ربما يكون تعريف الكاتبة الإنجليزية الراحلة أجاثا كريستى للحب من أكثر التعريفات دقة وشمولا، ورغم أنها اشتهرت بكتابة الروايات البوليسية إلا أنه كانت لها أيضا روايات رومانسية لا تقل جمالا وروعة وحبكة درامية، وربما يرجع ذلك لخيانة زوجها الأول لها بينما ظل زوجها الثانى متيما بها طوال فترة زواجهما التى استمرت 45 عاما، قالت أجاثا عن الحب: أول مرة سمعت هذه الكلمة كنت طفلة صغيرة وكانت من والدى الذى قبلنى وقال إنى أحبك، فقلت الحب هو: حنان وأمان وحضن دافئ، وعندما بلغت سن الرشد وجدت رسالة تحت باب المنزل أرسلها ابن الجيران عنوانها اسمى ومحتواها «إنى أحبك ».. فقلت الحب هو: جرأة وجنون، وعندما خطبت لابن الجيران وتعرفت عليه كانت أول كلمة قالها لى هي: أحبك، فقلت الحب هو: طموح وعمل وهدف وإرادة، تزوجت وفى ثانى يوم زواج طبع زوجى قبلة على جبينى وقال لي: إنى أحبك، فقلت الحب هو: شوق وحنين، مرت سنة فولدت ابنتى الوحيدة.. كنت تعبة ملقاة على سريرى فجاءنى زوجى وأمسك يدى وقال: إنى أحبك، فقلت الحب هو: شكر وتقدير ورعاية واهتمام، بعد مرور السنين شاب شعر الرأس وتزوجت الابنة فنظر زوجى لشعراتى البيضاء وقال لى مبتسما: «أحبك ».. فقلت الحب هو: رحمة وعطف، طال العمر وصرنا شيوخا وفى كل مرة زوجى العزيز يقول لي: «أحبك ».. فأقول الحب هو: وفاء وصدق وإخلاص وعطاء.

هذا هو الحب.. يبدأ صغيرا ويكبر معنا شيئا فشيئا، وكلما تقدمنا فى العمر اكتشفنا أسراره الجميلة، لكن أجملها أن يكون غير مشروط.. إذ أن كل ما هو مشروط مهدد بالزوال إذا زال شرطه، وكل مشروط تختلط فيه النوايا الحسنة بالسيئة، الحب غير المشروط هو جنة الله فى الأرض، وإذا خسرنا تلك الجنة فكيف سيطيب لنا العيش فى الأرض؟!

ما رأيكم أن نحب جميعا وطننا ونعمل من أجل ترجمة هذا الحب على أرض الواقع من خلال الاجتهاد فى العمل والمشاركة فيما يبنى على أرضه من مشروعات قومية بكل جد خاصة وأن هذا كله يوظف لصالح أبنائنا فيما بعد فبهذا نكون وبشكل غير مباشر قد زرعنا فيهم معنى الحب الحقيقي ألا وهو الانتماء والولاء لهذه الأرض.