بإعادة الحقوق المسلوبة للمرأة ورد اعتبارها وتهيئة المناخ الثقافى والسياسى والاجتماعى لمشاركتها فى بناء الوطن العربى, وقد تميزت مجلة "حواء" منذ ذلك الوقت بالاتزان والرصانة ونالت إعجاب الجميع وتأييدهم وأصبحت على مر العقود المجلة النسائية الأولى المفضلة للعائلة العربية, من هنا كان حرصى الشديد على الحفاظ على الصفات الجوهرية الأصيلة للمجلة  جنبا إلى جنب التغيير والتطور المستمرين اللذين لا غنى عنهما لأى إصدار صحفى يحرص على مواكبة العصر وإرضاء المتلقى.

 وقد هيأت لى الظروف جيلا جديدا من الصحفيين المتعطشين للعمل، استطعت أن أدربهم وأوجههم ليكونوا  كتيبة فى جيش التحرر للمرأة العربية، فتمت توعيتهم  بالقضايا الأساسية والقوانين والتغيرات المطلوبة، وخلق الرؤية النقدية والاتجاه العلمى لديهم، وذلك بدفعهم للمشاركة فى كافة الأنشطة التى تقوم بها الحركة النسائية  العربية وتغطيتها، فى مصر والبلاد العربية، وإقامة علاقات وثيقة بالإعلام والقيادات النسائية، ومتابعة وتغطية أخبارهن إلى جانب  تقديمهن كقدوة صالحة للأجيال الشابة.

 

ويسعدنى أن أرى اليوم واحدة من هذا الجيل تقود مسيرة "حواء" على نفس خطى رئيساتها السابقات مع إضافة حيوية الشباب وتطلعاته المشروعة إلى مستقبل أفضل لمصرنا الحبيبة بعد أن يرد الاعتبار إلى الشريكة الأساسية لتلك المسيرة، حواء، والدة، وزوجة، وزميلة فى العمل، ومناضلة فى سبيل التقدم والتنمية, فإلى الابنة العزيزة سمر الدسوقى وكل الزميلات والزملاء كل عام وأنتم مصرون على تحقيق أحلام المرأة العربية وإزاحة كافة العراقيل التى تعوقها وتبغى إعادتها إلى الخلف, كل عام ومجلتنا الحبيبة متألقة ومنارة تضىء العالم كله.

المصدر: بقلم : إقبال بركة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 419 مشاهدة
نشرت فى 18 يناير 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,778,279

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز