لا زال هو الملف الأهم والأخطر الذى نعانى منه وتعانى منه الدولة المصرية،إنه ذاك الهم المحدق بوطننا،ليس وحدها وإنما يجتاح العالم أجمع،ولكن لم تتصد كافة الدول بكل هذه الشجاعة والقدرة على المواجهة كما تفعل أرض الكنانة،فمواجهة التطرف والإرهاب لا يأتى بالمواجهة الأمنية وحدها،وإنما ينبغى أن تلعب مؤسسات الدولة دورها فى هذا الإطار تنفيذا لاستراتيجية الدولة المصرية لمواجهة هذا التحدى ، والذى أشار له فخامة الرئيس عدة مرات عن دورنا فى التصدى للإرهاب والإرهابيين نيابة عن المنطقة بل والعالم أجمع،إنها الحرب الشرسة التى نخوضها منذ سنوات،والتى استفحلت ووصلت لمداها بعد ثورة الثلاثين من يونيو واسترداد الوطن من الجماعة الفاشية الإرهابية التى تسلقت الحكم وحاولت أن تستحوذ على بلدنا ومقدراتها،ولكن بفضل جيشنا العظيم وقائده الأعلى كان الفضل فى العودة الحميدة لمصرنا الغالية, وما يؤسفنا هو ما يتكبده أبناء مصر المخلصين من الجيش والشرطة ثمناً غالياً ضريبة لما نحياه من أمن وأمان واستعادة للاستقرار،وتغيير خارطة الشرق الأوسط التى حاول رسمها أعداء الوطن فى الخارج تحت مسمياتهم الخادعة كالربيع العربى ،والفوضى الخلاقة, والتى يرددها حتى الآن من يطلقون على أنفسهم النخبة فى حسرة وحزن لعدم إدراك خطورة هذه الألفاظ وما لها من تأثير خطير على الأمن القومى المصرى بلا وعى, وكم أتمنى أن تمحى هذه الألفاظ الدخيلة على ثقافتنا وعلى أمتنا من قاموس حياتنا،وأن يعى الشباب معنى الولاء والانتماء الحقيقى للوطن, وهو دور المؤسسات الثقافية المعنية التى للأسف تسير فى هذا الفلك المظلم.

ولكن فى ظل الدور التنويرى الذى تلعبه مكتبة الإسكندرية وتحديداً للوعى بهذه القضية جاء مؤتمرهم الأخير تحت عنوان "الفن والأدب فى مواجهة التطرف" والذى عقد خلال الفترة من 28 وحتى 30 من يناير المنصرم،وكانت محاور المؤتمر غاية فى الأهمية،وكذلك الجلسات المتوازية والتى تعارضت بعضها البعض مع رغباتنا كمشاركين،لذا ننوه للقائمين على المؤتمر وضع ذلك فى الاعتبار لأهمية الأطروحات والخبراء المناقشين لها،والذين استضافتهم المكتبة من عدد كبير من الدول العربية بجانب إيطاليا والبرتغال وبريطانيا وألمانيا وهو ما يعكس تجارب وخبرات جديدة يمكن أن نكتسبها فى مجال الثقافة ، وبالأخص لما نعانى منه على مدار فترات طويلة ولازلنا, ومن أهم الموضوعات التى تناولها المؤتمر دور المؤسسات الثقافية فى مواجهة الإرهاب،جدليات القوة الناعمة والأمن،الثقافة والتقدم فى العالم العربى،وتجليات الفن والأدب فى مواجهة التطرف, وجاءت كثير من كلمات المشاركين على قدر كبير من الأهمية،وكذلك الحضور الذين قاموا بالمداخلات الجانبية والتى أثرت الحديث،وأعتقد أن بعض المحاور تستحق أن تتبلور فى صورة مؤتمر كامل،لأن ضيق الوقت كان حائلاً للمشاركة الفعالة فى بعض الأحيان, ومن المدهش أيضاً قدرة المكتبة على استقطاب توجهات وأطياف عديدة للمشاركين المصريين من أنماط مختلفة،لكن جميعها انصهرت لمواجهة التطرف.

والخلاصة أن هذا ليس بجديد أو غريب على مكتبة الإسكندرية بعراقتها وأصالتها،وننتظر منها المزيد للوقوف جنباً إلى جنب مع الأجهزة الأمنية فى ظل التدابير التى تضعها الدولة لتجفيف منابع التطرف والإرهاب،واستكمالاً لتوجهات سيادة الرئيس بزيادة الوعى والبناء الفكرى للمواطن،ونشر ثقافة السلام كشريعة إلهية وضرورة إنسانية لفرض التعايش السلمى داخل مجتمعنا, وبالفعل من يتعلم فناً ويمسك آلة موسيقية أو ريشة فنان أو قلم مبدع يستحيل أن يرفع سلاحاً فى مواجهة الأبرياء, وهذا هو دورنا لدحض هذا الفكر المتطرف بالفن والأدب،وهنا يذكرنى قول الفيلسوف العظيم أفلاطون حين قال:"علموا أولادكم الفنون ثم أغلقوا السجون".

المصدر: بقلم : د. رانيا يحيى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 428 مشاهدة
نشرت فى 20 فبراير 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,457,463

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز