يابنت بلدى رمضان كريم .. وكل عام وأنتم بخير حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئتى الحاجة ثريا 65« سنة » التى تبكى وتقول .. كم كنت ظالمة لنفسى وظالمة لأهل زوجى الذين منعت زوجى من رؤيتهم وهما شقيقتيه وهو كبيرهما، وكم كنت طائشة عندما كنت أصمم على أن ينفق زوجى كل دخله وأكثر منه على ملابسى وذهبى وماسى، وكنت أصمم على أن يعطى أهله أى مال ربما كان ذلك لأننى كنت أصغر منه بخمسة عشر سنة، وكنت جميلة جدا وكان هو يحبنى حبا شديدا ولا يؤخر لى أى طلب.
وقالت الحاجة ثريا: إنه بلغ بها حب التملك أن أصرت على أن يخرجا للنزهة وكانت شقيقته الكبرى مريضة ولم تأبه بذلك، وربما كان استحواذها عليه يعول إلى أنه كان يعمل بحقل بترول فى البحر الأحمر ولا يعود إلى بيته إلا أسبوعا واحدا كل شهر، وخلال تلك الإجازة كانت تصمم على ألا تتركه دقيقة واحدة لأهله أو لأصدقائه، وزادت حدة ذلك الاستحواذ بعد أن أنجبت له ابنا جميلا صار كل حياته، ثم حدث أن توفيت أخته وهو مسافر، وعندما ذهبت للعزاء قابلها أهله مقابلة غاضبة، فقررت أن تقاطعهم بالكامل وفعلت ذلك ولم ترهم ولم يرونها حتى اليوم، ثم كانت المفاجأة التى زلزلتها تماما ولم تكن تتوقعها !!
***
واستطردت الحاجة ثريا.. وجدت زوجى يفتح الباب ويدخل قبل موعد إجازته بكثير! ووجدته شاحبا حزينا وجريت عليه، وقال إن العمل قد توقف فى حقل البترول مؤقتا، وأنه آثر أن يعود إلينا حتى يتم البت فى الأمر وجلس يناجى ابنه ويتظاهر بالسعادة وقلبى يحدثنى بأن فيه حاجة غلط !! وتبين أن زوجى أصيب بجلطة فى القلب وأنه ظل فى المستشفى هناك، وأخذ إجازة طويلة حتى يشفى من مرضة !
***
وتستطرد الحاجة ثريا.. وطبعا انغلق صنبور المال والفسح والذهب والملابس، ونقل زوجى إلى وظيفة بإدارة الشركة بالقاهرة بأجر يبلغ ثلث أو ربع أجره فى الموقع بالبحر الأحمر، لكن الأمور كانت تسير طبيعية، وكبر ابنى الوحيد الذى لم أنجب غيره وأصر والده على أن يتزوج فى نفس الشقة الكبيرة المطلة على النيل حتى لا يتركنى بمفردى، ورحل زوجى عن الدنيا وتركنى مع ابنى الوحيد الذى عين مهندسا فى نفس الشركة التى كان يعمل بها والده واختاره ابنى عروسه بنفسه، وهى من أسرة طيبة لكنها إنسانة مهملة وليست ربة بيت صالحة، فهى لا تشرف على نظافة البيت ولا الطهى ولا أى شىء سوى أن تغلق باب غرفتها هى وابنى ساعات طويلة بل أحيانا طوال اليوم بدون أى اعتبار لأى مخلوق آخر بالبيت! وزاد الطين بلة أنها أقنعت ابنى بوجوب عدم تدخلى فى شئون البيت لأننى «أطفش » الخدم وأشتمهم فيتركون الخدمة والبيت محتاج لهم، وقالت لى بصريح العبارة فى مواجهة ابنى..
- حضرتك تقعدى معززة مكرمة فى حجرتك والأكل نحضره لحد عندك وما لكيش دعوة بأى حاجة ولا تتكلمى مع الخدم ولا مع السائق، والأحسن تخليكى فى حالك!! هكذا !!
***
وتستطرد الحاجة ثريا .. ونظرت فى وجه ابنى الوحيد الذى كتبت كل ميراثى من أهلى وكل ميراثى من والده باسمه فوجدته يقول لى:
- يا ماما إيمان مراتى عاوزة تريحك ومش عاوزة تزعلك! وهي مسئولة عن كل شىء فى البيت ولما تعوزى أى حاجة بس قوليلى !!
***
وبكت الحاجة ثريا وهى تقول .. صحيح كما تدين تدان ولو أن لى شقة خاصة غير شقة الزوجية التى أعيش فيها لتركت لهما البيت وحافظت على كرامتى، وتذكرت كيف منعت والده من رؤية شقيقتيه، وكيف كانت روح التملك والغيرة من أهله تغمرنى وهذا هو انتقام الله سبحانه وتعالى منى فى الدنيا وما بالك فكيف سيكون فى الآخرة.
***
يا حاجة ثريا .. فعلا كما تدين تدان وهذه نصيحة لكل الناس وأنت لم تتركي لى مجالا لعتابك فقد قلت كل شىء نيابة عنى، أرجو أن تتفاهمى بالرقة والذوق مع ابنك وزوجته فهما يعيشان فى شقتك وبدونهما تقتلك الوحدة الحقيقية وأنت فى سن تحتاج إلى الصحبة والألفة والونس، ابنك يحبك وعن طريق حسن المعاملة تكسبين زوجته واشغلى نفسك بعمل الخير أفضل كثيرا.
ساحة النقاش