كتبت : ابتسام أشرف
"جرب نار الغيرة وقولى" كلمات شدت بها الفنانة وردة لتعكس مدى توهج حرارة الحب الذى يتولد منه نار الغيرة التى تشعر الحبيبين بدفء مشاعرهما وجمال أحاسيسهما، إلا أن تلك النار قد تتوقد ليحرق شرارها المتطاير أى مشاعر تجمع بين حبيبين ليتأكد معها أن لكل شيء حدودا إذا تجاوزها انقلبت على صاحبها..
قصص حب كانت الغيرة الشرارة الأولى لبدايتها وكذا النار المستعرة التى قضت على أحلام أبطالها التى نسجوها سويا نستعرضها وآراء عدد من المختصين فى السطور التالية..
البداية مع سهيلة كمال، مهندسة، والتى تحكى تجربة صديقتها التي تزوجت أثناء دراستها في الجامعة على وعد من زوجها باستكمال دراستها إلا أنه أخلف وعده بحجة أنه يغار عليها من زملائها فى الجامعة، ووصلت غيرته العمياء – حسب وصفها – إلى إجبارها على ارتداء النقاب قائلا لها "حتى لا يراك غيرى"، كما منعها من زيارة أهلها بحجة أنها تتعامل مع أولاد خالتها بود، ما دفعها إلى الهرب من "سجن الزوجية" ورفع دعوة خلع لتتنازل معها عن كل حقوقها.
وتقول نورهان عاصم، ربة منزل: كانت الغيرة سبب خلافات كثيرة بينى وزوجى الذى منعني من العمل رغم حصولى على فرصة للعمل كمعلمة بوزارة التربية والتعليم، وبعد خلافات تنازلت عن حقى فى العمل للحفاظ على أسرتى وأبنائي.
ويروي سامح أمين، محاسب قصته مع زوجته التي بدأت منذ أكثر من 15عاما قائلا: عشت وزوجتى قصة حب يحكي عنها كل من يسمعها، وبعد عام من الارتباط وقبل إتمام الزواج اكتشفت أنها نفس شخصية الفنانة ميرفت أمين في "البعض يذهب للمأذون مرتين" تقتلها الغيرة، حتى أنها كانت تتبع خطواتي كما لو أنني طفل صغير إذا نظرت دون قصد لامرأة تغضب، ولأننى أحبها اتفقت معها على ضرورة أن تكون هناك ثقة متبادلة بيننا، وأصبحت أكشف كل أوراقي لها طوال الوقت، وبعد مرور 13 سنة زواج بين الحين والآخر تعود إليها تلك الصفة لكننا سرعان ما نسترجع قواعدنا.
ويقول محمود الوسيبي، معلم: تستمع زوجتي طوال الوقت لصديقاتها، فواحدة زوجها خانها والأخرى ترى الرجال جميعا خائنين، وبين هذه وتلك أحاول إثبات صحة كلامي وتصرفاتي، إلا إنها تشك فى كل أفعالى وتظن أننى أخونها مع أخرى، وهو ما دفعها للمحاولة لتحصل على فرصة عمل بالمدرسة التى أعمل بها حتى تتمكن من مراقبتى لكنها لم تفلح، ورغم معرفتى أن حبها لى وراء أفعالها إلا أننى أشعر بالضيق من وقت لآخر.
للحب أصول
يعلق محمد هاني، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، على القصص السابقة قائلا: تعد الغيرة أحد أنواع الاهتمام ودليل قاطع على الحب ولها تأثير عظيم في نفس المرأة، لكنها في بعض الأحيان تتحول إلى تسلط وأنانية وتحكم في أبسط الأمور وقد تتسبب فى تدمير العلاقة، ولتجنب ذلك يجب توجيه الطرفين لحلول علاجية وإيجاد خلق حالة من الثقة بينهما لإنجاح العلاقة، مع تعزيز الحب والمودة بينهما وكسر العند والتحكم والوصول لحل يرضي كليهما.
وينصح هانى الطرف الذى يعانى غيرة شريكه بالتزام الصراحة والمكاشفة معه حتى يقضى على أى شكوك قد تنشأ فى نفسه، وتجنب إخفاء أى أمور قد تثير غيرته، وعدم استفزازه، والندية في العلاقة والمقارنة.
أرجعت د. عزة فتحي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، الغيرة السلبية والمدمرة للعلاقات إلى التربية وتقبل الشخص لذاته وثقته في نفسه وشريكه، وتقول: لابد أن نعلم أولادنا منذ الصغر احترام الذات والآخر ونعطى له مساحته والتماس الأعذار، وعلى من يشعر بالغيرة تقويم نفسه عن طريق هندسة الذات الشخصية كأن يضع الأسرة نصب عينيه، لأن الشك فقط في الطرف الآخر كفيل بأن يصل بالعلاقة لحائط سد، معولة على دور الإعلام في تثقيف الأسرة ووضع أسس وقيم أسرية، ومساعدة الزوجين على إيجاد وسيلة تفاهم وتواصل بينهما.
تقافة ذكورية
أما بسمة سليم، أخصائية نفسية وتعديل السلوك فتقول: قد يكون الأشخاص الذي يعانون الغيرة الزائدة أو السلبية مصابين باضطراب الشخصية الوسواسية فهم لديهم شك في الأصل في كل من حولهم، أو لديهم عقد نفسية لها علاقة بنشأتهم، أو تعرفوا على العديد من النساء في السابق غير جاديرات بالثقة، لذا أنصح الطرف الآخر دائما بالوضوح وعدم إثارة غيرة شريكه ومراعاة مشاعره.
وتتابع: عالج الفن قضية الغيرة بين الأزواج وبين كيف يمكن أن تتسبب فى إنهاء العلاقة وكتابة النهاية لها كما فى فيلم "كرامة زوجتي" الذى تعمدت فيه شادية استثارة غيرة زوجها الخائن متصنعة خيانتها له ما دفعه لتطليقها، ليؤكد المؤلف فى هذا العمل أن الخيانة حق للرجل فى المجتمع الشرقى دون المرأة التى لا يحق لها إثارة غيرته نحوها.
ساحة النقاش