يحرص كل من الوالدين على تربية أبنائهما تربية سليمة وصحية تجنبهما المشكلات النفسية والاجتماعية التى قد تنشأ عن أساليب تربوية خاطئة، ومن الطفل الأول إلى الثانى تزداد خبرتهما فى التعامل مع الأطفال وكيفية مواجهة السلوكيات السلبية التى قد تظهر على تصرفاتهم، لكن هل يختلف الأسلوب التربوى الذى نتبعه لتنشئة اطفالنا من الطفل الأول إلى «آخر العنقود »؟ هذا ما حاولنا الإجابة عليه فى جولتنا التالية..
فى البداية تقول إيمان أشرف، 33عاما: لم أجد في رعاية ابني الأكبر صعوبة نظرا لهدوء طباعه, لكن الثانى يتسم بصفات مغايرة تماما حيث يحب تملك كل الأشياء, ما دفعنى للقرأة كثيرا حول الأساليب التربوية واستخدام كافة الطرق التقليدية والحديثة لكننى لم أنجح فى تغييره, ولا أعرف السبب هل بسبب اهتمامي بأخيه أثناء الدراسة وقضائي وقت طويل معه؟
ويقول محمد عبدالغني، 35عاما: التعامل مع البنت أسهل بكثير من الولد, فالفتاة تستجيب لأوامري دون نقاش, بينما يحتاج الولد إلى الحوار لإقناعه بما أريده أن يفعل، كما أن الفتاة لا تتسبب فى مشكلات مع أحد, بينما الولد يختلقها حتى مع أقاربه.
أما ثريا إسماعيل، 40عاما فترى أن الطفل الأصغر يحتاج إلى رعاية أكثر من الأكبر الأمر الذى قد يكون سببا فى شعور الثانى بالغيرة التى تتسبب فى كافة المشكلات من عنف وعناد، قائلة: أصبحت ابنتى الكبرى أكثر عنفا وعصبية وغيرة بسبب اهتمامي بأختها الصغرى رغم أننى لا أفرق بينهما، لكننى أرى أن الصغرى فى حاجة إلى رعاية واهتمام أكثر منها.
الأول أكثر حظا وحبا
يعلق د. جمال شفيق أحمد، أستاذ علم النفس الإكلينيكي للأطفال بقسم الدراسات النفسية للأطفال بكلية الدراسات العليا للطفولة جامعة عين شمس، على الآراء السابقة فيقول: يحظى الطفل الأول بالكثير من الحب والاهتمام والرعاية والاستقبال السعيد من الوالدين فهو أكثر حظا من الثاني, بجانب حرص الوالدين على شراء كل ما هو جديد من ملابس ومتعلقات خاصة له، بينما يرتدى الثاني ملابس الأكبر منه فيما بعد رغم أنها قد لا تكون مناسبة له, بالإضافة إلى أن المعاملة قد تختلف فعند اتباع الأكبر سلوك خاطئ يسامح عليه بينما يلام الأصغر على نفس الخطأ.
ويضيف: تتناول بعض الأسر الحديث عن الطفل الأكبر بالمدح والثناء ما يشعر الثاني بالغيرة والنقص والإهانة وعدم القيمة, بل الأخطر من ذلك عدم الشعور بالحب والعطف، لذا لابد من مراعاة احتياجات الطفل النفسية خاصة خلال مرحلة الروضة حيث يزداد خلالها الشعور بالغيرة التى يصاحبها عدد من السلوكيات كالكذب الادعائي أو التعويض باتهام أخيه بأشياء لم يفعلها للانتقام منه كحيلة نفسية دفاعية، وعند التحاقه بالمدرسة يتحول هذا الشعور إلى معلمه أو زملائه بجانب إصابته ببعض الاضطرابات العضوية والنفسية كفقدان الشهية أو الأكل بشراهة, بجانب نوبات الإسهال والمغص وعدم القدرة على التركيز ومص الأصابع وقضم الأظافر وشد الشعر وأحيانا جرح أجزاء من جسده وتحطيم ممتلكاته والآخرين أو إخفائها, بالإضافة إلى القلق والاكتئاب والانطواء والشعور بالوحدة والتبول اللاإرادي والتلعثم.
وينصح د. جمال الأم بأن تعامل كل طفل حسب ما يتناسب مع عمره ودرجة وعيه وإدراكه للمواقف التي تواجهه دون إفراط في التدليل أو الحزم فكلاهما يخلق شخصية مضطربة يصعب تعديلها أو علاجها, بالإضافة إلى اتباع سلوك الثواب والعقاب مع البعد عن التوبيخ والضرب.
التجربة الناضجة
يرى د. أحمد البهي، أستاذ علم النفس التربوي بكلية تربية نوعية جامعة المنصورة، أن أسلوب التربية يختلف باختلاف جنس المولود والعادات والتقاليد المتوارثة، لافتا إلى أن ذلك الاختلاف قد ينشأ عنه بعض السلوكيات الخاطئة كالعناد والثقة الزائدة والرغبة فى الانتقام.
أما د. حسن شحاتة، أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة عين شمس فيقول: يعد الطفل الأول حقل تجارب يتعلم من خلاله الوالدان كل شيء في التربية منذ أشهر الحمل الأولى حتى الولادة إلى أن يكبر, أما الطفل الثاني فيكون بمثابة التجربة الناضجة التى تجنبوا خلالها أخطاء التربية التي ارتكبوها في حق الأكبر دون أن يشعروا ويركزوا معه على الشيء الجيد ما يجعله أسعد من الأول.
ويتابع: يجب تعويد الأخوة على أهمية الحوار المتبادل بينهم, وتعاملهم كأشخاص ناضجين دون توجيه أو أوامر مباشرة، ويمكن الاعتماد على القصص والحكايات خاصة الوطنية لتدعيم انتمائه لوطنه, مع دعم القيم الأخلاقية مثل الصدق والأمانة وحب العمل، بالإضافة إلى احترام رأيهم وقراراتهم وتنفيذ الوعود معهم وتعليمهم ثقافة الاعتذار والاستقلالية.
ساحة النقاش