يا بنت بلدى قررت أن أنفض عنى غبار الكسل وأن أنضم إلى صديقاتى فى لقائهن الأسبوعى فى حديقة النادى العريق، كانت الشمس دافئة وجميلة وكنت قد استمعت إلى النشرة الجوية العالمية فوجدت الجو فى أوروبا وأمريكا وبعض البلاد الأخرى بالغ البرودة والحرارة تحت الصفر بأكثر من عشر درجات ! بل هناك بلاد تحت الصفر بعشرين وخمسة وعشرين درجة ! حمدت المولى العزيز على جمال الجو فى بلدنا وأعطيت ظهرى الذى يوجعنى بشدة للشمس الدافئة وتنبهت على وصول صديقتى المقربة، وكانت تعانى من مشكلة محيرة تعانى منها كل البيوت ووجدتها مبتسمة ومتهللة فتوقعت خيرا وتوقعت أن تكون المشكلة قد انتهت !!
***
صديقتى زميلة سابقة على المعاش وهى لا تعمل الآن وكانت مشكلتها مثل مشكلة كل البيوت الآن وهى الخدمة المنزلية ! هى الآن تقترب من السبعين من العمر ولا تستطيع تنظيف المنزل ولا الانحناء ولا دخول المطبخ منفردة أى أنها تحتاج لمن يساعدها فى الطهى وفى نظافة البيت، أما شراء المستلزمات فهى تقوم به مع زوجها الطبيب )على المعاش( أيضاً كل شهر حيث تقوم بشراء كل مستلزمات البيت الأساسية ولا يبقى سوى شراء الخبز الطازج واللبن أحيانا، وكثيراً ما تشترى كميات منهما وتضعهما فى الفريزر حتى لا تضطر لتحمل سماجة وسخافة البواب الذى يختفى أحيانا لأيام عديدة بدعوى سفره إلى قريته لرؤية زوجته وأولاده !
وجدنا صديقتنا ( مبسوطة ) وانتظرنا أن تحكى لنا عن سبب عودة ابتسامتها مرة أخرى.
***
فقالت الزميلة إحسان: تعرفون مأساتى مع خدمة المنزل فقد «نشف » ريقى وأنا أبحث عن شغالة معقولة الأجر ولم أجد إلا شغالات براتب يومى لا يقل عن مائة وعشرين جنيهاً !!
بينما معاشى من نقابة الصحفيين ومن الدار التى كنت أعمل بها يزيد على ثلاثة آلاف جنيه !! أى أن الشغالة سوف تأخذ كل معاشى وفوقه مائة جنيه من معاش الدكتور عبدالعزيز زوجى الذى كان طبيا بوزارة الصحة ومعاشه كله لا يزيد عن أربعة آلاف جنيه هى كل ما نحصل عليه شهريا ووحدها كهرباء المنزل لا تقل شهريا عن سبعمائة جنيه وأجر البواب وحساب الصيدلية والطعام والشراب يزيد كثيرا عن باقى المبلغ أى أن الحياة «مزنوقة » جداً وناهيك عما يأخذه دكتور الأسنان وباقى الأطباء.
***
واستطردت زميلتنا إحسان ولكن ماذا نفعل؟ لابد من نظافة البيت ووجود من يساعد لاعتلال الصحة وعدم إمكان الوفاء بكل الخدمات المنزلية، فقبلت أخيرا شغالة متهاودة الأجر إذ قالوا إنها ستكتفى بمائة جنيه يوميا فقط وجاءت صاحبتنا فى حوالى الساعة العاشرة صباحا ودخلت الحمام لكى تخلع ملابسها وتبدأ العمل فظلت فيه حوالى ربع الساعة بدعوى أنها كانت تتهيأ للعمل ثم طلبت منى أن تشرب كوب شاى بلبن حتى تستطيع أن تبدأ العمل وفعلا دللتها على مكان الشاي واللبن وقلت لها إن الجبن واللانشون والبيض فى الثلاجة إذا أرادت أن تفطر، وجلست فى صالة المنزل أنتظر أن تفرغ من إفطارها ثم خطر لى أن أدخل وأرى ماذا أعدت لنفسها فوجدت أنها قد أخرجت 4بيضات «البيضة فى السوبر ماركت باثنين جنيه » وقطعة كبيرة من اللانشون وقطعتين من الجبن الشيدر ورغيفين فينو 2« جنيه »، وجلست تأكل كأنها لم ترَ طعاما من قبل !! وأنا آكل بيضة واحدة وزوجى يأكل مثلها وقطعة صغيرة من الجبن الأبيض أو الشيدر فى الإفطار لا غير ونحافظ على باقى الكميات لاستكمال الشهر، وأخيرا انتهت من شرب الشاى وأكل البيض كله والجبن وسألتنى عن مكان النسكافيه لأنه هو الوحيد الذى يعدل دماغها فدللتها عليه وشربت ثم بدأت العمل ببطء شديد، وقالت إن عندها سكر وضغط ولا تستطيع أن ترهق نفسها وكان الوقت قد مضى سريعا وهى لم تنظف سوى حجرة النوم والصالة والحمام فقط، ووصلت الساعة إلى الثالثة عصرا ووجدتها تقول لى وهى تهم بدخول الحمام مرة أخرى لتستبدل ملابس العمل بملابس الخروج .. قالت :
- خلاص يا مدام.. خدتى حقك وزيادة همة ست ساعات زى القانون ما بيقول وكمان لازم الحق أروح قبل ما زوجى يوصل البيت، وعلى فكرة زوجى مدير عام فى إحدى المصالح الحكومية ولدى 6أولاد منه لكن هذه حكاية ثانية سوف أحكيها لك باكرا بإذن الله لأن ما فيش وقت ثم كانت المفاجأة !!
الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية
ساحة النقاش