يا بنت بلدى إنها القسمة والنصيب والمكتوب الذى ليس منه مهرب كما يقول المثل المصرى، ولكن الله سبحانه وتعالى خلق لنا العقل لنتدبر أمورنا ونفكر قبل أن نتخذ قرارا مصيريا وتأكدوا أحبائى قرائى وقارئاتى أن أى قرار مهم يؤثر فى الإنسان طول العمر سواء كان صحيحا أم خطأ !!

فالصحيح ينجيك ويبعدك عن القلق والنكد والمشاكل، أما الخاطئ فيحيل حياتك إلى معاناة وآلام أرجو أن يكفينا الله سبحانه وتعالى شر القرارات المتسرعة الخاطئة التي تحرمنا الراحة لباقى العمر !!

***

هى زميلة قديمة  55سنة عملت لفترة قصيرة فى مجال الصحافة ثم اختفت فجأة وانقطعت أخبارها لفترة طويلة، ثم عادت تهاتفني فى الأعياد والمناسبات وتكتفى بالسؤال عنى ولا تجيب عندما أسألها عن حالها إلا إجابة واحدة .. الحمدلله ..  الحمدلله ، فوجئت بها تطلب مقابلتى وتطلب أن أعطيها الوقت الكافى لخطورة الأمر الذى تزورنى من أجله !

جاءت ولاحظت علامات السن على وجهها فقد كانت آية فى الجمال والذكاء وهذا شىء طبيعى فعلامات السن والأيام لا تستطيع أن تمحوها كلها عمليات التجميل (والفيلر) وشد الرقبة تتبقى نظرات العيون وما حولها لتطلعك على السن الحقيقى !

***

قالت السيدة صفاء ..  مفاجأة مش كده؟ طبعا شايفانى عجزت عن زمان وشكلى اتغير؟

قلت لها ..  ما زلت جميلة وكل سن له جماله.. خيرا إن شاء الله؟ قالت.. لابد أن أحكى لك الحكاية منذ البداية فقد كنت إحدى تلميذاتك وكنت تتوقعين لى مستقبلا رائعا فى عالم الصحافة، فأنا خريجة كلية الإعلام بتفوق وعندما كنت أتمرن معك أوصيت بى الدكتورة ليلى عبدالمجيد عميدة الكلية ومكثت عاما واحدا في العمل ثم بدأت الغياب المتكرر، وعندما سألتنى عن الأسباب فى التقاعس عن العمل قلت لك يومها..آسفة.. أظن أننى سوف أتزوج قريبا!! ولم أحك لك أية تفاصيل وكنت مندهشة جدا من ذلك الغموض؟!

قلت لها.. فعلا.. لم أعرف عنك أى شيئا من يومها وإذا لم يتكلم محدثى معى من تلقاء نفسه فإننى غالبا لا أسأله منعا للإحراج !

قالت.. فعلا تزوجت وكان الاختفاء والغموض والتكتم أمورا لازمة لزواجى ومن ثم كنت لا أستطيع أن أحكى لك أى شىء !!

***

واستطردت السيدة صفاء.. بداية القصة أنه كانت هناك ندوة يتحدث فيها شخصية مهمة فى ذلك الوقت وذهبت أغطى الندوة بناء على أوامر رئيس التحرير، والتقيت بالمتحدث بعد انتهاء الندوة لأسأله عدة أسئلة منفردة للمجلة، ولاحظت وهو الشخصية المهيبة أنه يبدى تعاطفا وإعجابا بى وأصر على أن يأخذ رقم هاتف منزلى فلم تكن هناك )موبايلات( بعد، وحسبت أنه يريد أن يطمئن على ما سوف أكتبه عن الندوة، وفعلا بدأ بذلك ثم أصبحت مكالماته يومية وكان شخصية ساحرة جميلة وكان فى مثل سن أبى - رحمة الله عليه - علاوة على فخرى واعتزازى بأن شخصية مهيبة مثله يحادث صحفية صغيرة تحت التمرين خاصة أن مصر كلها كانت تعرف أنه زوج وأب لعدة أولاد صبيان وبنات !

واستطردت صفاء..  لا أنكر أننى أحببته وأحسست بالأمان فى وجوده وأقنعنى بأن أتزوجه زواجا شرعيا موثقا على يد المأذون ولكن فى السر لحساسية منصبه ومن أجل أسرته، ووافقت على الفور وعارضت أمى رحمها الله لأنه كان أكبر منى بعشرين عاما على الأقل، وتزوجنا ولكن لا أعلم كيف علمت زوجته بالأمر فصارت تهددنى بالويل والثبور وعظائم الأمور لكنى صمدت وكانت تسبنى فلا أرد عليها احتراما لزوجى، وعندما علمت أننى حملت وولدت ابنى الوحيد ثارت ثورة شديدة وغادرت المنزل واضطر زوجى تحت ضغطها عليه أن يطلقنى ويطلعها على قسيمة الطلاق ويبدو أنها استعانت بسلطة أعلى منه وتركنى زوجى وابنى فى شهوره الأولى.

***

واستطردت صفاء... ولم تعد إلى بيت الزوجية إلا بعد أن كتب زوجى كل ما يملك من عقارات وأملاك وأراضي زراعية لها ولأولادها منه ! ولم يقصر والد ابنى فى إرسال نفقاتي ونفقات ابنه كل شهر مع شخص مخصوص وأحيانا كان يفاجئنى بأن يطلب رؤية ابنه الصغير فكنت أذهب به إلى منزل والدتى ويأتى هو دقائق قليلة يراه ويذهب إلى عمله، وسارت الأحوال على هذا المنوال خمسة وعشرين عاما، وتخرج ابنى فى الجامعة وكان يذهب إلى مكتب والده كل عدة شهور لكى يراه لكن والده كان أحيانا يتهرب منه أو لا يقدمه لضيوفه خاصة بعد أن تقاعد طليقى من العمل الحكومى وأصبح له شركة خاصة به، وعلمنا أن ابنه الكبير يعمل مع والده مديرا لشركته الكبيرة وأنه أصبح الكل فى الكل فى الشركة، وابن زوجى السابق يكاد لا يعترف بشقيقه ولا حتى يقرؤه التحية عندما يراه، وعشنا حياة متوسطة مكتفيين بما يرسله لنا زوجى السابق من نفقات مع ميراث بسيط من والدى ووالدتى بعد وفاتهما كان يأتينى بها شقيقى البار الطيب، حتى كان الخبر الذى فوجئنا به منذ شهر تقريبا وهو وفاة زوجى السابق ثم كانت المفاجأة الأليمة التى واجهتنى أنا وابنى، فقط الأسبوع القادم أحكى لك باقى الحكاية !!

المصدر: بقلم : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 565 مشاهدة
نشرت فى 30 يناير 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,815,245

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز