أصوات مرتفعة، ومشاعر غاضبة، وأعصاب مشدودة.. هذا هو حال الكثير من الأمهات بسبب تصرفات أبنائهن وإصرارهم على العناد فى مختلف المواقف، فكيف تتعامل الأم مع هذا السلوك الذى أصبح سمة غالبة على الأطفال، وهل يجدى أسلوبا الأمر والإجبار فى دفع الطفل للتخلى عن هذا السلوك أم هناك طرق علمية للتعامل مع ذلك؟
هذه التساؤلات وغيرها الكثير حملناها إلى خبراء التربية وعلم النفس للتعرف على الطريقة الصحيحة للتعامل مع العناد لدى الأطفال..
فى البداية تقول راندا عاطف، ربة منزل وأم لولدين: أولادي عنيدون بشكل كبير والتفاهم بيننا يكاد يكون منعدما، لا يستجيبون للنصائح حتى صار الصوت المرتفع يسيطر على حياتنا ما أصابنى بارتفاع ضغط الدم والصداع المزمن.
وتقول ريهام عبدالعظيم، صيدلانية: أنا أم لابنة فى الرابعة من عمرها ولا أستطيع التعامل معها بسبب عندها الدائم، وأعتقد أن السبب هو التدليل الزائد من جديها الأمر الذى جعل حالتي النفسية سيئة جدا.
أما منى عبداللطيف، محاسبة فتقول: رزقني الله بتوأم الأمر الذى يضاعف من معاناتى بسبب عندهما، بالإضافة إلى عدم تفهمها للظروف الاقتصادية التى أمر بها خاصة بعد انفصالى عن والدهما، وحقيقة أعاني معاناة شديدة في التعامل معهما ولا أعلم ماذا سأفعل عندما يكونا في سن المراهقة؟
التفاهم والإقناع
معاناة الأمهات مع عند الأطفال أصبحت مشكلة كبيرة ومنتشرة ولا تقتصر فقط مع الأبناء في سن المراهقة بل أصبحت من سن صغيرة فكيف يمكن للأمهات التعامل مع هذه المشكلة؟
تقول د. سهير صالح، أستاذة التربية بكلية التربية النوعية جامعة القاهرة: بداية يجب التفرقة بين العند لدى الأطفال وما إذا كان أمرا عارضا أو بسبب إحساسه بالإهمال أو وجود أخ جديد له يشعر بالغيرة منه فيحاول لفت الانتباه عن طريق العند مع الأبوين، فالعند المرضي أو الناتج عن مشكلة نفسية يكون جزءا من شخصية الطفل والذي قد يتطور إلى عنف وعدوانية، والحل الصحيح في التعامل مع الطفل العنيد هو الإقناع في كل المواقف وعدم فرض الرأي أو إعطائه أوامر بل الناقش والتفاهم معه وتفنيد السلبيات والإيجابيات وحثه بطريقة لطيفة على اتخاذ قرار صحيح دون أي عنف أو توجيه حاد .
التعامل الخاطئ
هل العند سلوك مكتسب أم يرثه الأبناء من الآباء؟ تجيب على هذا السؤال د. رحاب العوضي، أستاذ مساعد علم النفس السلوكي قائلة: يرجع العند لدى الأطفال إلى التعامل الخاطئ لبعض الآباء والأمهات مع أطفالهم، وعدم معرفتهم الكيفية الصحيحة للتعامل في المواقف المختلفة, ومن أهم هذه الأخطاء الشائعة التي تزيد من عند الأطفال هو تضارب الأوامر من قبل الأب والأم لنفس الموقف أو سلبية أحدهما تجاه فعل خاطئ، وكذلك العنف الزائد خاصة في توجيه الأوامر والخطاب مع الأطفال، بجانب عدم وجود عاطفة أو حنان فى التعامل مع الأطفال.
درجات العند
أما عن درجات العند لدى الأطفال فتقول د. إيمان عبدالله، استشاري العلاقات الأسرية: يظهر العند عند الطفل من عمر سنتين خاصة بعد الفطام حيث يجرب الطفل اتخاذ القرارات بمفرده مثل مأكله ومشربه وهذه المرحلة طبيعية وتعد من درجات العند البسيط ويجب أن تعي الأم كيفية التعامل الصحيح وبهدوء معه ومحاولة إقناعه وتدريج القرارات له ومحاولة شرح مراحلها حتى لا تتأثر شخصية الطفل بأي عنف في التعامل معه فتؤثر بالسلب عليه فيما بعد، أما درجة العند المتوسط عندما يكون الطفل عنيدا في مكانين مختلفين في نفس الوقت مثل البيت والمدرسة معا لكنه لا يستمر مدة طويلة متصلة وبالإرشاد والإقناع يمكن احتواء العند، ويبلغ العناد أقصى درجاته وهو ما يسمي باضطراب العناد عندما يستمر لمدة ستة أشهر متتالية وفي أكثر من ثلاثة أماكن معا، عندها يجب اتباع أسلوب الإطفاء معه بمعنى التركيز مع أي سلوك إيجابي والتغاضي عن السلبي وإعطاء الطفل مسئوليات بسيطة تقلل من العناد لديه.
وتضيف: تعتقد بعض الأمهات أن من حسن الأدب والتربية طاعة الأبناء لها وتنفيذ الأوامر لكن الحقيقة أن الطفل الذي ينشأ بهذه الطريقة يكون غير سوى نفسيا وعندما يكبر لا يستطيع الاعتماد على نفسه ولا اتخاذ قرارات لذلك من الطبيعي أن يكون الطفل له شخصية واستقلالية، لذا أنصح باتباع أسلوب التفاهم معه ووضع اختيارات محددة للطفل يخير بينها.
ساحة النقاش